انعكست تركيبة الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي تنطوي على الكثير من التناقضات الحزبية، على مدى قدرتها على التوصل إلى سبل لمعالجة الملفات الشائكة، وخصوصاً تلك المتعلقة بقضية السلام مع سوريا، مع غياب توافق يستطيع أن يدفع بالأمور إلى الأمام
علي حيدر
كرر وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أمس، مواقفه المتشددة تجاه المفاوضات مع سوريا، وأكد أن الحكومة الإسرائيلية ستجري محادثات سلام مع هذه الأخيرة، إذا تخلت عن شروطها المسبقة، واصفاً مطلب دمشق الانسحاب من الجولان بأنه شرط مسبق.
وأعلن ليبرمان، للإذاعة الإسرائيلية، أنه «لكل جانب موقفه. سوريا ربما تريد السيادة على مرتفعات الجولان، بينما نطلب عقداً مدته 200 عام لاستئجار مرتفعات الجولان، هم يطالبون بمرتفعات الجولان في مقابل السلام، بينما نطالب بالسلام مقابل السلام»، مضيفاً أن مطلب سوريا الأساسي استعادة الجولان مطروح للنقاش.
وكان ليبرمان قد وصف، خلال مقابلة مع الصحيفة الألمانية «برلينر تسايتونغ»، سوريا بأنها «لا تمثل شريكاً حقيقياً في أي اتفاق كان»، داعياً إلى ضرورة رؤية الواقع «ففي سوريا توجد مقار قيادية للمنظمات الإرهابية، حماس والجهاد. وسوريا تمنح دعماً لحزب الله ولتهريب السلاح إلى المنظمة في جنوب لبنان، وسوريا تساعد البرنامج النووي الإيراني».
وبشأن الموقف من الخيار العسكري لمواجهة البرنامج النووي الإيراني إذا لم تؤثر العقوبات الدولية، قال ليبرمان لصحيفة «كلنر شتادت ايستايغر» الألمانية، «نحن لا نتحدث عن أي هجوم عسكري. إسرائيل لا يمكنها أن تحل عسكرياً مشكلة هي مشكلة العالم بأسره». واقترح أن تتولى الولايات المتحدة مهمة حل المسألة الإيرانية، مشدداً على أن «السبيل الأفضل لوقف البرنامج النووي، هو فرض عقوبات أقسى بكثير على إيران». وحذر من أنه إذا أصبحت إيران قوة نووية عظمى «فسيبدأ في الشرق الأوسط سباق تسلح نووي خطير».
في المقابل، رأى مكتب وزير الخارجية، أن ما ورد في الصحيفة الألمانية ليس دقيقاً، وأن ليبرمان قال إن «الأحداث الأخيرة تثبت أن إيران تشكل تهديداً، قبل كل شيء، على دول عربية كمصر ولبنان، وكذلك دول الخليج باتت تفهم المشكلة. إيران تشكل تهديداً على النظام العالمي بأسره. من ينبغي أن يأخذ المسؤولية عن معالجة المشكلة هي الولايات المتحدة والأعضاء الدائمون في مجلس الأمن».
بدوره، أكد وزير الدفاع إيهود باراك، لصحافيين قبل بدء اجتماع الحكومة الأسبوعي أمس، أن «المفاوضات مع سوريا يجب أن تبقى دائماً على جدول أعمال الحكومة وأن مصلحة إسرائيل تقتضي تطبيع العلاقات مع سوريا من منطلق الدفاع عن مصالحنا الحيوية». وحول إمكان الانسحاب من هضبة الجولان، قال «ينبغي أن نكون أقوياء ومنفتحين ومستعدين للسلام إذا تمت حماية مصالحنا».
وأوضح باراك، لموقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني، أنه «لا شك لديّ بأنه ينبغي إجراء مفاوضات مع سوريا من أجل فحص سبل إخراجها من محور الشر»، مضيفاً أنه «ينبغي أن تشمل المفاوضات المطالبة بتفكيك مقار قيادة الإرهاب الموجودة في دمشق»، إضافة إلى بقية الجوانب الأمنية التي «توجد فيها مصلحة إسرائيلية بارزة».
وشدد باراك على أن مفاوضات كهذه هي «أمر حيوي للمصالح الإسرائيلية في واقع الشرق الأوسط الحالي». ودعا «إلى البحث عن سبل استمرار المفاوضات مع السوريين، بطريقة لا تتناقض والمفاوضات مع الفلسطينيين ضمن إطار اتفاق إقليمي شامل».
ونقل الموقع نفسه عن باراك قوله إن «للرئيس (السوري بشار) الأسد مصلحة حقيقية في السلام مع إسرائيل، وإن تقديرات الاستخبارات في الجيش تدعم هذا الموقف». وأشار إلى أن إدارة الرئيس الأميركي باراك اوباما «تفحص تقريب سوريا إلى الغرب وأنها أرسلت عضوي مجلس شيوخ من أجل جس نبض أولي حول إمكان الدخول في حوار مع دمشق».
وعن السياسة الأميركية تجاه إيران، أوضح باراك «لم نصل إلى درجة الإملاء على الولايات المتحدة إذا ما كان يجب إجراء مفاوضات مع إيران، ولكن المفاوضات يجب أن تكون محددة بوقت ويرافقها فرض عقوبات، بما في ذلك تشديدها وقت اللزوم». وعن إمكان قيام إسرائيل بخطوة عسكرية، قال باراك «قلنا في الماضي إننا لا نستثني أي احتمال وننصح الآخرين بأن يحذوا حذونا».
وكان باراك قد أكد، خلال لقائه في الفترة الأخيرة مع جهات رفيعة في الإدارة الأميركية، أن إسرائيل لا تعارض الحوار الأميركي مع إيران بشأن برنامجها النووي، غير أنه شدد على «ضرورة تحديد سقف زمني لهذا الحوار».