محمد زبيبهناك اعتقاد راسخ لدى بعض الوزراء بأن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة لا يحبّذ إقرار مشروع موازنة عام 2009 قبل الانتخابات النيابية في السابع من حزيران المقبل، إذ إن إقرار هذا المشروع، بأي صيغة كان، والتصديق عليه في المجلس النيابي، سيقيّد سلطته «المطلقة» في الإنفاق وتوزيعه وحجبه، وهي سلطة استمدّها بالممارسة منذ عام 2005، عبر عرقلة أو تأخير وضع الموازنات منذ أن تسلّم رئاسة الحكومة، على الرغم من الاتفاق العام على أن هذه الممارسة مخالفة لأبسط المبادئ الدستورية والقانونية، بل لأبسط قواعد العمل الديموقراطي.
وللتذكير فقط فإن آخر موازنة صدّق عليها مجلس النواب تعود الى عام 2005، علماً بأن إقرارها لم يحصل إلا في عام 2006، أي بعد انقضاء السنة المالية المخصّصة لها هذه الموازنة، ولم تكن هناك أي حجة سياسية للتأخير، ثم إن مشروع موازنة عام 2006 لم يُرفع الى مجلس الوزراء إلا في أواخر العام المذكور، أي بعد دخول البلاد في أزمة تتصل بشرعية الحكومة استمرّت حتى أيار من العام الماضي، أي حتى توقيع اتفاق الدوحة وتأليف حكومة تملك فيها ما يسمّى المعارضة الثلث «المعطّل»... وفي كل هذه الفترة كان الرئيس السنيورة يوزّع المال العام على هواه بما يتناقض أيضاً مع المعايير الواجب اعتمادها في الإنفاق على أساس القاعدة الاثني عشرية.
إن حال الهيئة العليا للإغاثة تمثّل نموذجاً لإدارة المال العام، بحسب ما يريده السنيورة، عشية الانتخابات النيابية، وبالتالي فإن كل السجال «المختلق» حول الصناديق والمجالس ليس إلا سجالاً يهدف الى عرقلة إيجاد إطار قانوني يمنع استمرار السنيورة في ممارساته اللادستورية.