توسّعت دولة «سوليدير» إلى خارج لبنان بعد تمديد عمرها 10 سنوات إضافية، فنقلت تجربتها السيئة وعدّلت المخطط التوجيهي في مشروع «الزوراء» لتبعد أراضي المستثمرين عن مناطق تحتاجها، فيما ضغطت عليهم للحصول على الأقساط
محمد وهبة
ليس واضحاً بعد كيف ستكون النتائج المالية لشركة «سوليدير» في نهاية عام 2008، وبالتالي ليس واضحاً أيضاً ما ستكون عليه في نهاية العام الجاري. فالشركة توسّعت إلى خارج لبنان ودخلت شريكاً استراتيجياً وأساسياً في مشاريع تطوير عقارية، الأبرز بينها مشروع الزوراء الذي يُقام في إمارة عجمان بكلفة 60 مليار دولار، ومصيره اليوم «على المحكّ».

حكم بالتمديد

في مطلع كانون الأول 2005، أصدر مجلس الوزراء المرسوم رقم 15909 الذي يمدّد مدّة عمل الشركة من 25 سنة إلى 35 سنة، وحمل توقيع كل من رئيس الجمهورية إميل لحود ورئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، فالمرسوم جاء في سياق لحظة سياسية صعبة ومعقدة بعد انهيار حكومة الرئيس عمر كرامي على وقع اتهامات تلت اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري... المهم أن تمرير هذا المرسوم جاء بلا أيّ أسباب موجبة، إذ لا يوجد عنصر يدعم تمديد تجربة ردم البحر أو اتهامات أصحاب الحقوق لها بوضع اليد على أملاكهم، ولا حسابات الشركة التي لا تزال مدينة حتى اليوم، ولا يشفع لها تذبذب سعر أسهمها... لكن دولة «سوليدير» كانت أقوى.
ثم صدر المرسوم 207 النافذ حكماً في عام 2007، ليسمح للشركة بتأسيس شركات وصناديق داخل وخارج لبنان و/أو المساهمة فيها و/أو إدارتها و/أو الاشتراك في إدارتها... والقيام بخدمات عقارية بعيداً عن هدف إنشاء الشركة لترتيب أراض وسط بيروت. فتم إنشاء «سوليدير أنترناشونال» في دبي برأس مال مدفوع بلغ 700 مليون دولار أميركي وبمساهمة «سوليدير» اللبنانية بنسبة 37.2 في المئة من رأس مالها، وأعلنت الدخول في مشاريع، أبرزها مشروع «الزوراء» في إمارة عجمان بكلفة تبلغ 60 مليار دولار. حينها تقدّم تجمع أصحاب الحقوق بطعن أمام مجلس شورى الدولة بالمرسوم 207، وتبين لاحقاً صوابية وجهة نظرهم، فالمخاطر الخارجية قد تعرض الشركة لمخاطر الافلاس، إذ إن هذه المخاطر تضغط حالياً على مشروع «الزوراء». ولذلك يقول أحد شركاء المشروع إن هناك نقاشاً يتعلق بتحديد مصير المشروع بعدما تأكّدت صعوبة ضمان هذه الكلفة في ظلّ تداعيات الأزمة العالمية على السوق الإماراتية، ولا سيما أن المشروع لم يجمع في المرحلة الأولى إلا نحو 3 في المئة من الكلفة الإجمالية.
ويوضح بعض الذين اشتروا عقارات ضمن «الزوراء»، وهم سياسيون لبنانيون ورجال أعمال عرب، أن الشركة باعتهم بعض العقارات وتضغط عليهم لدفع الأقساط، بينما كبرى الشركات العقارية في الإمارات العربية أعادت جدولة الدفعات لزبائنها مثل «نخيل» و«إعمار»، وذلك على الرغم من أنها لم تعد قادرة على تحمّل الكلفة والخسارة، فيما كل مشاريع «سوليدير أنترناشونال» غير محددة المصير.
وقبل ذلك، اندفعت الشركة إلى «إقصاء» المستثمرين الذين اشتروا أراضي في «الزوراء» بما لا يقل عن 300 مليون دولار مثلما فعلت في لبنان حين عدلت المخطط التوجيهي لمصلحتها بنحو 19 مرسوماً، فأجرت تعديلاً على المخطط التوجيهي للمشروع لإبعاد أكثر من 20 مستثمراً محلياً وعشرات المستثمرين العرب عن أراض تحتاجها لأمور لم تفصح عنها بعد، ما أفقدها صدقيتها وثقتهم.

إعفاءات المبيع

لم تكتف دولة «سوليدير» بهذا المقدار، إذ استحصلت للشركات المستثمرة على إعفاءات عقارية وإنشائية «غب الطلب»، فكل مستثمر اشترى عقاراً ويريد إنشاء مبنى سكني أو تجاري أو سياحي لا تنسجم خريطته مع قوانين التنظيم المدني مثل ارتفاع مداخل الطوابق وتعديلات على الأغلفة الخارجية للمبنى والمنور، وتخفيف المساحات الخضراء، وزيادات استثمار... استحصلت له من مجلس الوزراء على إعفاء يلغي الرسوم المتوجبة على هذه التعديلات، فحرمت الخزينة من مصادر الدخل بحجّة أن البيع مشروط بالتعديلات، أي إن «سوليدير» تربح من مبيعاتها على حساب الخزينة العامة.
ففي هذا الإطار، استصدرت «سوليدير» من مجلس الوزراء المرسوم رقم 12796 في عام 1998 وهو يسمح لشركة البحر المتوسط للفنادق الكبرى بهدم وإعادة بناء فندق «هيلتون» في منطقة ميناء الحصن، وذلك خلافاً للنظام الأساسي للشركة ونظام البناء في المنطقة. كذلك استصدرت المرسوم 7402 في عام 2002 لتعديل الخريطة التفصيلية وتخطيط ساحة عامة غرب العقار 1354 في منطقة ميناء الحصن الذي أقيم عليه مشروع «مارينا تاورز»، وجرى تعديل شروط تطوير العقار 987 المعروفة باسم «سيتي سنتر» من منطقة الباشورة في وسط بيروت بالمرسوم 11194، ثم صدر المرسوم 14225 الذي يعدل شروط تطوير العقار رقم 1421، وأجريت مجموعة من التعديلات والاستثناءات الخاصة به، لكن «سوليدير» اكتشفت حاجة إلى استصدار مرسوم ثانٍ يتضمن إعفاءات إضافية لهذه العقار.
وأيضاً، استُثني عقار لجمعية المقاصد الإسلامية من نظام البناء وسمح له بتجاوز معدل الاستثمار العام بالمرسوم 14811، وينسحب الأمر على كثير من العقارات التي حصلت على إعفاء أو استثناء بمراسيم، منها العقارات الآتية: 118 و1520 و1455 و1456 و1070... واستغلّت «سوليدير» قوة «دولتها» لتؤسس شركة «ستو» مع شريك سعودي لتطوير المنشآت في المرفأ الغربي.