لا تزال التقارير المنددة بالجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في حرب غزة ضد المدنيين متواصلة. وكشفت صحيفة «الغارديان» البريطانية، أمس، عن «أدلة تفصيلية لجرائم حرب ارتكبتها إسرائيل خلال الهجوم الذي شنّته على قطاع غزة على مدى ثلاثة وعشرين يوماً، جمعتها في ثلاثة أفلام في إطار تحقيق أجرته واستغرق شهراً». وقالت إن القوات الإسرائيلية «استخدمت الأطفال دروعاً بشرية، واستهدفت الفرق الطبية والمستشفيات، وأطلقت طائراتها نيران أسلحتها على المدنيين الفلسطينيين»، مشيرة إلى أن «الأدلة التي جمعتها سترمي بثقلها وراء الدعوات، هذا الأسبوع، لفتح تحقيق كامل في الأحداث المحيطة بعملية الرصاص المصهور التي راح ضحيتها 1400 فلسطيني، بينهم 300 طفل».وأضافت الصحيفة أنها جمعت معظم الشهادات، التي وصفتها بـ«الدراماتيكية»، من ثلاثة أشقاء فلسطينيين من عائلة العطار، وصفوا فيها احتجازهم من قبل القوات الإسرائيلية تحت تهديد السلاح، وإجبارهم على الجلوس أمام دباباتها لمنع مقاتلي «حماس» من ضربها، وإرسالهم إلى منازل الفلسطينيين لتطهيرها قبل أن يدخلها الجنود الإسرائيليون.
ونسبت الصحيفة إلى علاء العطار (14 عاماً) قوله «إن الجنود الإسرائيليين أجبرونا على دخول المنازل أوّلاً لكي نصاب نحن بالرصاص لا هم إذا ما فتح المسلّحون نيران أسلحتهم».
ولفتت «الغارديان» إلى أن «الجيش الإسرائيلي رفض التعليق مباشرة على الشهادات التي جمعتها ضد قواته»، غير أنه أصدر لاحقاً بيانات «نفى فيها هذه التهم، وأصرّ على أنه يراعي القانون الدولي في عملياته». إلا أن الباحثة في منظمة العفو الدولية التي أمضت أسبوعين في غزة للتحقيق في جرائم الحرب، قالت للصحيفة إن «تحقيقاً بتفويض من مجلس الأمن الدولي هو الوحيد القادر على ضمان تعاون إسرائيل ومقاضاة المسؤولين عن جرائم الحرب، لأنه لن يكون هناك رادع من دون إجراء تحقيق مناسب».
وكعادتها، ندّدت إسرائيل بتقرير الخبير في الأمم المتحدة ريتشارد فالك، الذي طالب بتحقيق في الهجوم الإسرائيلي على غزة بسبب وقوع جرائم حرب. وقال الناطق باسم رئيس الوزراء إيهود أولمرت، مارك ريغيف، «للأسف، هذا مثال إضافي على الموقف الأحادي الجانب والمنحاز وغير العادل لمجلس حقوق الإنسان»، مضيفاً أن «هذا النوع من التقارير لا يخدم أبداً حقوق الإنسان ويستخدم سياسة حقوق الإنسان كأداة».
كذلك، رفضت واشنطن تقرير فالك. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية روبرت وود، «توصلنا إلى أن آراء الخبير في الأمم المتحدة أبعد ما تكون عن الموضوعية. نعتبرها منحازة، وقلنا ذلك بوضوح». وأشار إلى أن بلاده «تدرك أنها لن تكون قادرة على منع تحقيق»، ليضيف «أما إذا كان لا بد من إجراء تحقيق، يجب ألا يكون منحازاً».
بدوره، أعلن الضابط الإسرائيلي في قوات الاحتياط البريغادير تسفيكا فوجل، الذي شارك في الحرب على غزة، أن «جهود الضباط الإسرائيليين لحماية جنودهم من نيران الفلسطينيين أثناء الحرب ربما أسهمت بسقوط قتلى بين المدنيين من دون داع». وقال لوكالة «رويترز» إنه «إذا أردت أن تعرف ما إذا كنت أعتقد أننا في قيامنا بذلك قتلنا أبرياء، فالإجابة بما لا لبس فيه هي نعم».
وصنّف فوجل أولويات الضباط الميدانيين الإسرائيليين في قتال غزة قائلاً: «أوّلاً، إعادة رجالنا آمنين وسالمين. ثانياً، إصرارنا على الانتصار. ثالثاً، نحن لسنا قتلة، ولا يمكننا أن نخلق موقفاً نقاتل فيه من دون مبادئ». وأضاف «لو كنا أنهينا هذه الحملة بمئة جندي قتيل واحتراق عشر دبابات لكن مع الفوز بتقدير دولي باعتبارنا الجانب الذي أظهر أخلاقيات استثنائية، فهل موقفنا سيكون أفضل اليوم؟».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)