نواب المستقبل ينسحبون قبيل طرح بند تحرير البنزين
رشا أبو زكي
«التالتة» لم تكن «ثابتة»، فيوم أمس وللمرة الثالثة على التوالي، عطّل نواب 14 آذار وكتلة المستقبل تحديداً نصاب جلسة الهيئة العامة لمجلس النواب، وهذه المرة كان انسحاب النواب من قاعة مجلس النواب واضحاً ومباشراً، إذ إنه خلال مناقشة اقتراح قانون من خارج جدول الأعمال يتعلق بالإجازة للحكومة إبرام اتفاقية تتعلق بالمعوّقين، وقبيل المباشرة بمناقشة اقتراح القانون المعجل المكرر المقدم من كتلة التغيير والإصلاح، والرامي إلى إلغاء السقف المحدد لسعر صفيحة البنزين وتحرير سعرها وخفض الرسوم المالية عنها وإعفائها من الضريبة على القيمة المضافة (البند الثالث عشر)، بدأ نواب كتلة المستقبل بالانسحاب من القاعة تدريجياً.
وإذا بالجلسة التي بدأت عند الحادية عشرة إلا خمس دقائق، تصبح بلا نصاب قانوني عند الثانية عشرة والربع من بعد الظهر، ليجري تأجيل بتّ اقتراحات القوانين المقدمة إلى الجلسة التي ستعقد الثلاثاء المقبل. أمّا تكتيك الخروج من القاعة، فلم يكن يحتاج إلى تأويلات، حيث بدأ بهمسات بين نواب «الأكثرية» أعطت كلمة السر السحرية، فسُجلت أولى حالات الخروج من القاعة عند الثانية عشرة وثماني دقائق، لتُختتم مع النائب محمد قباني عند الساعة الثانية عشرة و13 دقيقة. أما مايسترو العملية، فكان النائب عاطف مجدلاني، الذي وقف عند باب القاعة يراقب العملية، ويتأكد من نجاحها. والموقف الساخر سجل عند الساعة الثانية عشرة و17 دقيقة حين دخل النائب ميشال فرعون إلى القاعة لترتسم على وجهه ابتسامة توحي أنه مُفاجَأ: فالقاعة كانت شبه خالية من «الأصدقاء»! وبذلك لم يبقَ في القاعة سوى ثلاثة نواب من كتلة المستقبل، إضافة إلى عدد من نواب الأكثرية، وكتل «الأقلية النيابية» كاملة.
هكذا كانت استراتيجية «الأكثرية» سريعة ممنهجة وساخرة، وذلك تحت أعين ممثلي وسائل الإعلام، إضافة إلى حوالى 20 ممثلاً عن الاتحادات النقابية واتحادات النقل والاتحاد العمالي العام الذين حضروا الجلسة. وقد أثارت عملية الانسحاب بلبلة بين صفوف نواب الكتل التي بقيت في القاعة، فوقف النائب علي عمار لافتاً إلى أنه عندما يطرح اقتراح البنزين يُطيّر النصاب. ودعا إلى «وضع اقتراح القانون المتعلق بتحرير سعر صفيحة البنزين على جدول أعمال الجلسة المقبلة، ونحن ككتلة لن نحضر الجلسة المقبلة. إذا لم يكن الموضوع على رأس جدول الأعمال».
فأجاب رئيس مجلس النواب نبيه بري: «هذا الكلام مرفوض، ولكن كل جلسة يجري فيها تطيير النصاب ستعيّن فوراً جلسة تشريعية بدلاً منها، ولن أزيد على جدول الأعمال هذا شيئاً، إذا كان المقصود بذلك ضرب جدول الأعمال. وسأعيّن جلسة بديلة عن كل جلسة يطيّر فيها النصاب بهدف عدم إتمام جدول الأعمال».
ولدى مغادرته المجلس قال السنيورة: «لا يمكن المطالبة بخفض سعر البنزين بينما أصبح سعر الصفيحة في سوريا أغلى منها في لبنان. كما أن معدّل الرواتب والأجور والدخل في سوريا أقل من ثلث ما هو في لبنان. إضافة إلى أن الرسوم تمثّل المصدر الأساسي لواردات الخزينة، وعندما تُلغى عن البنزين يجب في المقابل أن يؤمَّن أكثر من 800 مليون دولار لخزينة الدولة سيتحمّلها المواطنون».
ورد النائب نبيل نقولا: «إذا خفض سعر البنزين فسيعمد السوريون إلى شراء البنزين من لبنان ويعوّض بذلك الخسارة على الخزينة، ونحن لا نقول بإلغاء الرسوم الضريبية على الصفيحة ولكن خفضها من 12 ألف ليرة إلى 6 آلاف ليرة». فيما علّق النائب إبراهيم كنعان «كما بات معلوماً، هناك تطور سلبي في مسألة تطيير النصاب، فكلما وصلنا إلى المطالب الحياتية رأينا أنه ليس هناك إرادة سياسية لذلك لدى فريق كبير من المجلس النيابي. هذا أمر مؤسف جداً وهو برسم الرأي العام، وبرسم كل من قال يوماً إنه مع هذه المطالب».
ومن جملة اقتراحات القوانين التي طارت مع «الأكثرية»، اقتراح القانون المعجّل المكرّر الرامي إلى فتح اعتماد استثنائي في موازنة عام 2009 قبل تصديقها بقيمة 400 مليار ليرة لدفع فروقات سلسلة الرتب والرواتب الناتجة من القوانين 716 و717 و718 تاريخ 5/11/1998 (مدرج على البند 26 من جدول أعمال مجلس النواب) وقد أشار رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في بداية الجلسة إلى أن «الحكومة ستدفع الأقساط بالنسبة إلى سلسلة الرتب والرواتب على دفعتين، الأولى قبل الانتخابات النيابية، والثانية في النصف الثاني من هذا العام، معتبراً أنه «لا داعي إلى هذا القانون (أي المدرج على جدول الأعمال)»!