أولمرت يحذّر من عواقب رفض أنابوليس: سندفع ثمناً غاليّاًمحمد بدير
حذّر رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، إيهود أولمرت، رئيس الحكومة الجديد، بنيامين نتنياهو، من عواقب رفض مبادئ أنابوليس، في إشارة إلى التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، وشدد فيها على عدم التزامه بمبادئ مؤتمر أنابوليس، بل بخطة «خريطة الطريق» فقط. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أولمرت قوله، في خطاب ألقاه في اجتماع لحزب «كديما» أول من أمس، أن «من يعتقد أنّ بالإمكان تجاهل العملية السياسية سيدفع ثمناً غالياً، ومنصب رئيس الحكومة هو منصب ضاغط يثير التوتر، لكن يجب القول للجمهور إنه لا طريق أخرى».
وأضاف أولمرت: «إنني لا أذكر أنه طوال فترة وجود دولة إسرائيل، وقفت على منصة واحدة القيادة الإسرائيلية والفلسطينية والأميركية، وجلس في القاعة زعماء الدول العربية والإسلامية»، في إشارة إلى مؤتمر أنابوليس، وأدى هذا الحدث إلى بلورة «الوعي لدى مئات الملايين في أنحاء العالم وإلى أن يدركوا أن دولة إسرائيل هي حقيقة». وأضاف أن «من يعتقد أنّ بالإمكان الاستهانة أو التنازل أو فقدان دعم الأسرة الدولية، لا يدرك الأثمان التي ستطالب دولة إسرائيل بدفعها. ومن يعتقد أنّ بالإمكان إلقاء أنابوليس جانباً وتجاهل الحاجة إلى إجراء مفاوضات، فإنه لا يدرك أن أنابوليس أصبح اليوم مصطلحاً متفقاً عليه ومقبولاً وحتمياً بالنسبة إلى الأسرة الدولية كلها».
ورغم عدم تعليق نتنياهو علناً حتى الآن على تصريحات ليبرمان، فإن أقوال وزير الخارجية أثارت على ما يبدو شخصيات داخل الحكومة ربطت بين تصريحاته والتحقيق الذي تجريه معه الشرطة. ونقلت صحيفة «معاريف» عن وزير رفيع المستوى في الحكومة قوله إن «ليبرمان تصرف كأنه لا يوجد غد، وإن تصرفه كان فظاً». وفي السياق، قال آخر للصحيفة إنّ «ثمة شعوراً بأن ليبرمان ألقى خطاباً شديد اللهجة في وزارة الخارجية بسبب التحقيق المرتقب معه. فهو يشعر بأن هناك أشياء ضده، لذلك يسمح لنفسه بإحراق النادي».
في المقابل، رأى وزراء آخرون أنه لا ينبغي الانفعال من تصريحات ليبرمان، «فالأمر لا يتعلق بالمضمون، بل بالأسلوب، وقد تصرف ليبرمان كما يتصرف عادة، فهو دائماً يقول الحقيقة بالنسبة إليه من دون تجميل».
وذكرت «هآرتس» أن خطاب ليبرمان خلال حفل تسلمه منصبه الجديد «ولّد حالة من الإرباك الشديد داخل وزارة الخارجية التي تلقت طلبات من الممثليات الإسرائيلية في الخارج بشأن كيفية التعامل معها». وقالت إن المدير العام للوزارة، أهارون أبراموفيتش، «أجرى نقاشاً خاصاً لبلورة توضيحات موحدة لتصريحات الوزير». وتقرر في هذا الاجتماع إرسال النص الحرفي لكلمة ليبرمان إلى كل الممثليات الدبلوماسية الإسرائيلية في الخارج مرفقاً ببعض التعليمات، أبرزها التركيز على الجانب الإيجابي من الكلمة، «كالتزام خريطة الطريق التي تؤدي في نهاية المطاف إلى إقامة دولة فلسطينية».
ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع المستوى في الوزارة قوله إن «الاعتراف بخريطة الطريق يعني الاعتراف بدولة فلسطينية، رغم أن ليبرمان لم يقل ذلك بوضوح».
من جهة أخرى، انتقدت الصحيفة تصريحات ليبرمان، مشيرة إلى أنه «رغم حقه في الإعراب عنها بوصفه رجلاً سياسياً، إلا أن مشكلة الدولة أكبر بكثير من مشكلته». وأضافت أنه «إذا ما عُدّت الحكومة رافضة للسلام، متنكرة للمبادئ الأساسية للمسيرة السياسية المدعومة بإجماع دولي جارف، فإن إسرائيل ستجد نفسها في عزلة، وستجد صعوبة في تجنيد الدعم لأهدافها، وعلى رأسها مكافحة البرنامج النووي الإيراني».
وإذ رأت الصحيفة أن إسرائيل لا يمكنها أن تسمح لنفسها بأن تدفع ثمناً باهظاً كهذا، دعت نتنياهو إلى أن «يمارس زعامته ويوضح إذا كانت حكومته ملتزمة بتقدم التسويات السياسية أم فقط بالاستعداد للحرب».
ورأت صحيفة «معاريف» أن تصريحات ليبرمان تدلّ على ما هو متوقع لإسرائيل خلال الأعوام المقبلة: «نهج متصلب حيال كل مبادرة فلسطينية تتضمن تنازلات، ونهج أكثر تصلباً حيال الإرهاب على مختلف الجبهات». وأوضحت أنه «في الحكومة السابقة جرت تجاذبات وراء الكواليس بين وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني ووزير الدفاع، إيهود باراك، حين لم يسارع الأخير إلى رفع الحواجز وإخلاء البؤر الاستيطانية وتنفيذ مبادرات أحادية لإرضاء الأميركيين في سبيل دفع عملية السلام قدماً مع الفلسطينيين. لكن في الوضع الراهن، لم يحلّ ليبرمان مع أجندته المختلفة كلياً مكان ليفني فقط، بل انضم إلى وزير الدفاع لاعبان إضافيان يهمسان في أذنه، هما ليبرمان ونتنياهو».
إلى ذلك، أعرب ليبرمان في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف عن استعداده للتعاون مع الجانب الروسي في حل القضايا المدرجة على جدول الأعمال بين البلدين، وبشأن عملية التسوية في الشرق الأوسط.