التقى المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل، وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك في نيويورك أمس، في إطار مساعي واشنطن لاستئناف مفاوضات السلام الإسرائيلية ـــــ الفلسطينية على قاعدة وقف الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة. وتوقف الإعلاميون أمام الابتسامات الكثيرة التي تبادلها الرجلان أمام عدسات الكاميرات. ورداً على سؤال عمّا إذا كان الابتسام يعني أنهما اقتربا من اتفاق، أوضح باراك أن «الابتسام لا يكلف شيئاً»، قبل أن يعود ويقول: «إننا متفائلون كالعادة».وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد استبقت اللقاء بعدم استبعادها احتمال عقد تسوية مع تل أبيب في الملف الخلافي بين الطرفين المتعلق بتجميد الاستيطان. وأشار المتحدث باسم الوزارة إيان كيلي، لدى سؤاله عن مدى استعداد إسرائيل لتجميد الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة لمدة ثلاثة أشهر، إلى أنّ إدارته تعمل «مع كل الأطراف على محاولة توفير الظروف المناسبة لاستئناف المفاوضات». وأوحى كيلي أنّ إدارته مستعدّة للتفاوض في «الحل الوسط» الذي يحمله باراك حيال الاستيطان، فقال: «سنكون سعداء بأن نبحث ما يمكننا أن نقوم به لتقدّم هذه العملية (وقف الاستيطان)». وعما إذا كان هذا الكلام يعني أن الإدارة الأميركية مستعدة لتسوية من خلال قبولها مصطلح «تعليق» بدل «وقف» الاستيطان، أجاب كيلي: «لا أقول إننا نرفض أي تسوية».
وكانت صحيفة «هآرتس» قد كشفت أن باراك سيحاول التوصل إلى صيغة تسوية لقضية الاستيطان خلال لقائه مع ميتشل. ونقلت عن مصدر سياسي في الدولة العبرية قوله إن باراك سيطرح صيغة ضبابية تشمل إبداء الرغبة بحل قضية المستوطنات، في إطار المفاوضات مع السلطة الفلسطينية بشأن الحل النهائي، على أن ينحصر البناء في المستوطنات خلال هذه الفترة، في الكتل الاستيطانية الكبرى، ويكون عمودياً «ولأغراض النمو الطبيعي فقط».
ولفتت الصحيفة إلى أن اللجنة الوزارية السداسية في إسرائيل، التي تضم إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وباراك، كلاً من وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان والوزراء دان مريدور وبيني بيغين وموشيه يعلون، اجتمعت قبيل مغادرة باراك إلى واشنطن، لبلورة موقف رسمي بشأن الاستيطان. وأفادت الصحيفة، نقلاً عن مصدر سياسي، بأن ليبرمان وبيغين ويعلون عارضوا اقتراح التجميد المؤقت لأي بناء استيطاني جديد بحجة أن ذلك «سيمثّل سابقة وقد يتحول إلى دائم». وشدد المعترضون على فكرة باراك على ضرورة عدم الموافقة عليها، إلا بالحصول المسبق على تعهّد «ببادرات قيمة من الدول العربية والسلطة الفلسطينية». كذلك، طالب هؤلاء الوزراء بأن تحصل دولة الاحتلال، في مقابل تجميد مؤقت للاستيطان، على ضمانات أميركية بألا تبادر الولايات المتحدة إلى طرح مبادرات سياسية من دون إجراء مشاورات مسبقة مع إسرائيل.
غير أنّ المتحدث باسم البيت الأبيض، روبرت غيبس، أعرب عن حذر أوباما مذكراً بأن الرئيس يطالب بـ«وقف تام للاستيطان». وقبل وقت قليل من اجتماع باراك ـــــ ميتشل، رفض غيبس «استباق المحادثات المهمة جداً بين باراك وميتشل قائلاً: إننا متفائلون».
إلا أن صحيفة «يديعوت أحرونوت» أوضحت أن تل أبيب تلقّت رسائل واضحة من واشنطن، تفيد بعدم وجود «أي نية لدى الولايات المتحدة للمساومة في موضوع تجميد الاستيطان». ونقلت الصحيفة عن مصدر في إدارة أوباما، قوله إن الاستعداد الإسرائيلي لتجميد البناء لفترة زمنية محدودة، «ليس وارداً». ورأى المصدر أن «البند الوحيد الذي يُسمَح بمناقشته، هو استمرار البناء لمبانٍ هياكلها باتت منصوبة، وكل تذاكٍ آخر يتعلق باستكمال البناء في مواقع جرت فيها تهيئة للبناء، أو وضعت فيها الأساسات فقط، ليس وارداً ولن يكون مقبولاً».
إلى ذلك، أعلنت وزارة الأمن الإسرائيلية أنها تريد تعميم نموذج مستوطنة «ميغرون» على كل البؤر الاستيطانية العشوائية، وأنها معنية بالتوصل إلى اتفاقات مع المستوطنين الذين يقيمون في البؤر الاستيطانية المرشحة للإخلاء. ويعني نموذج «ميغرون» الاتفاق مع سكان البؤر الاستيطانية على إخلائها طوعاً، في مقابل استيعابهم في أحياء خاصة بهم في مستوطنات قائمة.
وأشار مسؤول أمني «رفيع المستوى» لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إلى أنّ المؤسسة الأمنية «معنية بالتوصل إلى تسوية متفق عليها مع سكان 21 بؤرة استيطانية مرشحة للإخلاء»، كاشفاً أن الخطة التي ستقدم قريباً للمستوطنين، «تعرض عليهم الإخلاء الطوعي للبؤر الاستيطانية العشوائية، في مقابل إقامة أحياء جديدة في المستوطنات القائمة ونقل السكان إليها».
واختصر المسؤول العرض المقترح بوصفه أنه «شبيه بالتسوية مع مستوطني ميغرون»، حيث اتُّفق معهم على الانتقال إلى حيّ جديد والحصول على منازل جديدة في مستوطنة «آدم» الواقعة بين رام الله والقدس المحتلة، بشرط إخلاء البؤرة الاستيطانية المقامة جزئياً على أراضٍ فلسطينية خاصة.
(الأخبار، أ ف ب)