تنتشر الإعلانات على الطرقات للاحتفال بوصول أولى طائرات إطفاء الحرائق إلى لبنان. تقول هذه الإعلانات «إجونا من السما»، كأن في الأمر فعلاً إلهياً. هكذا أراد الله أن ينقذ ما بقي من مساحات حرجية في لبنان ويعيده «أخضر دايم» بعد أن تراجعت هذه المساحات من 27% إلى أقل من 7% للأسف.«إجونا من السما» لا من الحكومة التي تقاعست على مدى السنوات الماضية عن تأدية وظائفها، واستكثرت إنفاق مبلغ لا يتجاوز 13 مليوناً و875 ألف دولار هو السعر الإجمالي لثلاث طائرات مروحية مخصصة لإطفاء الحرائق وخمسين سيارة إطفاء رباعية الدفع لمديرية الدفاع المدني.
نعم، رفضت الحكومات المتعاقبة إنفاق مبلغ زهيد من أجل مكافحة الحرائق، تماماً كرفضها دعم الفئات الفقيرة التي تضطر إلى اللجوء إلى وسائل التدفئة البدائية، ما يشجّع بعض المنتفعين المحميين سياسياً على افتعال الحرائق لمدّ الأسواق بالفحم الحرام.
كل ذلك، لأن هذه الحكومات لا تريد اعتماد سياسات إعادة توزيع تسمح بالإنفاق حيث يجب الإنفاق وجباية الضرائب من حيث يجب جبايتها، وتعود فتتغنّى بكرم بعض الأثرياء والمصارف والشركات على تبرّعها بمبلغ 15 مليون دولار لشراء الطوّافات والسيارات.
هناك حالياً 4200 متطوّع في الدفاع المدني والإطفاء لا ينالون أبسط حقوقهم، من بينهم 35 مستخدماً فقط في الملاك... فقد يأتي يوم لا نجد من يقود هذه الطائرات والسيارات عند اندلاع الحرائق، وتأكّدوا أن بعض «الجهابذة» سيهتفون عندها «هيّا إلى الخصخصة» فالدولة إطفائي فاشل.
(الأخبار)