من أبرز ما كشفت عنه دراسة إدارة الإحصاء المركزي عن الأوضاع المعيشية للأسر في عام 2007، هو أن 7.5% من مجمل القوى العاملة في لبنان، و11.8% من مجمل الأجراء والمستخدمين، اضطّروا للالتحاق بالقوى الأمنية والعسكرية الرسمية والأحزاب المسلّحة وشركات الأمن الخاصّة... من أجل الحصول على فرصة عمل وتوفير دخل شهري ثابت يقيهم البطالة والعوز!إن هذه النسب كبيرة في كل المقاييس، وهي تدل بوضوح على عمق الأزمة البنيوية التي يعاني منها النظام السياسي الطائفي والنموذج الاقتصادي الريعي، فالعسكرة باتت تمثّل القناة الثانية، بعد الهجرة، لامتصاص الأثر السلبي للسياسات المعتمدة على سوق العمل.
وبحسب الدراسة المذكورة، فإن عدد الذين تنطبق عليهم صفة «العسكر» بلغ عام 2007 نحو 84223 شخصاً، أي أكثر من مجمل القوى العاملة (عمال وأرباب عمل) في قطاع الزراعة (80789 شخصاً) وقطاعات النقل والبريد والاتصالات (78351 شخصاً) وقطاعات البناء والتشييد والإنشاءات والمقاولات (62628 شخصاً) وقطاعات المصارف والوساطة المالية والتأمين (22976 شخصاً).
ومن الطبيعي أن يستقطب «العمل العسكري» الباحثين عن العمل في المناطق الاكثر فقراً وحرماناً، إذ تبيّن الدراسة نفسها أن «العسكر» يمثّلون 15.1% من مجمل القوى العاملة في البقاع (18463شخصاً)، و14.1% في الشمال (28262 شخصاً) علماً بأن «عسكر» الشمال هم الاكثر عدداً بين جميع المناطق، كما أن فقراء الشمال هم الأكثر عدداً في لبنان.