نحّاس يرى المشاكل بنيوية... وشطح يعوّل على تحويلات المغتربين
تواجه الحكومة المقبلة، حتى قبل ولادتها، امتحاناً عسيراً يتمثّل في دَين عام باهظ سيتخطى خمسين مليار دولار هذا العام، وميراث ضخم راكمته الحكومات المتعاقبة عبر سياسات اقتصادية ومالية سيئة، زادت من وهن الأوضاع المعيشية، ووسعت الفجوة الاجتماعية بين المواطنين، كذلك صقلت القطاعات الإنتاجية بالإهمال، وأحياناً كثيرة بمحاولات لتقويض بنيتها عبر إضعافها بإجراءات ضريبية وجمركية وسلوكيات دعم استنسابية داخل القطاع الواحد! وفيما يشكك الخبير الاقتصادي شربل نحاس بقدرة الحكومة المقبلة على توظيف الزيادة في السيولة الناتجة من ارتفاع الودائع المصرفية 20% على أساس سنوي، لا يزال وزير المال في حكومة تصريف الأعمال محمد شطح يعوّل على تحويلات المغتربين المالية للبنان، مشيراً إلى أن هذا الموضوع، إضافة إلى القطاع المصرفي، من مصادر القوة للاقتصاد اللبناني!
ورغم توقعات البنك الدولي التي تفيد بأن لبنان سيحقق نمواً نسبته 4 في المئة نهاية عام 2009، إلا أن المؤشرات الاقتصادية سالبة في معظم القطاعات، كذلك فإن نسبة الدين هي من أعلى النسب في العالم. ومن جهة أخرى، تفيد التقديرات بأن العجز السنوي سيصل خلال العام الجاري إلى أربعة مليارات دولار. وفي هذا الإطار، يرى نحاس أن «الحكومة المقبلة سترث تركة مزدوجة». ويشرح في حديث مع وكالة فرانس برس أنه من جهة ستتوافر لهذه الحكومة كمية كبيرة جداً من السيولة تحول دون مواجهتها على الفور أزمة مالية، وتحول دون شعورها بالحاجة إلى تمويل خارجي. ومن جهة أخرى سترث دَيناً عاماً باهظاً إضافة إلى مشاكل بنيوية مرتبطة بالعجز العام وبقلة الاستثمارات وبالهجرة الواسعة للكفاءات. ولا يرى نحاس أن الوضع مطمئن، إذ يقول إن «الأمل محدود»، معرباً عن خشيته من اللجوء إلى خيار سهل يتلخص بـ«الاستفادة من تدفق السيولة المفاجئ للمحافظة على الوضع النقدي القائم».
أما وزير المال في حكومة تصريف الأعمال، محمد شطح، فشدد على ثقته بالأوضاع المالية. وأوضح لوكالة فرانس برس أن «مصادر قوة الاقتصاد موجودة هنا»، مشيراً بذلك إلى القطاع المصرفي وإلى حجم التحويلات الكبير من اللبنانيين المغتربين والعاملين في الخارج إلى لبنان، ويضيف شطح: «إذا تمكنّا من تأليف حكومة تعمل أفضل من الحكومة الحالية، يمكننا أن نحقق نوعية أفضل من النمو بنسبة أكبر»، لافتاً إلى أن الدول الأجنبية المانحة ربطت منذ البداية مساعداتها للبنان بتحقيق إصلاحات ضرورية في البنية الاقتصادية، لكن هذه الإصلاحات لم تتحقق بسبب الأزمات السياسية المتوالية وشلل الحكومات المتعاقبة.
ورأى شطح أن اتفاق الدوحة الذي تحقق في أيار من عام 2008، بانتخاب رئيس للبلاد بعد فراغ استمر ستة أشهر في سدة الرئاسة الأولى، وبتأليف حكومة وحدة وطنية أعطت للأقلية النيابية المطلب الذي تمسكت به، فحصلت على ما يسمى «الثلث الضامن» أو «الثلث المعطل» في الحكومة الذي يسمح بالتحكم في القرارات الأساسية. ويرى شطح أن «سياسة تقسيم الحكومة ومشاركة الأقلية فيها أسلوب غريب لحكم البلاد، أسهم إلى حد كبير في فشل هذه الحكومة».
ويعرب الوزير شطح عن تفاؤله بقدرة الحكومة المقبلة على اتخاذ تدابير فعالة لمواجهة العجز، فيما لا يبدو نحاس واثقاً من أن هذه الحكومة ستتمكن من الاستفادة من حالة الازدهار الحالية لامتصاص الدين العام.
(الأخبار)