السجال حول الاستيطان والنمو الطبيعي بين أميركا وإسرائيل يبدو في طريقه إلى حل وسط، فيما ظهرت موجة ضغط جديدة عنوانها حصار غزّة
علي حيدر
ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، أن الإدارة الأميركية عزّزت من ضغوطها على إسرائيل حول الوضع في قطاع غزة، ووجهت لها مذكرة دبلوماسية عبرت فيها عن احتجاجها الرسمي على سياسة الدولة العبرية في غزة وطالبتها فيها بتوسيع فتح المعابر الحدودية إلى القطاع، وزيادة كمية المواد الغذائية والأدوية له.
وشددت المذكرة الأميركية على السماح بإدخال مواد البناء لإعادة إعمار قطاع غزة بعد الحرب التي شنتها إسرائيل قبل أشهر. وأعربت الإدارة الأميركية عن استعدادها لتقديم المساعدة في بناء آلية رقابة دولية بإشراف الأمم المتحدة للتأكد من أن مواد البناء تستخدم لأغراض مدنية.
وقالت مصادر إسرائيلية وأميركية إن المذكرة ترافقت مع رسالة شفهية أوضحت فيها أن الربط الذي تقوم به إسرائيل بين فتح المعابر ومشكلة الجندي الأسير جلعاد شاليط «غير مجدٍ». يُشار إلى أن المذكرة الأميركية وصلت إلى إسرائيل قبل نحو ثلاثة أسابيع بتوجيه من جهات رفيعة المستوى في واشنطن، بينها وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون والمبعوث الرئاسي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل، الذي كرر طرح الموضوع نفسه قبل نحو أسبوع خلال زيارته الأخيرة إلى الدولة العبرية.
وقوبلت الرسالة بغضب كبير من قبل وزارة الدفاع الإسرائيلية، التي أكدت جهات فيها أن «المعابر الحدودية غير مغلقة وأنه لا توجد أزمة إنسانية في القطاع»، مشيرة إلى أن شاليط هو «قضية مركزية وإسرائيل تنوي إبقاءها على جدول أعمالها».
وقبل نحو أسبوع، ناقش المجلس الوزاري المصغّر الوضع في قطاع غزة، لكنه انتهى من دون قرارات جوهرية تتصل بالمعابر. والقرار الوحيد الذي اتخذ هو دراسة تقديم تسهيلات تتعلق بسكان القطاع.
من جهة أخرى، قال مسؤولون غربيون وإسرائيليون إن «الولايات المتحدة تريد أن تفرض إسرائيل وقفاً مؤقتاً للعطاءات الجديدة لبناء مستوطنات في الضفة الغربية، لكنها تدرس تدابير قد تسمح باستكمال المشاريع القائمة بالفعل».
وأضاف المسؤولون أنه «بالرغم من حزم الولايات المتحدة في المطالبة بحظر العطاءات الجديدة الخاصة بتجميد الاستيطان عموماً، فإنها تدرس الحالات التي يمكن فيها السماح بمواصلة البناء». ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين إسرائيليين، طلبوا عدم الإفصاح عن أسمائهم، قولهم إن «الاستثناءات الخاصة بمواصلة البناء يمكن أن تشمل على سبيل المثال مشروعاً في مستوطنة يشارف على الانتهاء أو في حالات دفعت فيها أموال في مشروع ولا يمكن استردادها».
وجدد وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون، أول من أمس، موقفه الرافض لتجميد الاستيطان في الضفة الغربية، موضحاً أنه «لا نية لدينا البتّة بتغيير التوازن الديموغرافي في الضفة الغربية». وأضاف ليبرمان «لا يمكننا القبول بهذه الرؤية التي تنص على تجميد تام وكامل للاستيطان». وتابع «أعتقد أن علينا الحفاظ على النمو الطبيعي» للمستوطنات.
من جهتها، عبرت كلينتون عن وجهة نظر مخالفة حول ما إذا كانت التفاهمات مع إدارة الرئيس جورج بوش تلزم إدارة الرئيس الحالي باراك أوباما بالسماح باستمرار بعض النشاطات الاستيطانية. وكررت تصريحاتها السابقة حول عدم العثور على أي وثائق تشير إلى اتفاقيات غير رسمية أو شفهية بين إسرائيل وإدارة بوش حول هذه القضية.
وجددت كلينتون دعوات أوباما إلى تجميد كل النشاطات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مشددة على «أن هذا جزء أساسي من الجهود التي تبذل للتوصل إلى اتفاق سلام شامل وإلى قيام دولة فلسطينية إلى جوار دولة يهودية إسرائيلية تتمتعان بحدود آمنة».
ولكن كلينتون قالت إن المناقشات لا تزال في بدايتها. وأضافت «هناك عدد من القضايا المهمة. وكثير منها متشابك من حيث الأثر والأهمية، وستبحث في الأسابيع المقبلة، إذ سيخوض السيناتور ميتشل بتعمّق أكثر في التفاصيل بحيث يمكن معرفة أين يمكن أن يتفق الإسرائيليون والفلسطينيون».
وأرادت كلينتون أن تبدو متفائلة في فرص تغيير رأي حكومة إسرائيل. وقالت «إذا نظرنا إلى تاريخ إسرائيل نرى أن رؤساء وزراء عدة غيّروا آراءهم مع الوقت». وأضافت «التقيت شخصياً رؤساء حكومات من أحزاب العمل والليكود وكديما، انطلقوا من وجهة نظر... لكنهم وصلوا إلى مواقف ما كانوا يفكّرون يوما أنهم سيدافعون عنها». وأكدت «وجدت أن (بنيامين) نتنياهو باعترافه بتطلّعات الفلسطينيين إلى دولتهم في خطابه مساء الأحد، قال شيئاً ينتظره كثيرون».