مهدي السيدغداة رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو «تجميد الحياة» في مستوطنات الضفة الغربية، جاء الرد سريعاً من الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي كرر دعوته الحكومة الإسرائيلية إلى تجميد الاستيطان.
دعوة أوباما هذه ترافقت مع حملة تبادل رسائل بين الطرفين الأميركي ـــــ والإسرائيلي لم تخل من تهديدات واتهامات، ومع أجواء توحي بأن مسار الأمور بينها يسير نحو التصادم، وأن زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك إلى الولايات المتحدة لم تفتح كوة في جدار الخلاف، وهو ما عكسه الحديث عن زيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، إلى المنطقة الأسبوع المقبل بغية الحصول من نتنياهو على أجوبة واضحة عن المطالب الأميركية من مسألتي تجميد الاستيطان والاعتراف بحل الدولتين.
ففي تصريحات وُصفت بأنها متصلبة تجاه إسرائيل، تحدث أوباما قبل مغادرته إلى الشرق الأوسط، عن ضرورة إبداء بعض الحزم حيال إسرائيل في ما يتعلق بإقامة دولة فلسطينية وحركة الاستيطان في الضفة الغربية.
موقف أثار قلق العديد في الأوساط الإسرائيلية، وخاصة أنه ترافق مع تأكيدات أميركية من كبار المسؤولين الأميركيين أشاروا فيها إلى أن أوباما وإدارته يتعاملان بجدية مع مطلب تجميد إسرائيل للأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وفق ما ذكرته صحيفة «هآرتس»، التي نقلت عن المسؤولين الأميركيين قولهم إن «إدارة بوش لم تبلغنا بوجود تفاهمات شفهية مع إسرائيل في موضوع المستوطنات. والإسرائيليون يريدون أن نلتزم بتفاهمات شفهية لم نسمع بها، لكنهم ليسوا مستعدين للالتزام باتفاقيات مكتوبة وقعتها حكومة إسرائيل وبينها خريطة الطريق».
وما زاد الطين بلة بالنسبة إلى الإسرائيليين، ما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» من تصريحات منسوبة إلى مستشار لأوباما، تفيد بأن الإدارة الأميركية تفكر في اتخاذ خطوات عملية للضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان، بينها الامتناع عن استخدام حق النقض على قرارات مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل واشتراط التأييد الأميركي للدولة العبرية في الأمم المتحدة بتجميد كل الأنشطة الاستيطانية، الأمر الذي نفاه ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية.
ولم يقف المسؤولون الإسرائيليون مكتوفي الأيدي، فقد عقّبوا بغضب على الأقوال الأميركية. ونقلت «يديعوت أحرونوت» عن هذه المصادر قولها: «نحن نتوقع من أوباما أن يحترم تعهدات أسلافه بالنسبة إلى حق إسرائيل في مواصلة البناء في الكتل الاستيطانية ولأغراض الزيادة الطبيعية».
وفي السياق، انتقد وزير البيئة، جلعاد أردان، المقرب من نتنياهو، مطلب أوباما تجميد الاستيطان. وقال، للإذاعة الإسرائيلية إنه «حين يطلب الرئيس الأميركي تجميد الاستيطان، فهو يبتعد عن التفاهمات التي أبرمتها إسرائيل مع سلفه بوش».
ولم تستبعد محافل سياسية إسرائيلية، بحسب «معاريف»، أن يكون الضغط الأميركي يرمي إلى التدخل في السياسة الإسرائيلية وتغيير تشكيلة الائتلاف.
تجدر الإشارة إلى أن استمرار التوتر بين الطرفين يأتي على الرغم من الجهود التي يبذلها إيهود باراك خلال لقاءاته مع المسؤولين الأميركيين في واشنطن للتوصل إلى حل وسط يرضي الطرفين في موضوع الاستيطان، حيث عقد لهذه الغاية لقاء مع ميتشل، الذي أوضح أن إدارة أوباما ليست مستعدة للعودة إلى التفاهمات السابقة بين إدارة بوش وحكومتي شارون وإيهود أولمرت، التي مكنت إسرائيل من مواصلة أعمال البناء في المستوطنات.
وبحسب «هآرتس»، فإن ميتشل أوضح لباراك أن هذا الموقف الأميركي نابع أيضاً من عدم استعداد حكومة نتنياهو للاعتراف بمبدأ الدولتين للشعبين لحل الصراع الإسرائيلي ـــــ الفلسطيني. كذلك شدد على أن الولايات المتحدة لا تقبل الذريعة الإسرائيلية المتعلقة بـ«النمو الطبيعي» لتبرير استمرار أعمال البناء في المستوطنات.
وذكرت الصحيفة أن واشنطن طالبت إسرائيل بوقف إجراءات لبناء فندق ومركز تجاري من ضمن مخطط استيطاني على بعد نحو 100 متر عن أسوار القدس الشرقية، يصفه الإسرائيليون بـ«الحوض المقدس».