strong>مؤتمر يطرح استراتيجية وطنية وإنشاء هيئة مستقلةمقاربات عديدة للفساد قدمت في المؤتمر الذي دعت إليه «الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية ــ لا فساد» وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ولأن «منبع الفساد هو قانون الانتخاب» بحسب الوزير زياد بارود، لا يمكن التفاؤل كثيراً بمستقبل مكافحة الفساد بعد 7 حزيران 2009

بسّام القنطار
استعان وزراء لبنان وصناعيّوه بالأمثلة الشعبية لكي يقدموا مقاربتهم لملف الفساد في لبنان. فالبنسبة إلى وزير التنمية الإدارية إبراهيم شمس الدين فإن «الثلم الأعوج من الثور الكبير». والثور الكبير في لبنان بحسب شمس الدين هم «القادة الذي يقومون بدور القوّادين بدل أن يكونوا القدوة». اما رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين،

فادي عبود، فقد رأى أن «شطف الدرج يبدأ من الأعلى إلى الاسفل»، قبل أن يلفت إلى «أن الكلفة اليومية للفساد تقدر بأكثر من ثلاثة ملايين دولار من الرشى، وهذه تصل إلى حوالى مليار دولار سنوياً». أمثال استدعت ابتسامة عريضة من السفير الأميركي الأسبق فانست باتل، الذي جلس في آخر القاعة منهمكاً في تسجيل محضر مفصّل لوقائع المؤتمر.
ثلاثة وزراء ونائبان ومدير عام وممثلون عن القطاعين الخاص والأهلي تعاقبوا على الحديث في مؤتمر «نحو استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد»، الذي عقد أمس، في فندق «فينيسيا»، وبرعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان.
الوزير زياد بارود الذي مثل رئيس الجمهورية في حفل افتتاح المؤتمر، عرض تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2008 عن «مدركات الفساد»، معلناً «تراجع تصنيف لبنان عن عام 2003 من المرتبة 78 إلى المرتبة 102 من أصل 180 دولة شملتها الاستطلاعات.
ورغم تنويه الوزير بارود بعهد الرئيس فؤاد شهاب، حيث تم إنشاء مجلس الخدمة المدنية وديوان المحاسبة والتفتيش المركزي، إلا أنه لم يقدم توصيفاً عملياً لواقع هذه المؤسسات الرقابية، مكتفياً بالقول إن «جميع المحاولات منذ 1990، في اتجاه وضع حد للفساد، على الأقل على مستوى الإدارة، كانت كلها ظرفية وموقتة وعابرة (...) أما فتح الملفات وإقفالها، فإرادة سياسية بامتياز في انتقائية تقوم على قاعدة الولاء معياراً للتمييز. ناهيك عن الخشية من محاسبة قد ينظر إليها من قبل البعض كمحاسبة طائفية أو مذهبية أو مناطقية».
ولم يفت بارود أن يشير إلى أن «منبع الفساد السياسي هو قانون الانتخاب نفسه»، لكنه أمل أن «تساهم هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية في الحد من فوضى الإنفاق الانتخابي، على الرغم من الثغر القانونية التي تحدّ من صلاحياتها، وعسى تصويت المجلس النيابي بالإجماع على خفض سن الاقتراع إلى 18 سنة، يبرز حالة متحررة ويطلق ثقافة جديدة تقاوم الفساد.
كذلك طالب بارود بسلوك الآليات التطبيقية لقانون وسيط الجمهورية الذي أقر في 4 شباط 2005 ولا يزال ينتظر مراسيمه التطبيقية.
الجلسة الأولى للمؤتمر التي أدارها رئيس الهيئة الناظمة للاتصالات، الدكتور كمال شحادة، تعاقب فيها على الكلام المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني، الذي رأى أنه «كلما قلّ التقاء الجمهور مع الموظفين، قلّت احتمالات الفساد ومجالاته»، مستعرضاً دور المكننة التي طبقتها وزارة المال في جعل هذا الشعار ممكن التطبيق في ما يتعلق بالإدارة الضريبية. لكن بيفاني خفض سقف توقعاته في تطبيق سياسة العزل بين الموظف والمواطن، في ما يتعلق بإدارتي الجمارك والشؤون العقارية حيث اكتفى بالقول «طرأ العديد من الإجراءات التطويرية بشكل يسهل أمور المتعاملين معها».
النائب نبيل دو فريج رأى أن برامج مؤتمري باريس 2 و3 «تقطع دابر الفساد» في مؤسسات عامة كالكهرباء والاتصالات، قاصداً الخصخصة طبعاً، مشيراً إلى أن «بعض القيادات السياسية التي خاضت حرباً ضروساً على باريس 2 كان همّها الوحيد الحفاظ على توظيفاتها في مؤسسات وإدارات الدولة من أزلام ومحاسيب».
من جهته، رأى رئيس منظمة «برلمانيون لبنانيون ضد الفساد» النائب غسان مخيبر «أن الفساد في لبنان مستشر ومنظّم ويطال جميع الفئات حتى المجتمع المدني».
وتوقف مخيبر عند اقتراحي القانونين المتعلقين بحق الوصول إلى المعلومات والاطلاع عليها، وحماية كاشفي الفساد، معلناً قرب إنجاز مشروع «قانون حق الاطلاع» حيث سيتم الإعلان عنه في 9 نيسان المقبل.
بدورها، عرضت المستشارة في جمعية «لا فساد» رندى أنطون خطة العمل المقترحة لمكافحة الفساد في لبنان، وتشمل مجموعة من الأنشطة في الإدارات العامة والبلديات ضمن أهداف محددة كتسهيل المعاملات والتحقيق في الشكاوى، إضافة إلى خطة لتعزيز استقلالية القضاء وهيئات الرقابة ومراجعة عملية الموازنة، وصولاً إلى الإصلاح السياسي.
أما الجلسة الثانية فكانت تحت عنوان «التحالف من أجل وضع خطة عمل وطنية»، وقد أدارها نائب رئيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين فؤاد مكحل.
وزير الإعلام طارق متري شبّه الإعلام في محاربة الفساد بدور الكمان الثاني في الفرقة الموسيقية، وهذا الدور يرتبط بالاستقلالية النسبية للإعلام وبصدقيته». وأضاف متري «أنا لا أعرف قضية فساد في لبنان توبعت من وسائل الإعلام على فترة زمنية طويلة، وقد غلبت الإثارة الفضائحية على متابعة العمل الإعلامي التحقيقي الدقيق من أجل مكافحة الفساد». بدوره، عرض وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية إبراهيم شمس الدين مجموعة من المقاربات لمسألة الفساد، مشيراً إلى أن الفعل «زبّط» تحول إلى جزء من الثقافة اللغوية اللبنانية. وعرض شمس الدين دور وزارته التي تعمل على تطوير مجلس الخدمة المدنية وتحديثه، وإقرار قانون «حقّ المواطن بالاطّلاع» وتعديل قانون الإثراء غير المشروع الذي لا يمكن تطبيقه في الوقت الحالي بسبب الجمود الذي يكتنف نصوصه.
رئيس جمعية الصناعيين، فادي عبود، طالب «بتقديم اقتراح مشروع قانون لمجلس النواب لإصدار قانون حرية الحصول على المعلومات»، مشدداً على «أهمية تحويل الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد تنافسي يشمل كل القطاعات من دون استثناء من خلال إنشاء مجلس أعلى لمنع الاحتكار الخاص والرسمي منفصل عن كل الوزارات، وإنشاء محاكم خاصة ومستقلة وسريعة متخصصة بحقوق المستهلك ومنع الاحتكار».
وفيما كان ينتظر أن تقدم ندى أبو سمرا مداخلة عن دور المجتمع المدني في مكافحة الفساد، اكتفت بتقديم مقاربة نظرية للموضوع. واللافت أن جميع المحاضرين اكتفوا بمغازلة المجتمع المدني والثناء على دوره باستثناء النائب مخيبر الذي أشار إلى «أن الفساد في لبنان يطال جميع الفئات حتى المجتمع المدني».









1.5
مليار دولار

هي قيمة الأموال التي تهدر سنوياً في لبنان نتيجةً للفساد المعمّم على جميع الصعد الحكومية وذلك بحسب تقرير للأمم المتحدة عام 2001


102
مرتبة لبنان

هي المرتبة التي وصل إليها لبنان في عام 2008 من أصل 180 دولة شملتها استطلاعات «مدركات الفساد» بعدما احتل المرتبة 78 عام 2003




الأمم المتحدة والفساد