تواكب إسرائيل المقاربة الحوارية للإدارة الأميركية الجديدة حيال طهران بكثير من الحذر والخشية. الحذر من أن يفقد الموقف الأميركي الابتدائي زخمه في سياق التفاوض، والخشية من أن تستغل طهران هذا التفاوض لكسب الوقت
محمد بدير
أعلن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، الجنرال عاموس يادلين، أن إيران اجتازت العتبة التكنولوجية النووية وباتت قادرة على إنتاج قنبلة نووية إذا تناسب ذلك مع استراتيجيّتها. وأوضح، في عرض استخباري قدّمه خلال جلسة الحكومة الأسبوعية أمس، أن طهران «تراكم مئات الكيلوغرامات من اليورانيوم المخصب بنسبة منخفضة، وتأمل أن تستغل الحوار مع الغرب من أجل كسب الوقت المطلوب للوصول إلى القدرة لتصنيع القنبلة النووية».
ورأى يادلين أن المقاربة الجديدة للإدارة الأميركية بشأن التحاور مع طهران تلقى تجاوباً حذراً في الشرق الأوسط. وأضاف «الدول العربية المعتدلة تعتقد أن هذا الأمر سيكون على حسابها وسوف يتم استغلاله بطريقة سلبية من جانب إيران وسوريا اللتين ستماطلان عبر واجهة الحوار، في وقت تواصلان فيه التسلح ودعم الإرهاب». وتابع «إن المحور المتطرف يأمل فعلاً أن تغير الولايات المتحدة مواقفها، إلا أنه يشتبه في أن يكون ذلك خطوة تسبق بلورة ائتلاف أكثر نجاعة ضده».
وفي السياق، قال موقع «يديعوت أحرونوت» إن إسرائيل تواكب بارتياح حذِر النهج الذي تعتمده إدارة الرئيس أوباما في الحوار مع إيران، رغم وجود قلق كبير لديها. وكتب محلل الشؤون الأمنية في الموقع، رون بن يشاي، أن تل أبيب تدرك أن الإدارة الأميركية الجديدة مصممة على محاورة النظام الإيراني من أجل دفع المصالح الأميركية قدماً، «ولذلك ثمة خطورة من أن يفقد الموقف الأميركي الابتدائي زخمه خلال المباحثات ويتمكن الإيرانيون في نهاية المطاف من كسب الوقت الذي يحتاجون إليه من أجل استكمال تحضيراتهم لإنتاج سلاح نووي». ورأى بن يشاي أن نتيجة هذا المسار ستكون «تحول دنيس روس، الموفد الأميركي للحوار مع إيران، إلى (رئيس الوزراء البريطاني عشية الحرب العالمية الثانية، نفيل) تشامبرلين معاصر»، في إشارة إلى سياسة المصالحة التي انتهجها الأخير حيال النظام النازي في ألمانيا والتي أدت إلى تنامي قوته ومطامعه.
ولأجل الحؤول دون حصول هذا التطور، رأى بن يشاي أن الإدارة الأميركية تقارب ملف الحوار مع طهران بحذر كبير وتخطيط حريص. وأوضح أن الأميركيين سينتظرون نتائج الانتخابات الإيرانية في حزيران المقبل قبل أن يباشروا الحوار مع طهران، وذلك على أمل أن يسقط الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، فيها ويخلفه رئيس أقل تشدداً. وحتى ذلك الوقت، سيعمل الأميركيون على بلورة سياسة العصا مع دول مفتاحية في الضغط على إيران، كروسيا والصين من أجل تجنيد موافقتها مسبقاً في تفعيل عقوبات أشد قساوة على إيران في حال فشل الحوار.
من جهة أخرى، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن وثيقةً عسكرية أميركية عدّت إسرائيل، صراحة، عضواً في النادي النووي خلافاً للسياسة الرسمية المتبعة من جانب واشنطن حيال هذا الملف والتي تعتمد الصمت وتفضل عدم التطرق إلى الموضوع.
وبحسب الصحيفة، فإن الوثيقة المسماة «محيط التشغيل المتداخل 2008»، والتي أعدّها قائد القوات المختلفة في الجيش الأميركي، الجنرال جيمز ماتيس، تتحدث عن المخاطر الأمنية المحدقة بالأمن القومي للولايات المتحدة.
وفي سياق إحصاء الوثيقة للدول التي تمتلك قدرات نووية في الشرق، رأت أن هناك «طيفاً كبيراً من القوى النووية العظمى، يمتد من إسرائيل مروراً بإيران وباكستان والهند، وصولاً إلى الصين وكوريا الشمالية، فضلاً عن روسيا».