strong>تضارب في المعلومات الإسرائيليّة حول إعلانها من القاهرة في خطبة 4 حزيرانالتقارير الإعلامية المتناقضة في إسرائيل حول نية الرئيس الأميركي باراك أوباما طرح مبادرة شاملة للسلام بين إسرائيل والدول العربية، أثارت بلبلة وقلقاً إسرائيليّين، على الرغم من بنودها التي تعكس بغالبيتها المصالح الإسرائيلية الأمنية والديموغرافية، وتجاهلها أبرز الحقوق الفلسطينية

محمد بدير
أوردت الصحف الإسرائيلية، أمس، تقريرين متناقضين إزاء السياسة الشرق أوسطية التي يبلورها الرئيس الأميركي باراك أوباما، ولا سيما ما يتعلق منها بتصوره لحل الصراع العربي الإسرائيلي. ففيما كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسودة خطة سياسية شاملة يعتزم أوباما كشف تفاصيلها خلال خطابه في القاهرة في الرابع من حزيران المقبل، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مصادر أميركية نفيها وجود توجه كهذا. نفي لم يمنع المسؤولين من التعبير للإذاعة الإسرائيلية عن قلقهم من خطوة أوباما «غير المنسقة مع إسرائيل»، على الرغم من أن خطة أوباما، وفق ما جاء في «يديعوت»، تلبي المصالح الإسرائيلية وتتجاهل الحقوق الفلسطينية، والأخطر من ذلك أنها تقوم على معادلة مفادها أن «العرب سيدفعون الثمن سلفاً، على أن ينالوا المقابل بعد أربع سنوات»، بغض النظر عن مدى التكافؤ بين الثمن والمقابل، وضمانات التنفيذ.
وفي تفاصيل الخطة الأميركية، ذكرت «يديعوت» أن فريق الشرق الأوسط لدى أوباما منكبّ هذه الايام على مسوّدة خطة السلام التي سيعرضها أوباما في خطابه المرتقب في القاهرة، والذي سيتضمن دعوة الدول العربية إلى اتخاذ خطوات لبناء الثقة تجاه إسرائيل، بهدف تحسين الأجواء قبل المفاوضاتوتقوم خطة السلام على مبدأ «حل الدولتين للشعبين»، الذي يرفضه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وعلى تبنٍّ انتقائي لبنود من «المبادرة العربية». وبحسب الخطة، فإن الدولة الفلسطينية التي ستقوم إلى جانب إسرائيل «ستكون مستقلة وديموقراطية، ويكون فيها تواصل إقليمي في المناطق التي يتفق في المفاوضات على أن تخليها إسرائيل»، ما يعني أن الخطة لا تتضمن اعترافاً مسبقاً بمساحة الدولة الفلسطينية العتيدة وجغرافيتها، وأن هذا الأمر مرهون بالموافقة الإسرائيلية.
ليس هذا فحسب، بل إنه، بحسب «يديعوت»، «انطلاقاً من الحرص على أمن إسرائيل، لن يكون للدولة الفلسطينية جيش مستقل ولن يكون بوسعها عقد تحالفات عسكرية مع دول أخرى»، ما يعني أن الاعتبار الأمني الإسرائيلي يحتل أولوية في صياغة الطبيعة والدور والوظيفة الأمنية للدولة العتيدة.
وإذ تحدد الخطة إطاراً زمنياً من أربع سنوات لقيام الدولة الفلسطينية، ما يعني أنها تؤجل الاستحقاق الإسرائيلي الأساسي، فإنها تفرض في المقابل على الدول العربية والإسلامية الشروع فوراً، بمجرد الاتفاق على إقامة الدولة الفلسطينية، في إقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل والدول العربية والعالم الإسلامي وكذا علاقات اقتصادية وسياحية، بالضبط مثلما يطالب نتنياهو. أي إن العرب سيرمون بأهم أوراقهم وربما آخرها في مقابل الحصول على موافقة إسرائيلية لقيام الدولة الفلسطينية وفقاً للشروط الإسرائيلية. إضافة إلى ذلك، تقضي خطة أوباما أيضاً بأنه بمجرد الموافقة على قيام الدولة، ستبدأ محادثات سلام بالتوازي في القناتين الإسرائيلية ـــــ الفلسطينية والإسرائيلية ـــــ السورية ـــــ اللبنانية.
وإضافة إلى المكاسب الأمنية والسياسية التي تكفلها الخطة لإسرائيل، يبرز أيضاً المكسب الديموغرافي الذي يتمثل في إسقاط حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضي 1948، في مقابل حرص الولايات المتحدة، إلى جانب دول أوروبية ودول عربية، على تعويض اللاجئين وترتيب مكانتهم القانونية في الدول التي يسكنون فيها، بما في ذلك تلقي جوازات سفر الدول التي يقيمون فيها.
وبحسب «يديعوت»، فإن الخطة لا تزال في مرحلة المسودة، وهي ستصبح وثيقة نهائية بعد أن ينهي أوباما مشاوراته العربية، بعدما كان الملك الأردني عبد الله قد أعلن تأييده لها.
ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مسؤولين سياسيين إسرائيليين تعبيرهم عن القلق من مبادرة أوباما، لأنه «للمرة الأولى، يدور الحديث حول خطة سلام أميركية لم يجر تنسيقها مسبقاً مع إسرائيل، وهذا أمر غير مسبوق ويثير القلق».
في المقابل، ذكرت صحيفة «هآرتس» معطيات مناقضة لما ورد في «يديعوت»؛ فقد نسبت إلى مسؤولين في الإدارة الأميركية قولهم لنظرائهم الإسرائيليين إن أوباما لن يطرح مبادرة سلام جديدة خلال خطابه في القاهرة، وإن السعودية تمارس ضغوطاً على الإدارة الأميركية لطرح خطة لاتفاق إسرائيلي ـــــ فلسطيني.
وأضافت الصحيفة أن المسؤولين الأميركيين أوضحوا أن أوباما سيركز في خطابه على التقرّب من العالم العربي والإسلامي، وسيأتي على ذكر مبادئ سياسته تجاه العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين والدول العربية، لكن من دون تفاصيل واسعة، وأن هذا الموضوع لن يكون في مركز خطابه. وأضافوا أن إدارة أوباما ستستمرّ حالياً بالتمسّك بخريطة الطريق.