خاص بالموقع | AM 12:09هآرتس ــ آلوف بن
خرج الأشخاص الذين قابلوا بنيامين نتنياهو منذ عودته إلى الحكم، مفاجئين؛ هو مدّ لهم يده اليمنى لا اليسرى، وفي آخر الجلسة نهض وأوصلهم إلى الباب وودعهم ثم اتصل للاطمئنان إلى سلامتهم. هذا ليس «بيبي» الذي نعرفه. رئيس الوزراء يبدو أكثر اطمئناناً وثقة بالنفس مقارنة مع الماضي.

ربما ببساطة، اعتدنا عليه، أو أنّ تقدمه في السن والتجربة قد فعلا فعلهما فيه. ولكن ما من شك أن «نتنياهو ـــــ 2009»، ليس رئيس الوزراء الملاحَق من الولاية السابقة. هو يتمتع بشرعية شعبية ودولية غير مسبوقتين. منتقدوه وخصومه أيضاً يقبلون بزعامته ولا يرونه قائداً لنصف الشعب، كما كان في الجولة الماضية.

ورغم أنه خاض الانتخابات مترئساً قائمة يمينية، وطرح مواقف حمائمية، وحلّ في المرتبة الثانية بعد تسيبي ليفني، إلا أنه هو رئيس وزراء «الجميع» رغم كل شيء.

جوقته التشجيعية مكتظة. دان مريدور وبني بيغن كانا أول من قفز إلى العربة قبل الانتخابات. حتى إن إيهود باراك وبنيامين بن أليعازر هما من ضمن جوقته التشجيعية، وهو الذي لم يحظ يوماً بمثل هذا التعاطف. ما من شك في أنه يتمتع اليوم بمكانة جديدة.

وسائل الإعلام هي الأخرى تميل إلى التعاطف والتسامح معه. «حكايات زوجته سارة»، التي حطّمت مكانته الشعبية في ولايته السابقة، لا تجد لها صدى في الوقت الحالي.

منتقدو نتنياهو الذين اكتفوا ذات مرة بإطلاق نداء «بيبي انصرف»، يحاولون اليوم شدّه إليهم؛ في اليسار يتشوقون لأن يجتاز انقلاباً أيديولوجياً مثلما حدث مع مناحيم بيغن وأرييل شارون وأن يتزعم معسكر السلام.

هل «بيبي» معتدل؟ إن حفاظه على وقف إطلاق النار مع «حماس» في غزة وانتقادات قادة المستوطنين له بسبب «التجميد المتواصل للاستيطان»، يعزز هذا الرأي الذي لا يزال يحتاج إلى برهان. أنصاره منذ فترة في وزارة المالية يتشوقون لعودة «بيبي القديم»، صاحب التقليصات، وعدوّ الهستدروت والنقابات الذي ضاع خلال توجهه إلى القيادة.

الوضع مشابه في العالم: وقف الرئيس المصري حسني مبارك ـــــ كبير خصوم «نتنياهو القديم» ـــــ في مقدمة الطابور لمقابلته. أما ملك الأردن عبد الله الثاني فيقف خلفه. المقاطعة الغريبة التي فرضها محمود عباس على نتنياهو لا تهم أحداً. من الذي يذكر كيف أخضعوا نتنياهو في عام 1996 حتى يتنازل ويلتقي ياسر عرفات؟ إن اجتاز لقاؤه مع باراك أوباما في الأسبوع المقبل بسلام، فسيبدو نتنياهو رابحاً، وسيقترب من وسط الإجماع الوطني أكثر فأكثر.

يستمتع نتنياهو في تموقعه السياسي هذا بين إيهود باراك وأفيغدور ليبرمان. وهو يستخدم وزير خارجيته درعاً واقياً يحميه من نيران الأسرة الدولية. لكن، إلى أن يثبت العكس، نقول إن هذا وهم: نتنياهو أكثر قرباً في مواقفه من ليبرمان، وفي ائتلافه هناك وزن حاسم لليمين المتطرف (غالبية «الليكود» و«شاس» و«البيت اليهودي» حتى لو افترضنا أن ليبرمان براغماتي).

لإزالة الشكوك، نقول إن كل ما في ساحة نتنياهو ليس عسلاً. ديوانه لا يزال ضعيفاً ويعاني من صورة دينية يمينية. صمته النسبي في الشؤون السياسية يشير إلى الجدية، لكنه يدل أيضاً على الإرباك والخوف من التصادم مع أوباما.

تصريحه بأنه لن ينسحب من الجولان كان لا داعي له. وأظهرت التواءاته حول الموازنة أنه لا يزال حساساً جداً لما يُقال ويُكتب عنه. الهدوء على الحدود ـــــ رغم أنه يُخترق بين الحين والآخر من خلال صواريخ «القسام» ـــــ يوفّر عليه حالياً، مواجهة الأزمة الأمنية.

ورغم كل ذلك، يبدو أن نتنياهو لا يزال تحت السيطرة، ويستمتع بعودته ويحذر من الوقوع في الحفر، ويتوجه إلى واشنطن حيث يقف الجمهور والجهاز السياسي من ورائه. الاعتماد الذي سيحصل عليه لاحقاً يعتمد على نتائج لقائه مع أوباما.