من الطبيعي أن تسارع نقابتا المهندسين والمقاولين للترحيب بصدور قانون عن المجلس النيابي يرتّب على الخزينة العامّة، وبالتالي المكلّفين اللبنانيين، أكثر من 200 مليون دولار إضافية، فروقات أسعار على عقود أشغال مبرمة مع الدولة اللبنانية، ولا سيما مجلس الإنماء والإعمار... لكن من غير الطبيعي أن تعمد هاتان النقابتان إلى التهجّم على منتقدي القانون الذين، بحسب البيان الصادر عنهما أمس، «يطلقون الاتهامات جزافاً، من دون دراية بحقيقة الموضوع»، مع التمنّي، بحسب البيان نفسه، «ألا يكون هذا الأمر من ضمن البازارات السياسية والانتخابية».
يقول الحديث المأثور: «إذا ابتُليتم بالمعاصي فاستتروا»، وهذا ما لا يجد ترجمة فعلية له في البيان المذكور على قاعدة قوّة المثل الذي يقول: «المال السائب يعلّم الناس الحرام».
فالانتقادات لا علاقة لها بالحقوق التي يدّعيها من طالب بفروقات الأسعار ومن قرر الاستجابة، بل لها علاقة بطريقة إبرام هذه العقود والجهة التي تتحمّل مسؤولية المخاطر المترتّبة على تنفيذ أي عقد... إذ كيف يُمكن مكافأة من تقاعس في تنفيذ عقد أو أخلّ بموجباته وذهب إلى عرينه الطائفي أو المناطقي في إطار منظومة الفساد ليطالب بالمزيد من المال العام؟ ثم كيف يبرر من صدّق على هذا القانون إعطاء المتعهدين 200 مليون دولار لتغطية مخاطر تقلّبات الأسعار الملحوظة أصلاً في العقود المبرمة، ويتذرّع بعدم توافر التمويل لتسديد حقوق الموظفين بفروقات الرواتب أو حقوق المتضررين من جراء حرب تموز ومخيم نهر البارد أو حقوق المهجرين منذ أيام الحرب في لبنان؟
(الأخبار)