دعا إلى وقف كل أشكال «العنف» وذكّر بـ«وجوب» عدم نكران المحرقةحرص البابا قبل إنهاء زيارته إلى «الأراضي المقدسة»، على الوقوف على مسافة من طرفي الصراع، مكرّراً أسطوانة المحرقة و«وجوب» عدم نكرانها، و«حق إسرائيل» في الوجود. في المقابل، اختصر محرقة فلسطين بمشكلة الجدار العنصري، داعياً إلى إقامة دولة لمن هم أصحاب الأرض الأصليين
جدّد البابا بنديكتوس السادس عشر نداءه لإقامة دولة فلسطينية وتحويل حل الدولتين إلى واقع، داعياً إلى وقف كل «أشكال العنف» في المنطقة، التي أمضى فيها أسبوعاً، ليعود بعدها إلى الفاتيكان. وقبل أن يغادر مطار بن غوريون قرب تل أبيب، حرص البابا على التذكير بالمحرقة النازية، التي «يجب ألا تنكر أبداً»، في محاولة لامتصاص نقمة بعض حاخامات اليهود تجاه خطابه «المفتقر إلى النبرة الشخصية».
وكان في وداع رأس الكنيسة الكاثوليكية في المطار، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس شمعون بيريز، الذي شكره لتصريحاته، داعياً إياه إلى المساعدة في مواجهة الأصوليات الدينية.
وأفادت صحيفة «يديعوت آحرونوت» بأن بيريز قال للبابا قبيل مغادرته، إن زيارته لـ«الأراضي المقدسة» تقدّم «مثالاً قلبياً لممارسة القيم الروحية، وتمثّل إسهاماً هاماً لتعزيز العلاقات» بين الفاتيكان وتل أبيب.
ووصف بيريز زيارة البابا بأنها «تعبير عميق عن الحوار الدائم بين الشعب اليهودي ومئات ملايين المسيحيين حول العالم»، مشيراً الى أن للكلمة التي ألقاها في متحف «ياد فاشيم» خلال زيارته «قيمة كبيرة». وقال: «كلامك عن المحرقة تحديداً، وعن أهمية مكافحة معاداة السامية والتمييز، يجب ألا ينسى أو ينكر».
وتحدّث بيريز عن ضرورة «محاربة التعصب الديني»، مشيراً إلى أن «القادة السياسيين والروحيين يواجهون اليوم تحدياً عميقاً يتمثل بفصل الدين عن الإرهاب، وسبل منع الإرهابيين من اختطاف الضمير الديني، وتغطية العمل الإرهابي تحت ستار الدين. وأعتقد أن ما تتمتعون به من قيادة روحية كفيل بمساعدة الناس على الاعتراف بأن الله ليس في قلوب الإرهابيين».
من ناحيته، جدّد البابا (82 عاماً)، الذي أنهى «رحلة حج إلى الأراضي المقدسة»، دعوته إلى الحوار بين الأديان. وقال، أثناء مراسم الوداع في المطار: «ننهل من الجذور الروحية نفسها. نجتمع كإخوة. أخوة كان بيننا في أوقات من تاريخنا علاقات متوترة، لكننا الآن ملتزمون ببناء جسور صداقة دائمة». وأضاف: «اسمحوا لي بأن أوجّه هذه المناشدة لكل شعوب هذه الأراضي... أوقفوا إراقة الدماء. أوقفوا القتال. أوقفوا الإرهاب. أوقفوا الحرب. دعونا نكسر هذه الحلقة المفرغة من العنف بدلاً من كل هذا». وعن المحرقة التي ذهب ضحيتها العديد من معارضي النازية، وبينهم يهود، قال البابا: «هناك تم القضاء على عدد كبير من اليهود بوحشية من نظام لا يعرف الله أشاع أيديولوجية معاداة السامية والكراهية. إن هذا الفصل المريع من التاريخ لا يجب أن ينسى أو ينكر».
وتابع: «فليكن الاعتراف كونياً بحق إسرائيل في الوجود والتمتع بالسلام والأمن ضمن حدود مقبولة ومعترف بها دولياً»، مضيفاً: «وبالطريقة ذاتها لنعترف بأن للشعب الفلسطيني الحق في وطن سيد ومستقل حتى يعيش في كرامة ويتنقل (أفراده) بحرية. ليخرج حل الدولتين من حيز الحلم ويصبح واقعاً».
ووصف البابا جدار الفصل الذي بنته إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة بأنه «واحد من أكثر المشاهد المؤلمة بالنسبة إليّ خلال زيارتي».
وزار البابا أمس كنيسة القيامة في القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل وضمّتها في 1967، وسجد أمام قبر المسيح فيما كان رجال دين يتلون الصلوات.
وسبق هذه الزيارة «لقاء مسكوني» مع ممثلي بطريركية الروم الأرثوذكس في مقر هذه البطريركية، حيث تطرق إلى «عار الانقسام» بين الكاثوليك والأرثوذكس بحضور بطريرك الروم الأرثوذكس ثيوفيلوس الثالث.
وقال البابا: «أصلي ليكون لقاؤنا اليوم دفعاً جديداً لأعمال اللجنة الدولية المشتركة للحوار الديني بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية».
وبعد زيارته لكنيسة القيامة، التقى البابا ممثلي بطريركية الأرمن، وتوجه بعد ذلك إلى روما في طائرة تابعة لخطوط «العال» الإسرائيلية في نهاية أول جولة في الشرق الأوسط منذ انتخابه في نيسان 2005. وشملت الجولة الأردن وإسرائيل والأراضي الفلسطينية واستغرقت ثمانية أيام.
وكان البابا قد أحيا في الناصرة أول من أمس أكبر قداس خلال رحلته، حضره أكثر من أربعين ألف شخص.
وعن لقاء البابا مع نتنياهو في الناصرة، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، في بيان، إن الرجلين تحدثا عن «رغبة مشتركة لتعزيز العلاقات بين إسرائيل والفاتيكان وتعزيز التفاهم بين اليهودية والمسيحية».
(أ ف ب، رويترز، أ ب، يو بي آي)