المعلّم يترقّب نتائج الانتخابات الإسرائيليّة: المصالحة العربيّة بحاجة إلى تعميق وتفعيلدمشق ـ سعاد مكرم
وجّهت سوريا، أمس، مجموعة من الرسائل السياسيّة إلى كلّ من إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، والاتحاد الأوروبي و«المعتدلين العرب». رسائل مفادها أن المبعوث الأميركي إلى المنطقة جورج ميتشل لن يتمكّن من إنجاز مهمته إذا تجاهل دور سوريا، بالإضافة إلى أن مبادرة الملك السعودي في مصالحة الكويت، بحاجة إلى مزيد من «التفعيل والوقت».
وتولّى كلّ من الرئيس السوري بشار الأسد ووزير خارجيته وليد المعلم مهمة إصدار المواقف السورية، على هامش استقبالهما وزير الخارجية الإيرلندي مايكل مارتن.
وقبل لقائه مارتن، ترأس الأسد اجتماعاً للقيادة المركزية لـ«الجبهة الوطنية التقدمية»، حيث جدّد تأكيده «انفتاح» دمشق على «جميع الجهود التي من شأنها أن تحقق التضامن العربي وتدعيم العمل العربي المشترك للتصدي للمشروع الصهيوني الاستيطاني».
وشدّد الأسد على أن العدوان الإسرائيلي على غزة «فشل في تحقيق أهدافه في ضرب المقاومة وفي فرض إرادته على الشعب الفلسطيني لفرض الحلول الاستسلامية على العرب».
في هذه الأثناء، رأى المعلم أن مبادرة الملك عبد الله «مبادرة طيبة بروحها»، لافتاً إلى أنها تحتاج إلى «تعميق وإلى تفعيل وإلى حوار يقرّب المسافة القائمة بين المواقف»، ومذكّراً في الوقت نفسه بـ«كيف استجاب الرئيس الأسد لهذه المبادرة».
وتجنّب المعلم الإفصاح عن الموقف الرسمي لبلاده في ما يتعلق بمشاركة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في ندوة مع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز في مؤتمر دافوس، قائلاً «لا أريد الخوض في النقاش في الإعلام، فقد أرسلت إليه رسالة تعكس وجهة نظر سوريا في ذلك».
وعن تصرّف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي اتهم بيريز بارتكاب جرائم في غزة، نقل المعلم «التقدير الشعبي والرسمي الواسع لأردوغان الذي أبرز حقيقة المجازر الإسرائيلية».
وفي مؤتمر صحافي مشترك عقده مع مارتن، علّق رئيس الدبلوماسية السورية على استبعاد ميتشل لسوريا من جولته الشرق أوسطية. وقال إنه «واثق من أن ميتشل لدى عودته إلى واشنطن، سيشعر بأن هناك نقصاً في معلوماته سيعوّضها في المستقبل»، مرحّباً باسم بلاده بكل وفود الكونغرس في دمشق، «لأننا نعلم أنّ للكونغرس تاريخاً عميقاً في تأييد إسرائيل ودعمها، ونحن نرحّب بهذه الزيارات لكي يعرفوا حقيقة الوضع في المنطقة».
وعما إذا كانت توقعات نظامه إيجابية بخصوص إدارة باراك أوباما، بدا المعلم حذراً إزاء التفاؤل بالرئيس الأميركي الجديد، على اعتبار أن «شعوب هذه المنطقة تتفاءل برئيس أميركي جديد، ثم ما يلبث أن يخيب أملها به». غير أنّه عاد وذكّر بأنّ «هذه الإدارة لن تكون إطلاقاً أسوأ من إدارة (الرئيس السابق جورج) بوش بالنسبة إلى منطقتنا».
أما عن مسار عملية «السلام»، فقد أشار إلى أن الأولوية الآن هي «كيف نخفّف معاناة أهلنا في غزة من خلال فك الحصار وفتح المعابر وإعادة إعمار غزة، ومن خلال تثبيت وقف إطلاق النار، ثم كيف ننتقل إلى تحقيق المصالحة الفلسطينية». غير أنه استطرد جازماً بأنه «إذا برهنت إسرائيل بعد انتخاباتها (المقررة في العاشر من شباط الجاري) أنّ من سيأتي (إلى الحكم) يمتلك فعلاً إرادة السلام العادل والشامل وتنفيذ قرارات مجلس الأمن، فسيكون لهذا تقويم آخر».
وردّاً على سؤال عن دور الاتحاد الأوروبي في الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي، رحّب المعلم بهذا الدور الذي يجب أن يكون «متوازناً ويستند إلى قرارات الشرعية الدولية في عملية السلام»، داعياً الاتحاد إلى أن «يدرس بموضوعية الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، سواء في الضفة الغربية أو غزة». دور ركّز المعلم على أنه يجدر به أن يكون خالياً من «الشروط المسبقة، وخاصة أمام شعب ظُلم باحتلال أرضه وتشريده وإقامة المستوطنات على أرضه». ولفت المعلم إلى أنه «ما دام هناك احتلال، فستكون هناك مقاومة، وما دام هناك غياب لحلّ سياسي قائم على القرارات الدولية، فإن المقاومة مشروعة».
في هذه الأثناء، تركّزت أسئلة الصحافيين الموجهة إلى مارتن على الدور الأوروبي في إعادة إعمار غزة، والعلاقة الأوروبية مع حركة «حماس». وكرّر مارتن أنه «ينبغي على حماس التخلّي عن العنف والانخراط في العملية السلمية من أجل التوصل إلى حل»، كاشفاً أنّ مباحثاته في دمشق هدفت إلى استطلاع الوسائل والإمكانيات لإشراك حركة المقاومة الإسلامية في العملية السلمية، «ووقف العنف الذي يسمّيه السوريون مقاومة».
وفي الوقت نفسه، لفت مارتن إلى أن الاتحاد الأوروبي سيكون «المساهم الأكبر في المساعدات الإنسانية في إعادة إعمار غزة»، كاشفاً النقاب عن أنه خلال اجتماع وزراء خارجية أوروبا، «تمّ الاتفاق على ضرورة وجود مرونة بخصوص إيصال المساعدات»، وعلى «تثبيت وقف إطلاق النار الذي يمهّد لعملية سلام تقود إلى حل نهائي» على قاعدة «إنشاء دولتين».