على وقع الاحتفالات والأشعار والكلمات التي واكبت إحياء «يوم السيادة» في العراق، مع إعادة تمركز قوات الاحتلال تحت شعار «الانسحاب من المدن»، كانت كركوك تشهد مذبحة بموازاة سقوط 5 جنود أميركيين على يد المقاومة
بغداد ـــ الأخبار
توقّع العالم أن تشهد المدن العراقية، أمس، عمليات قتل جماعية بحق المدنيين بموازاة إعادة تمركز قوات الاحتلال في قواعد داخل أو على تخوم المدن العراقية. وبالفعل، صدق التوقّع مع مقتل أكثر من 35 شخصاً في كركوك. إلا أنّ العمليات لم تقتصر على المدنيين، بل طاولت جيش الاحتلال الذي خسر 5 من عناصره. وبهذا، أصبح أمن المدن والبلدات «رسمياً» في عهدة 500 ألف شرطي و250 ألف جندي عراقي. وكان عشرات آلاف العراقيين قد نزلوا إلى حديقة الزوراء «للاحتفال بالانسحاب الأميركي من مدنهم»، وأبدوا تعاوناً كاملاً مع القوات الأمنية العراقية أثناء عبورهم 3 حواجز تفتيش قبل دخولهم إلى الحديقة، حيث احتفلوا بالحدث بحسب وكالة «فرانس برس».
ونظّمت السلطات عرضاً عسكرياً احتفالاً بالمناسبة، من ضمن فعاليات «يوم السيادة الوطنية». وحضر الاحتفال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ووزراء الدفاع عبد القادر العبيدي، والداخلية جواد البولاني، والأمن الوطني شيروان الوائلي، وسفراء دول أجنبية وعربية، بينهم السفيران الأميركي كريستوفر هيل والبريطاني كريستوفر برنتس.
وبعدما وضع المالكي أكاليل الزهر على ضريح الجندي المجهول في ساحة الاحتفالات الكبرى وسط بغداد، ألقى كلمة هاجم فيها «من يروّج أنّ العراقيين عاجزون عن حماية الأمن في بلادهم، وأن انسحاب القوات الأجنبية سيترك فراغاً أمنياً يصعب على القوات العراقية أن تملأه»، خاصّاً بالذكر من يقف «وراء حملة التشكيك بقدرة قواتنا المسلحة على ملء الفراغ والذين كانوا يقولون إن القوات الأجنبية ستبقى في العراق لعشرات السنين وإنها ستقيم قواعد عسكرية دائمة».
وحذّر المالكي من أنّ «حملة التشكيك التي تقودها بعض الجهات بالتنسيق مع وسائل إعلامية سلبية في عدم جاهزية قواتنا المسلحة، تعطي الضوء الأخضر للإرهابيين للقيام بأعمال إرهابية وتلحق ضرراً فادحاً بالمصلحة الوطنية العليا للبلاد».
وجدّد مطالبة الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي «باتخاذ موقف حازم من أصحاب الفتاوى التكفيرية ودعاة القتل»، في إشارة إلى مفتي مكة الشيخ عادل الكلباني الذي كفّر «جميع علماء الشيعة من دون تمييز».
وفيما شدّد المالكي على أهمية تحقيق الاستحاق الأكبر في نهاية عام 2011، الذي يجدر أن يشهد الانسحاب النهائي لقوات الاحتلال، طمأن إلى أنّ الاتفاقية الأميركية ـــــ العراقية «تسير وفق الجداول الزمنية المتفق عليها». وذكّر بأنّ تاريخ إتمام الانسحاب الأميركي من المدن «يصادف ذكرى عزيزة على قلوب جميع العراقيين، وهي ثورة العشرين الخالدة التي جسدت الإرادة العراقية في التحرر والاستقلال». وأشار إلى أنّ «السيادة المنقوصة ووجود القوات الأجنبية» هما «أخطر تركة ورثناها عن الحقبة الدكتاتورية، لا بد للعراق أن يتخلص منها». ولفت إلى أن «من الصعب جداً، وربما المستحيل، أن يتحقق هذا الإنجاز التاريخي، لولا نجاح حكومة الوحدة الوطنية في إخماد الحرب الطائفية التي كانت تهدد وحدة العراق وسيادته ونجاح المصالحة الوطنية».
ورأى المالكي أن «المشكّكين بقدرتنا على وضع جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية، لا شك في أنهم أصيبوا بصدمة حين وجدوا أن حكومة الوحدة استطاعت أن تنجز اتفاق الانسحاب النهائي للقوات الأجنبية من جميع الأراضي العراقية خلال 3 سنوات». ورأى أنّ «الذين رفعوا شعار إخراج المحتل من العراق، اتخذوا من شعار المقاومة وسيلة للارتزاق وكسب الأموال والسياحة في عواصم العالم، وهؤلاء هم أكثر الخاسرين من انسحاب القوات الأجنبية خلافاً لادعاءاتهم الكاذبة».
وعلّق مسؤول الإعلام في هيئة علماء المسلمين مثنى حارث الضاري على كلمة المالكي، واصفاً إياها بأنها «متشنجة ومليئة بإلقاء الاتهامات»، مشيراً إلى أن الانسحاب من المدن «مجرد مرحلة جديدة من تدشين نظام عراقي تحت الاحتلال».
في المقابل، رأى المتحدث باسم حزب البعث في العراق، خضير المرشدي، أن الانسحاب «غير كامل». وقال، في لقاء مع فضائية «الجزيرة»، إن «استراتيجية البعث والمقاومة للمرحلة المقبلة ستتركز في استهداف القوات الأميركية في كل أرجاء العراق»، داعياً أفراد القوات العراقية إلى «الانضمام إلى المقاومة لطرد الاحتلال وعملائه وجواسيسه».
وفي السياق، كشفت قيادة الاحتلال أن قواتها ستبقى في مطار كركوك ولن تنسحب منه «لأننا نعتقد أن المطار واقع خارج المدينة»، وذلك في ثاني إعلان رسمي عن مخالفة «الاتفاقية»، بعد اعتراف واشنطن بأنّ قواتها ستبقى في مدينة بابل في محافظة نينوى تحت شعار أنها «قوات غير قتالية».
ميدانياً، قُتل 5 جنود أميركيين على يد المقاومة العراقية في جنوب بغداد، بينما قُتل 35 شخصاً على الأقل وأُصيب العشرات في تفجير سيارة مفخخة وسط سوق شعبي في كركوك.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)


أوديرنو: إيران لن توقف دعمها للميليشيات

انتهز قائد قوات الاحتلال في العراق، الجنرال ريمون أوديرنو (الصورة)، أمس، مناسبة تسليم أمن المدن العراقية ليجدد اتهام إيران بمواصلة دعم الميليشيات في العراق التي نفّذت التفجيرات الأكثر دموية التي حصلت أخيراً.
وقال أوديرنو: «تواصل إيران دعم المتمردين الناشطين داخل العراق وتمويلهم وتدريبهم. لم يتوقف الإيرانيون عن ذلك ولا أعتقد أنهم سيتوقفون». وأعرب عن اعتقاده بأنّ الهجمات الدموية في بغداد كانت من تنفيذ عناصر تدربوا في إيران، «ولا يزال قادتهم يمكثون في إيران حتى». بدورها، أثنت باريس على انسحاب القوات الأميركية من المدن، مجددة ثقتها بقدرة العراق على استعادة سيادته كاملة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، رومان نادال: «إننا نثق بقدرة العراقيين على استعادة سيادتهم، ولا سيما على الصعيد الأمني»، مندداً بـ«الأعمال الإرهابية» التي يشهدها هذا البلد. وأضاف نادال: «ترحب فرنسا بانسحاب القوات الأميركية من المدن العراقية الكبرى»، مشيراً إلى أن هذا الانسحاب يمثّل «محطة مهمة في استعادة العراق التدريجية لسيادته كاملة».
وتابع قائلاً: «نقف إلى جانب السلطات العراقية لنرافقها على طريق تثبيت سلطة الدولة وجهودها لتحقيق المصالحة الوطنية»، لافتاً إلى أن «التعاون الذي نقيمه مع شركائنا العراقيين، سواء على الصعيد العسكري، أو على صعيد الأمن الداخلي، يندرج في هذا الإطار».
وكان نادال يشير في كلامه هذا إلى المفاوضات التي تخوضها باريس مع بغداد بشأن عقود تسلح وتعاون في المجال المدني.
(أ ب، أ ف ب)