عشية وصول رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى واشنطن للقاء الرئيس باراك أوباما، في ظل علاقات أميركية ـــ إسرائيلية ليست بأفضل حالاتها، ظهر انزعاج أميركي جديد من سلوك أركان حكومة تل أبيب، وهذه المرة بشأن ما يتعلق بالحوار الأميركي ــ الإيراني النووي
علي حيدر
كشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، عن وجود «غضب» في أروقة البيت الأبيض إزاء الدعوات العلنية التي وجّهها مسؤولون إسرائيليون أخيراً إلى أركان إدارة الرئيس باراك أوباما، من أجل تحديد جدول زمني للحوار بين الولايات المتحدة وإيران بشأن مشروعها النووي.
وبحسب «هآرتس»، فإنّ أوباما يعتزم بحث هذا الموضوع مع نتنياهو خلال لقائهما يوم الاثنين المقبل في واشنطن. وأوضحت أنّ «المسؤولين الأميركيين عازمون على جسّ نبض سلوك الحكام الإيرانيين في الملف النووي على نار هادئة حتى شهر حزيران المقبل»، أي حتى موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية، «وبعدها يجري تشديد الجهود».
وعن «الغضب» الأميركي إزاء اقتراح تل أبيب تحديد جدول زمني في الحوار مع طهران، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، مايكل همر، إنّ «من غير المناسب تحديد جدول زمني، بل ينبغي رؤية كيف يجري التقدم» في هذا الحوار. وأكدت الصحيفة العبرية أنّ هذا الموقف جاء بمثابة ردّ على دعوة مسؤولين رفيعي المستوى في حكومة نتنياهو لإقناع واشنطن بتقييد المحادثات مع إيران بموعد زمني محدّد، كي لا يُسمح لإيران بالمضي قدماً في برنامجها النووي خلال فترة المفاوضات.
وفي السياق، أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، يان كيلي، أنه «لا موعد نهائياً للمحادثات مع إيران، ونحن لن نحدد جدولاً زمنياً بل نتابع ونفحص التقدم، وبالطبع فإن هذا (الحوار) لن يستمر إلى الأبد».
وكان وزير الخارجية الإسرائيلية، أفيغدور ليبرمان، قد شدّد خلال جولته الأوروبية الأخيرة، على ضرورة حصر الجدول الزمني للمحادثات مع الجمهورية الإسلامية بثلاثة أشهر حداً أقصى.
وفي معرض إعراب المسؤولين الأميركيين عن انزعاجهم من الدعوات الإسرائيلية، فإنّ «هآرتس» نقلت عن مصادر في واشنطن قولها إنه «لو صمتت إسرائيل، لكان من الممكن تحديد جدول زمني من دون أن يظهر هذا وكأن إسرائيل هي التي تقرر ما هي أنظمة المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران».
وأشارت الصحيفة إلى أنّه «بحسب فرضية العمل في البيت الأبيض، فسيكون من الممكن مع حلول شهري تشرين الأول وتشرين الثاني، إجراء تقويم للوضع، وتحديد ما إذا كانت هناك فرصة للتقدم أم ينبغي الانتقال إلى فرض عقوبات».
كما نقلت «هآرتس» عن مصادرها قولها إن «أركان إدارة أوباما ينوون بحث إمكان وقف البرنامج النووي الإيراني بوسائل دبلوماسية انطلاقاً من قناعتهم بأن الحوار مع إيران سيؤدي أيضاً إلى مساعدة الجيش الأميركي على الخروج بسلام من العراق، من دون إثارة مجموعات شيعية إيرانية داخل بلاد الرافدين». ورأت الصحيفة أنّ «الجزرة» الذي تعتزم الإدارة الأميركية عرضها على طهران «كبيرة ومتنوعة، تبدأ من مساعدات اقتصادية سخية، ومساعدات أميركية وأوروبية في بناء محطات نووية مدنية، وتسهيلات دبلوماسية وإلغاء قسم من العقوبات التي سبق أن فُرضت» على إيران.
وترافقت هذه الأنباء مع مواقف إسرائيلية تصعيدية إزاء إيران؛ وقال رئيس طاقم وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، مايك هيرتسوغ، لـ «هآرتس»، إن إيران «قطعت ثلثي الطريق نحو إنتاج ما يكفي من المواد المشعة لتصنيع سلاح نووي». ووفق الصحيفة، فإنّ هيرتسوغ جزم في محاضرة ألقاها في «معهد واشنطن» قبل أسبوع، بأن الجمهورية الإسلامية ستمتلك كمية كافية من اليورانيوم المخصّب لإنتاج سلاح نووي في نهاية العام الجاري، أو مطلع عام 2010 «إذا واصلت التخصيب بالوتيرة الحالية». كما رأى أنه إذا قررت إيران تحويل هذه الكمية إلى سلاح، فإنها ستكون قادرة على إتمام المهمة «خلال عام تقريباً»، داعياً إلى عدم استبعاد احتمال أن يكون هناك «خط إنتاج سري» في موازاة البنية التحتية النووية المعلن عنها لدى إيران.
وكشف هيرتسوغ عن لقاء عقده قبل فترة مع «شخصية بارزة ومحترمة جداً من إحدى الدول الخليجية»، أعربت له خلالها عن قلقها من البرنامج النووي الإيراني، ومن التطلعات السياسية لطهران. وبحسب المسؤول الإسرائيلي، فإن هذه الشخصية أبلغته أنها تشك في «إمكان تعليق المشروع النووي الإيراني، ونحن لا نعرف إذا كانت الإدارة الأميركية ستكون حازمة بما فيه الكفاية، وإذا أصبحت إيران نووية، فسيكون الجحيم بانتظارنا».