قد لا ينقص رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، إيهود باراك، سوى المزيد من التهويل لتشديد آرائهما الحربية إزاء الأراضي التي يحتلها جيشهما. فقد صدر تقرير جديد يحذّر من مغبة الانسحاب ولو الجزئي من الجولان، لأنه يهدد أمن إسرائيلاعتبر تقرير أصدره «مركز القدس للشؤون العامة» في إسرائيل، أمس، أن الترتيبات الأمنية للانسحاب من الجولان بحسب الخطة، التي وضعها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الحالي إيهود باراك في نهاية تسعينيات القرن الماضي، لا تضمن أمن إسرائيل، مشدداً على أنّ الخط الحدودي الحالي يشكل الضمانة الحقيقية الوحيدة لأمن الدولة العبرية.
ونقل موقع صحيفة «جيروزاليم بوست» عن التقرير، الذي وضعه المستشار السابق للأمن القومي اللواء المتقاعد غيورا أيلاند، أنّ «الخط الحدودي الحالي هو الوحيد الذي يوفر ضمانة معقولة للدفاع عن دولة إسرائيل».
وبحسب تقرير المركز، الذي يرأسه السفير الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة دوري غولد، الذي شغل منصب مستشار السياسة الخارجية لنتنياهو خلال ولايته الأولى رئيساً للوزراء، فإنّ الترتيبات الأمنية التي نوقشت في ذلك الوقت «معيبة» وترتكز إلى «افتراضات خطيرة». وبحسب الوثيقة، التي نشرتها الصحيفة، فقد ارتكزت الترتيبات الأمنية «الخاطئة» للانسحاب من الجولان على عنصرين هما: جعل المنطقة التي تنسحب منها القوات الإسرائيلية منزوعة السلاح، واحتفاظ الدولة العبرية بأنظمتها للإنذار المبكر على قاعدة حرمون لتحديد أي انتهاكات للاتفاق.
ويرى أيلاند أن أيّاً من هذه المعطيات غير قادر على ضمان أمن البلاد، مشيراً إلى أن أي انسحاب من الجولان «سيؤدي إلى انتقاص في القيمة المعنوية للقدرة الدفاعية لإسرائيل».
وحذّر من أنّ أكبر تهديد تشكله سوريا على دولة الاحتلال لا يأتي من القوات البرية، بل من منظومتها الصاروخية ومن مخزونها من الأسلحة الكيميائية، كاشفاً أنّ المحادثات التي أجراها باراك بين عامي 1999 و2000 لم تتطرق إلى الحدّ من هذه القدرات.
وشكّك أيلاند بالفرضية التي تقول إنّ تحقيق السلام مع سوريا سيؤدي إلى عزل إيران ويساهم في تقدّم المسار الفلسطيني الإسرائيلي وفي إضعاف حزب الله. وأشار إلى أن «أكبر تهديد استراتيجي لإسرائيل يتمثل بالأسلحة النووية بين أيدي إيران، وأن استمرار وجود تهديد كهذا لن يتأثر على الإطلاق بعقد اتفاق سلام بين تل أبيب ودمشق».
ويضيف التقرير أنّ ايران هي «الداعم الرئيسي لحزب الله»، وأنّ أيّ اتفاق سلام بين دمشق وتل أبيب لن يمنع تهريب الأسلحة من الجمهورية الإسلامية إلى الحزب عن طريق سوريا.
كذلك يلفت إلى أنّ أيّ انسحاب إسرائيلي من مرتفعات الجولان سيخلق وضعاً يكون فيه الجيش الإسرائيلي في مناطق التجمع في وادي الحولة «بمرمى قذائف الهاون والمدفعية السورية».
ويجزم في السياق نفسه بأنّ الدولة العبرية «لم تعد تتعامل مع صواريخ ساغر من حرب يوم الغفران، بل مع صواريخ متطورة وفاعلة على مسافة 5 كيلومترات»، محذراً من أنّ «إدخال تحسينات على الصواريخ المضادة للطائرات (في سوريا) سيسمح للسوريين بإخفاء الأسلحة في مناطق تبنيها قبل الحرب (المفترضة)، ثم تطلقها من الخطوط الأمامية» للجبهة.
وهنا يطلق أيلاند إنذاره من أنّ قواته الجوية قد تفقد تفوقها «لأن الصواريخ السورية التي تشكل خطراً على الجبهة الداخلية ستجبر قواتنا على مضاعفة جهودها في صدّ صواريخ القوات البرية». وختم أيلاند «السيناريو الأسود» جازماً بأنّ المعطيات «تتناقض بصورة حادة مع المفهوم الأمني الحالي الذي يفترض أن قواتنا البرية قادرة على الاتكال على نفسها في الأيام الأولى من القتال، فيما القوات الجوية تحقق التفوق الجوي».
(يو بي آي)