توقّعات صندوق النقد الدولي في ظل الأزمة العالمية [1/2]ترجمة: جورجيت فرشخ فرنجية
يقول البيان الختامي لبعثة صندوق النقد الدولي إلى لبنان، إن الاقتصاد اللبناني أظهر قوة لافتة في وجه الأزمة المالية العالمية، التي تتوالى فصولاً، على الرغم من الهشاشة الكبيرة في حساباته المالية والخارجية المرتبطة بحجم الدين العام وحاجات الحكومة التمويلية... إلا أن ذلك لا يعني عدم وجود تحدّيات ومخاطر في الانتظار، إذ إن الركود العالمي العميق واختلال أسواق التسليف الدولية يجعلان من مسألة معالجة مكامن الضعف المتجذّرة في لبنان، مسألة ملحّة، ولا سيما لجهة مستوى الدين العام المرتفع للغاية، وكلفة الاستقرار النقدي، وتأثير التباطؤ الاقتصادي على المجموعات الأكثر هشاشة في المجتمع اللبناني.
يُحتمل أن يتأثّر الاقتصاد اللبناني بالركود العالمي، ولا سيما التباطؤ الاقتصادي في الخليج، ومن المرجّح أن يؤثر انخفاض السيولة على التحويلات النقدية والسياحة وتدفق الودائع والاستثمارات في محفظة الأوراق المالية... ونتيجة لذلك، سيتراجع النمو الاقتصادي من 8 في المئة في عام 2008 إلى 3ـــــ4 في المئة في عام 2009، وقد يتحسن ميزان الحسابات الجارية الخارجية، بفضل أسعار النفط المنخفضة، إلا أن تدفقات رؤوس الأموال ستضعف. ونتيجة لذلك، سيتباطأ نمو الودائع المصرفية، وسيتراجع التضخم بسرعة وقد يبقى منخفضاً في الفترة المقبلة.
انطلاقاً من ذلك، يمكن تحديد ثلاثة مخاطر أساسية ستواجه اقتصاد لبنان والنظام المالي في المستقبل القريب، وهي:
* أولاً، تباطؤ النمو الاقتصادي وتدفقات رؤوس الأموال.
* ثانياً، تمويل الحكومة سيكون أصعب من المتوقع، على الرغم من أن المصارف التجارية ستتمتّع بالسيولة الكافية، إذ إن حصول توسع مالي أقوى أو معدلات فائدة أعلى على الدين الحكومي أو تدفق ودائع أبطأ، سيؤدي إلى تعقيد تمويل الحكومة، ما يستلزم إعداد خطط للطوارئ.
* ثالثاً، يبقى لبنان معرضاً لصدمات سياسية وأمنية قد تؤثر سلباً على الظروف الاقتصادية والمالية.
نظراً إلى هذه المخاطر ـــــ ولا سيما عندما تؤخذ كلها معاً ـــــ فإن أولويات أي برنامج تقضي باعتماد سياسات مالية ونقدية حذرة ويقظة مستمرة في الرقابة المالية ووضع خطط لتحرك طارئ سابق التأثير.
على الرغم من توقع تسجيل عائدات أعلى بكثير من تلك المحققة في عام 2008، إلا أن مشروع موازنة 2009 ينطوي على تقليص في الفائض المالي الأولي وارتفاع كبير في حاجات التمويل. وقد وفّر انخفاض أسعار النفط مكاسب كبيرة للحكومة (2.7% من إجمالي الناتج المحلي) عبر استعادة الرسوم على البنزين وانخفاض التحويلات إلى مؤسسة كهرباء لبنان. بالإضافة إلى ذلك، تخطط الموازنة لاستيفاء بدل إيجارات الأملاك البحرية، واستيفاء ضريبة 2 بالمئة على الزيادة في قيمة رأس المال في عملية إعادة تقويم للأصول لمرة واحدة، وإلغاء استرداد الضريبة على القيمة المضافة على نشاطات معفاة، وخيار زيادة الضريبة على عائد الفائدة، وكلها تمثّل ما مجموعه 0.5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي... إلا أن ضغوطاً إنفاقية كبيرة قد حدثت فعلياً: فمن المتوقع أن ترتفع فاتورة الأجور بمعدل 33 في المئة (2.1% من إجمالي الناتج المحلي) بسبب مدفوعات المفعول الرجعي لمرة واحدة، وتوظيفات جديدة كثيرة وتعديلات في سلم الرواتب، وثمة خطط طموحة لتوسيع مصاريف رأسمالية داخلية التمويل بنسبة تقارب 0.9 في المئة من إجمالي الناتج المحلي مقارنة بعام 2008... وفي ظل قرار تأجيل مراجعة تعريفات الكهرباء، فإن مشروع الموازنة سيحقق ميزاناً أولياً (يستثني الهبات) يقارب الصفر مقارنة بفائض بلغ 0.5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2008. وبذلك، سوف يرتفع العجز الإجمالي إلى 12.3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، ما سيُبقي نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي عند معدل 162 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وأشارت السلطات (بحسب البيان) إلى أنها، إذا حدثت ضغوط إنفاقية إضافية أو نقص في الإيرادات، ستفكر في اتخاذ إجراءات لمنع حدوث زيادة إضافية في العجز وارتفاع في نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي سنة 2009.


مليار ليرة 1180

أو ما يعادل 783 مليون دولار، وما يمثّل 2.7% من الناتج المحلي الإجمالي، هي قيمة عائدات الحكومة من رسوم البنزين وانخفاض التحويلات إلى مؤسسة كهرباء لبنان المقدّرة في عام 2009 بحسب تقرير صندوق النقد الدولي المؤيّد جداً لهذه الضريبة غير الشعبية


بعثة صندوق النقد



  • تحرك احتجاجي ضد الأزمة الاقتصادية العالمية في برشلونة (رويترز)

    تحرك احتجاجي ضد الأزمة الاقتصادية العالمية في برشلونة (رويترز)