محمد زبيبانتهت الانتخابات، وأعلن الجميع، أو معظمهم، قبولهم بنتائجها، وكان يمكن أن يكون ذلك كافياً للدلالة على سلوك «ديموقراطي» مزعوم، إلا البعض، من الفائزين والخاسرين، بالغ كثيراً في نعت العملية الانتخابية بـ«النزيهة» و«السليمة»، بل ذهب إلى أبعد من ذلك بتوجيهه «الشكر» إلى وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية والعسكرية على عدم تدخّلها الظاهر والعلني في هذه العملية، وكأن ذلك يُثبت «حيادية» أصحاب السلطة، وهم لم يكونوا مضطرين، هذه المرّة، إلى التدخّل المباشر للتأثير على النتائج إلا من خلال تطويع القانون وتفريغ الإجراءات من أي معنى أو مضمون جدّي وتجاهل كل المخالفات على صعيد الإنفاق الانتخابي المباشر أو غير المباشر والرشى والتجييش الطائفي والمذهبي واستخدام الدعاية الانتخابية المخادعة والتحريضية...
فهذه الانتخابات كانت من «أفسد» الانتخابات بسبب الأموال الخيالية التي صرفها كل الأطراف من دون استثناء، قبل الحملات الانتخابية وعمليات الاقتراع وأثناءها وبعدها... وكانت مذلّة بسبب طابعها المذهبي الذي يجافي أبسط قواعد التمثيل الصحيح، وقانونها المشين الذي قاصص من سعى إليه قبل أن يقاصص من عارضه.
قد لا يمضي وقت طويل قبل أن يكتشف اللبنانيون أن هذه الانتخابات كانت الأسوأ في تاريخهم... وذلك ليس بسبب فوز هنا أو خسارة هناك، بل لأن «الدولة» أصبحت بعيدة المنال، أبعد بكثير مما كانت تبدو في السابق.