Strong>فتح ملفات انتهاك حقوق الإنسان في السجون والمعتقلات العراقيةلم يكن اغتيال رئيس الكتلة البرلمانية لـ «جبهة التوافق» العراقية، حارث العبيدي، أمس، حادثاً عادياً في بلد التصفيات والقتل الجماعي. اغتيال بدا أشبه بانتقام سريع من الرجل الذي خصّص ولايته النيابية لشن حملات هوجاء ضدّ انتهاكات حقوق الإنسان في السجون العراقية

بغداد ــ زيد الزبيدي
شهد العراق، أمس، اغتيالاً لشخصية تُعَدّ من بين الأهم في قائمة السياسيين الذين جرت تصفيتهم في العراق المحتل. فقد قُتل رئيس الكتلة البرلمانية لـ«جبهة التوافق»، حارث العبيدي، بعد خطبة الجمعة التي ألقاها في جامع الشوّاف في منطقة اليرموك، والتي خصّصها للحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان في السجون والمعتقلات العراقية، ووجّه خلالها سهامه ضدّ الاعتقالات العشوائية التي يتعرض لها العراقيون بمجرد إشارة من «المخبر السري».
وقد شنّ العبيدي خلال الأيام الماضية، مع عدد من زملائه، حملة برلمانية ضد انتهاكات حقوق الإنسان، بلغت حدّ مطالبته، أول من أمس، بتأليف لجنة لاستجواب المسؤولين عن ملفات المعتقلات والسجون، وخصوصاً المسؤولين عن الاعتقالات داخل مقارّ الأفواج الأمنية، من دون مذكرات توقيف، أو بمذكرات «صوَرية وكيدية».
وتذكّر تصفية العبيدي، وهو نائب رئيس اللجنة البرلمانية لحقوق الإنسان، بما تعرّض له النائب محمد الدايني، الذي اتهم بالإرهاب، وسحبت منه الحصانة، بعدما كشف الكثير من الممارسات اللاإنسانية داخل السجون والمعتقلات الحكومية العراقية.
وقُتل خمسة أشخاص، بينهم العبيدي، وأصيب 12 آخرون في عملية اغتياله، بعدما دهم مسلّح المسجد. وقال مصدر عراقي إن «فتى في الخامسة عشرة من العمر تقريباً، اقتحم المسجد، وتوجّه مباشرة إلى العبيدي واغتاله هو وأحد عناصر حمايته، ثم ألقى قنبلة يدوية على الأشخاص الذين أحاطوا به قبل أن يحاول الفرار، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 12 آخرين بجروح». غير أنّ الفتى القاتل سقط قتيلاً على أيدي عناصر الأمن لدى محاولته الفرار.
وفي وقت لاحق، كشفت قيادة عمليات بغداد أن الشخص الذي نفّذ عملية اغتيال العبيدي يدعى أحمد جاسم إبراهيم، من مواليد 1984.
وحاولت بعض الجهات إلصاق تهمة الاغتيال بتنظيم «القاعدة» من خلال الإعلان عن وجود عمل «انتحاري»، إلّا أنّ كثرة الشهود غيّرت الاتجاه.
وفي عهد الرئيس الراحل صدام حسين، وفي بداياته كخطيب وإمام مسجد الصدّيق في منطقة السيدية في العاصمة، كان العبيدي من القلة بين رجال الدين الذين يوجهون الانتقادات الصريحة إلى الحكم آنذاك.
ووُلد العبيدي في بغداد عام 1961، وحصل على شهادة الدكتوراه في الفقه المقارن من كلية العلوم الإسلامية في جامعة بغداد. عمل مدرساً جامعياً في كلية تربية ابن رشد ـــــ قسم اللغة العربية في جامعة بغداد.
سياسياً، عرف حارث العبيدي بأنه من قادة «مؤتمر أهل العراق»، الذي يرأسه عدنان الدليمي، واختارته «جبهة التوافق» في الثالث من أيار الماضي رئيساً لكتلتها النيابية خلفاً لأياد السامرائي، الذي انتُخب رئيساً لمجلس النواب.
ولم تظهر لدى العبيدي حدة في المواقف، إلا في الآونة الأخيرة عندما تصدّت لجنته البرلمانية لانتهاكات حقوق الإنسان، التي قال إنه «لا يمكن السكوت عليها»، إضافةً إلى مطالبته بتشريع قانون «حق البريء»، الذي يلزم الحكومة بدفع تعويضات عن كل يوم اعتقال للذين لا تثبت عليهم تهم محددة. ويبدو أنّ الحزب الإسلامي العراقي، الذي يقع مقرّه بالقرب من جامع الشوّاف حيث اغتيل العبيدي، استشعر مسبقاً خطر تصفيات كوادره، فطلب منذ فترة من الرئيس جلال الطالباني العمل على إبعاد قوات الداخلية من محيط المقرّ، والاستعاضة عنها بوحدات من قوات «البشمركة»، وهذا ما حصل فعلاً.
وفور وقوع العملية، رأت «التوافق» أن «العبيدي دفع ثمن دفاعه عن الحريات، وعن المعتقلين الأبرياء والمطالبة بإطلاقهم، وتعويضهم عن الأذى الذي لحق بهم».

وأمر المالكي بتأليف لجنة تحقيق «لكشف خيوط العصابة الإرهابية»، واصفاً الاغتيال بـ«الجريمة الجبانة المستنكرة الهادفة إلى زرع الفتنة الطائفية».
من جهته، أعرب الأمين العام للحزب الإسلامي، أسامة التكريتي، عن تشاؤمه قائلاً «نتوقع في كل لحظة سقوط شهيد بسبب العداوة المستفحلة من جانب الجهات الحاقدة على الاستقرار في البلد».
(يو بي آي)