باتت استراتيجية حكومة بغداد في مكافحة الفلتان الأمني، الذي يضرب العراق منذ أشهر، قائمة على مقاومة التفجيرات بالبيانات والإعلانات: تفجير كبير يقابله إعلان اعتقال أبو عمر البغدادي. تفجير كبير آخر يواكبه تسريب عن اعتقال «شبكة إرهابية تموّلها سوريا»تتواصل موجة التفجيرات «الكبيرة» في العراق، وترتفع معها الأعداد الهائلة للقتلى. ويبدو أن استراتيجية أعمال العنف المستجدة منذ شهر آذار الماضي، باتت تقوم على ارتكاب أكثر من تفجير في أكثر من مدينة وبالتزامن، ما يوحي بأن الجهة الفاعلة هي نفسها. ويوم أمس، قُتل أكثر من 55 عراقياً و3 جنود للاحتلال الأميركي في 4 تفجيرات استهدفت منطقة الدورة غربي بغداد وكركوك وآخر في حي اليرموك ورابع في منطقة الزعفرانية جنوب شرق العاصمة.
وفي الدورة، أفادت مصادر أمنية عراقية بأن انتحارياً فجر نفسه بحزام ناسف وسط دورية راجلة للجيش الأميركي عند مدخل سوق الأشوريين، ما أدى إلى مقتل نحو 40 وإصابة عشرات آخرين. واعترف الجيش الأميركي بمقتل 3 من عناصره وإصابة 9 آخرين. وجاء في بيان مقتضب لجيش الاحتلال أن «ثلاثة جنود قتلوا بانفجار عبوة ناسفة استهدفت دوريتهم عند الساعة 10.40 بالتوقيت المحلي في بغداد يوم الخميس» من دون ذكر تفاصيل إضافية. ويظهر البيان الأميركي تناقضاً لما أعلنته المصادر الأمنية العراقية، بما أنه أكد أن التفجير كان بعبوة مزروعة على جانب الطريق، بحسب أحد ضباط جيش الاحتلال، لا كما أفصح عنه حكام بغداد ومفاده بأن التفجير كان انتحارياً.
وكان تفجير انتحاري مماثل قد أوقع صباحاً 15 قتيلاً في كركوك جلّهم من عناصر «الصحوة». وكان الانتحاري يرتدي الملابس الخاصة بقوات «الصحوة» وفجّر نفسه وسط تجمّعهم قرب الكلية التقنية بانتظار تلقّي رواتبهم.
تجدر الاشارة إلى أن بغداد شهدت ليل أول من أمس تفجيراً دامياً قرب أحد المطاعم الشعبية في ضاحية الشعلة الفقيرة، ما أدى الى مصرع 40 شخصاً وجرح 83 آخرين.
إلى ذلك، أعلن مسؤول أمني عراقي رفيع المستوى اعتقال شبكة «متشددة دينياً مرتبطة بالقاعدة»، اعترفت بتلقيها «دعماً مالياً من سوريا»، وتمكنت من تجنيد «انتحارية» فجرت نفسها داخل ضريح الإمام موسى الكاظم في نيسان الماضي.
وأوضح المصدر أن «قوة تابعة لشؤون الداخلية والأمن في وزارة الداخلية اعتقلت ثلاثة أشخاص متشددين دينياً ومرتبطين بالقاعدة بناءً على معلومات استخبارية في حي زيونة الراقي وسط بغداد قبل يومين». ورفض المصدر الإدلاء بمزيد من التفاصيل، مكتفياً بالتأكيد أن «المجموعة اعترفت بتلقي دعم مالي من سوريا». وأشار إلى أن «الإرهابيين، وجميعهم من العراقيين، كانوا يشغلون منزلين فخمين في الحي الراقي، وعثرنا خلال المداهمة على أحزمة ناسفة وسيارات مفخخة وعبوات لاصقة وأسلحة وعتاد».
ولفت المصدر إلى أن «المجموعة المتشددة اعترفت بتجنيد انتحارية فجرت نفسها داخل ضريح الكاظم، ما أوقع ما لا يقل عن 55 قتيلاً، بينهم زوار إيرانيون، بالإضافة إلى تقديم مساعدة في هجمات أخرى بينها العملية الانتحارية التي استهدفت الشرطة الوطنية قرب ساحة التحريات» في بغداد الشهر الماضي.
وجزم المصدر العراقي بأن الانتحاري الذي «نفذ الهجوم في ساحة التحريات وسط بغداد يحمل الجنسية السورية، وليس امرأة كما أعلنت بغداد في حينه». وكشف أن المجموعة «اعترفت بتنفيذ عمليات اغتيال طاولت الشرطة بواسطة عبوات لاصقة، بينها مقتل ضابط برتبة مقدم، فضلاً عن سائق أحد نواب رئيس الجمهورية».
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)