محمد بدير كانت الجلسة الأولى للحكومة الإسرائيلية الجديدة، التي عُقدت أول من أمس، مناسبة لعدد من المعلّقين والمحلّلين في الصحف العبرية، لإبداء الرأي إزاء النتائج المتوقعة من هذه الحكومة «المريضة»، والتشكيك بمدى قدرتها على الوفاء بالالتزامات التي قطعها أقطابها من جهة، وبالنجاح في التصدي للتحديات والمعضلات التي تواجهها الدولة العبرية من جهة ثانية، إلى جانب عجزها عن القيام بأي خطوات دراماتيكية بسبب حجمها الكبير والتناقضات بين أطرافها الائتلافية.
ورأى الخبير في الشؤون القانونية والدستورية في صحيفة «هآرتس»، زئيف سيغال، أن حكومة بنيامين نتنياهو لم تتغير كثيراًَ عن حكومات أخرى. وأضاف أنه تكفي حكومة عدد وزرائها يفوق 18 ـــــ ولا يصل بالضرورة إلى 30 ـــــ كي تصبح هذه الحكومة نادياً للنقاش، حيث لا تتخذ قرارات حاسمة ذات مغزى.
وتطرق سيغال إلى الشوائب التي تعانيها حكومة نتنياهو، فأشار إلى أنها حكومة من دون وزير صحة بوظيفة كاملة، وعليه فهي «حكومة مريضة جداً»؛ حكومة من دون قائم بأعمال رئيس الوزراء، وهذا يجعل الحكومة تفتقر إلى أساس هام؛ حكومة من دون نساء في المواقع الأساسية، ومن هذه الناحية سارت الحكومة الجديدة إلى الوراء، خلافاً لمعظم الديموقراطيات؛ حكومة من دون خبراء مسؤولين عن مجال خبراتهم.
ورأى المحلل السياسي في «معاريف»، بن كسبيت، أن نتنياهو بدأ القسم الثاني من ولايته، مشيراً إلى أن القسم الأول، ومدته نصف عام، تكرس للوعود، من تشرين الأول الماضي حتى يوم الثلاثاء الماضي، وعد نتنياهو شفوياً وخطياً. أما الآن فقد حان وقت التسديد. وأضاف كسبيت أنه «سيتعيّن على نتنياهو أن يفي بوعوده، على الأقل ببعضها، وهو سيكتشف بأن الإيفاء بالوعد المفهوم، الذي أكل عليه الدهر وشرب في السياسة عندنا، لم يصبح أسهل مع السنين. ربما حتى العكس. الناس الذين يتلقّون الوعود يتوقّعون بعد ذلك أن يحصلوا على ما وعدوا به».
وتطرق كسبيت إلى بعض وعود نتنياهو، منها «وعده على الأقل تسعة أشخاص مختلفين يعتقدون أنهم سيكونون في المطبخ السياسي. هكذا المتقاعدون، والعاطلون من العمل، والوزراء المختلفون وهكذا تقليص في الأمن، وتقليص في التعليم، والمخصصات، والمخططات، وجملة الأفكار الأخرى التي لا يوجد سبيل لتحقيقها، ولا يوجد من أين يمكن تمويلها».
ورأى خبير الشؤون الحزبية في «معاريف»، شالوم يروشالمي، أنه بعد أسبوع على إقامة حكومة نتنياهو، بات ممكناً تحديد بضعة اتجاهات. وأوضح «أولاً، ألّف نتنياهو حكومة واسعة جداً، يمكنها أن تصمد زمناً طويلاً، إلا إذا اتخذت خطوات دراماتيكية على المستوى السياسي والاقتصادي؛ ثانياً، اتخذ بعض خطوات حكيمة من ناحية سياسية داخلية، يمكنها أن تضمن له استقراراً حتى لو لم تكن تبدو سليمة على المستوى الجماهيري؛ ثالثاً، نتنياهو أخذ في أول جلسة للحكومة عدة قرارات ممتازة».
ولفت يروشالمي إلى أن نتنياهو بنى حكومة يرضى عنها الجميع عموماً، بعدما أعطى «شركاءه الطبيعيين»، في إشارة إلى الأحزاب اليمينية، كل ما طلبوه. كذلك فإن «الشريك غير الطبيعي»، أي حزب «العمل»، حصل على ما يريد.
فضلاً عن ذلك، حقق نتنياهو، بحسب يروشالمي، هدوءاً في «الليكود»، فوزّع الحقائب الوزارية على كل من يرغب، بحيث إن أحداً لم يبق في الخارج. وفي ضوء هذا الواقع يسأل يروشالمي «إلى أين تسير هذه الحكومة؟». والجواب برأيه هو أن «الراحة والانتفاخ» في الحكومة «يقودان إلى جمود سياسي وتعطل اقتصادي. فنتنياهو يمكنه أن يتوجه اليوم إلى اليمين فقط، لا إلى اليسار. لا يمكنه أن يحقق أو حتى يتبنّى خريطة الطريق إذ إن حكومته ستتفكّك بين يديه».
على صعيد آخر، تطرق يعيل غفيرتس، في «يديعوت أحرونوت»، إلى فترة السماح التي تُمنح عادة لكل رئيس جديد للحكومة، متسائلاً عن السبب الذي يحول دون أن يكون الجمهور أحق بفترة السماح هذه، ذلك أن الجمهور هو الذي يُشغل الحكام، وهم الذين يعملون عنده. ويضيف غفيرتس أن الجمهور «ليس هو الذي ألّف حكومة مبالغاً فيها. ليس هو الذي أعدّ الحقائب والميزانيات لعشرات الطفيليين. ليس هو الذي قرر السماح لليبرمان بإشعال الجبهة السياسية، وليس هو من أودع دولة في أزمة اقتصادية خطيرة بيد وزير مال عديم المؤهلات والكفاءات، وعيّن نائب وزير أصوليّاً في وزارة التعليم، وإعاد لشاس السيطرة في وزارة الداخلية، وبالتأكيد ليس الجمهور هو المسؤول عن القرار غير المسؤول في الامتناع عن تعيين وزير صحة».
وتوجه غفيرتس إلى نتنياهو ووزرائه بالقول «إذا كنتم تريدون الثقة، قوموا بخطوات تبني الثقة في الصالح العام. أخرجوا أنفسكم من الدائرة الضيقة للتهكم السياسي النفعي. اربطوا أنفسكم بالواقع وباحتياجاته، بالجمهور وبما يضايقه. فاجئونا إيجاباً، تحصلوا على السماح الذي تطلبونه».