علي حيدروضعت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، أمس، النقاط على حروف «صفقة» أميركية قالت إنها معروضة على طهران ودمشق. «صفقة» ترعب الحكام العرب «المعتدلين»، وترتكز على تسليم إدارة الرئيس باراك أوباما بتحول إيران إلى «دولة على عتبة أن تكون نووية»، وبمنظومة العلاقات الإيرانية ـــــ السورية. وذكرت الصحيفة أنّه، في ضوء التفاصيل التي تسرّبت عن مضمون «الصفقة»، تسود حالة من الذعر لدى مصر والسعودية والأردن ودول الخليج، الأمر الذي دفع بواشنطن إلى إرسال وزير الدفاع روبرت غيتس قبل أيام إلى القاهرة والرياض لطمأنتهما.
وأوضحت الصحيفة أن مسؤولي إدارة أوباما لا يخفون أنهم يبلورون خطة سياسية «ثورية وشاملة للشرق الأوسط»، تسرّبت ملامحها عمداً في الأسابيع الماضية إلى صحيفتي «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست».
وبحسب «يديعوت»، تهدف «الصفقة» التي ترتكز على «الحوار» مع طهران إلى «تجميد سباق إيران نحو القنبلة النووية، في مقابل أن يُسمح لها بالمحافظة على ما حققته حتى الآن، وذلك «من أجل عدم المس بكرامتها الوطنية وطموحها بأن تكون دولة عظمى إقليمية رائدة».
ويعرب الأميركيون عن استعدادهم للاكتفاء بالتزام إيران بعدم تخصيب اليورانيوم إلى المستوى الذي يمكّنها من صناعة قنبلة نووية. كما يأملون أن تلتزم بتجميد تركيب أجهزة الطرد المركزي الحديثة، التي تمكّنها من الحصول على مواد انشطارية، وأن تسمح لـ«الوكالة الدولية للطاقة الذرية» بمراقبة تنفيذ هذه الالتزامات. كذلك يقوم «مشروع الصفقة» على تجميد تطوير الصواريخ النووية الإيرانية البعيدة المدى، إضافة إلى إفساح المجال أمام رقابة معززة ومتواصلة من قبل الأمم المتحدة تشمل الفحص المفاجئ لكل الأراضي الإيرانية.
وإذا وافقت إيران على هذه المطالب، ينوي الأميركيون عرض امتيازات اقتصادية وسياسية «رائدة» على حكام طهران، إضافة إلى مساعدات أميركية وأوروبية وروسية لتطوير البرنامج النووي، حتى إنه ستقدَّم لها مفاعلات للاستخدام المدني. ولفتت «يديعوت» إلى أنه ليس أمراً مدهشاً أن يُذهل العرب ـــــ من الخليج حتى مصر ـــــ من هذه «الصفقة» لأنها تنطوي على تسليم عملي بكون إيران دولة «على عتبة أن تصبح نووية». وحتى لو لم «تخادع» إيران في التزاماتها، فسينشأ وضع تكون فيه كل دول المنطقة، لا إسرائيل فقط، تحت تهديد إيراني نووي يحظى بشرعية دولية. أما بخصوص «تدفئة» العلاقات الأميركية ـــــ السورية، فتلفت الصحيفة العبرية إلى أن الأنظمة العربية «المعتدلة» ترى في هذه الخطوة «جزءاً من خطة أميركية كبرى لبلورة شرق أوسط جديد على حساب مصالحهم». ويوضح التقرير أن حكام الدولة العبرية والأنظمة العربية «المعتدلة» يرون أن إدارة أوباما «تسلّم بمنظومة العلاقات المتينة بين سوريا وإيران، وتلك الموجودة بين هاتين الدولتين وحزب الله، لأن دمشق قادرة على مساعدة الأميركيين في استقرار العراق، وإقناع الإيرانيين بالتجاوب مع اليد الأميركية الممدودة».
أما عما سيحصل عليه الرئيس السوري بشار الأسد في مقابل تجاوبه مع المطالب الأميركية فيتمثّل، بحسب الإعلام العبري، بمساعدة أميركية اقتصادية، والخروج من العزلة الدولية، وتحريك المفاوضات مع إسرائيل بشأن الجولان المحتل بوساطة أميركية.
وأكثر ما يقلق الرئيس المصري حسني مبارك والملك السعودي عبد الله يبقى، بحسب الصحيفة، «التلميح إلى استعداد واشنطن للتسليم بسيطرة حزب الله السياسية على لبنان».
وتختصر الرواية الإسرائيلية ما ستحصل عليه الأنظمة العربية المعتدلة من هذه «الصفقة» بـ«مبادرة سياسية أميركية» لحل النزاع الإسرائيلي ـــــ الفلسطيني على قاعدة الدولتين.