وزراء الخارجيّة يقرّرون «مساعدة أوباما»: التطبيع مع إسرائيل شرط «تجاوبها»القاهرة ـــ خالد محمود رمضان
بدا تغيّب 12 من وزراء خارجية الدول العربية عن الاجتماع الاستثنائي الذي عُقد في القاهرة أمس غير بريء البتّة؛ فالاجتماع تأجّل مرتين قبل يوم أمس، وكان جدول أعماله يتمحور حول «بلورة موقف عربي موحد حيال رؤية الرئيس الأميركي باراك أوباما» لعملية السلام العربية ـــــ الإسرائيلية. تغيّب 12 وزيراً، في مقدمتهم السعودي سعود الفيصل، والسوري وليد المعلم، والقطري حمد بن جاسم، والليبي موسى كوسا، والصومالي محمد عمر عبد الله. ورغم هذا الغياب البارز، اتخذ الوزراء قرارات «مصيرية»، أعربوا خلالها عن استعدادهم لتطبيع جزئي لعلاقاتهم مع إسرائيل استجابة لطلب أميركي، فيما كان الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى واضحاً في جزم إمكان تعديل حدود عام 1967 بشرط «أن تكون متوازنة ولا تعكس ثقل الاحتلال الإسرائيليوتعهّد الوزراء العرب، في بيانهم الختامي، «التعامل بإيجابية» مع طرح أوباما لتسوية نزاع الشرق الأوسط، و«اتخاذ ما يلزم من خطوات لدعم تحركه لتحقيق السلام الشامل وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية».
ولم يوضح الوزراء طبيعة الخطوات التي يمكن أن يتخذوها لمساعدة الولايات المتحدة في مساعيها، ولكنّ وكالة «فرانس برس» رجّحت أن تكون هذه الخطوات متعلقة بتطبيع تدريجي للعلاقات مع إسرائيل استجابةً لطلب أميركي. واستندت الوكالة في ترجيحها، إلى كلام الموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل في القاهرة، منتصف حزيران الجاري، عندما دعا الدول العربية إلى «اتخاذ خطوات ذات مغزى وأفعال مهمة تساعدنا على التحرك نحو تحقيق أهدافنا». وآنذاك، كشف وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أن ميتشل قصد من خلال كلامه «البدء بخطوات للتطبيع مع إسرائيل». غير أن الوزراء العرب رهنوا أي خطوات قد يتخذونها في هذا السياق بـ «تجاوب إسرائيل» مع جهود السلام.
وطلب الوزراء، في بيانهم، من لجنة المبادرة العربية «بحث الخطوات التي يمكن اتخاذها إذا ما استمرت إسرائيل في تعنّتها ومماطلتها، وكذلك الخطوات التي يمكن اتخاذها إذا ما تجاوبت إسرائيل مع الجهود العربية والدولية لتحقيق السلام في المنطقة».
وربط الوزراء استئناف المفاوضات مع إسرائيل بالتزامها «الوقف الكامل للأنشطة الاستيطانية بما في ذلك في القدس الشرقية». وجددوا التأكيد على أنّ «السلام العادل والشامل لن يتحقق إلا من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والانسحاب من جميع الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة حتى خط حزيران 1967».
وعقد موسى مؤتمراً صحافياً عقب الاجتماع الوزاري، سُئل فيه عمّا إذا كان العرب بقبلون «تبادل أراضٍ» مع الدولة العبرية، فأوضح أنّ هناك «اتفاقاً دولياً منذ صدور القرار 242 (عام 1967) على إمكان إجراء تعديلات على جانبي الحدود». وأضاف إنه إذا جرى خلال المفاوضات التفاهم على «بعض التغييرات (على جانبي خطوط 1967) في الضفة الغربية أو القدس، فيجب أن تكون هذه التعديلات متوازنة ولا تعكس ثقل الاحتلال الإسرائيلي».
وبرّر موسى استعداد العرب للقيام بخطوات في اتجاه التطبيع مع إسرائيل، بالقول «نمر الآن بمرحلة غاية في الحساسية، إذ إن هناك إدارة أميركية عبّرت عن جدية في التحرك لإنهاء الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي، وهو ما يتطلّب منا أن نتحرك بجدية، وأن نأخذ في الاعتبار المواقف الدولية». وأضاف «إننا نعطي الأهمية للطرح الجدي المتوازن الذي قدمه الرئيس أوباما، رغم أننا نرى أن كل ما ذكر على لسان نتنياهو غير مقبول، وأبلغنا الأطراف الدولية أن مواقفه لا تصلح نقطة بداية للتفاوض».
وفي السياق، اشترط موسى التزام إسرائيل بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لتقسيم فلسطين في عام 1947، «إذا ما أرادت الاعتراف بها كدولة يهودية». ورداً على سؤال، أشار إلى أنه على إسرائيل الالتزام بـ«القرار رقم (181) القاضي بتقسيم فلسطين التاريخية بين اليهود والعرب الفلسطينيين بنسبة 50 في المئة لا كالوضع القائم حالياً».
وعلمت «الأخبار» أنه من المفترض أن يقوم اليوم وفد وزاري يمثّل الدول الأعضاء في لجنة مبادرة السلام العربية، برئاسة موسى بزيارة إلى إيطاليا، حيث سيجتمع مع اللجنة الرباعية الدولية غداً لنقل ما توصل إليه اجتماع الأمس. كما جرى الاتفاق على عقد اجتماع آخر للجنة المبادرة العربية (التي تضم 13 دولة عربية والأمين العام للجامعة) مع مجلس أوروبا مطلع الشهر المقبل لبحث الموضوع ذاته.
وعن اقتصار المشاركة الوزارية في الاجتماع على 10 وزراء، رأى مراقبون غربيون أن هذا التمثيل «ضعيف ونادر»، بحيث مثل الوزراء الغائبين وزراء دولة ومندوبون دائمون لدولهم.