• «مشروعنا» لإسكات ليبرمان وأمثاله
• شعبنا جاهز لاحتضان طرح قومي
• «التجمع» حزب راسخ في عقول الناس

أجرى الحوار فراس خطيب
حنين زعبي أول امرأة عربية تدخل الكنيست لتمثل حزباً عربياً. زعبي، العضوة في «التجمع الوطني الديموقراطي»، تحدثت لـ «الأخبار» عن السياسة والمرأة، وطرح الحزب والتحديات التي يواجهها فلسطينيّو الـ48 أمام اليمين ويهودية الدولة

أنت المرأة الأولى التي تدخل الكنيست ضمن حزب عربي وطني، وستخوضين حقلين هما الأكثر تعقيداً، السياسة والمرأة. أين ستكونين أكثر؟
ــ قضايا المرأة وحقوقها هي قضايا سياسية تتعاطى مع المجتمع، والمجتمع هو رجل وامرأة. عندما تنجح حنين في أن تكون سياسية مئة في المئة، فإن هذا سيعني أنَّها نجحت أيضاً في أن تكون امرأة. أنا أخوض مهماتي الجديدة، لكي أمثل مشروعاً متكاملاً هو مشروع حزب «التجمع الوطني الديموقراطي». مسؤوليتي أولاً هي تمثيل الحزب وطرح برنامجه والعمل البرلماني والجماهيري وفق هذا البرنامج الذي تحتل فيه المرأة وحقوقها مكاناً مركزياً. ثانياً، رفع أهمية قضايا المرأة ضمن الأجندة البرلمانية والحزبية العامة للتجمع، وثالثاً التواصل مع جمهور النساء عموماً، وتحويل التجمع عنواناً مركزياً لقضاياهنّ.

في ظل الواقع السياسي الذي يحياه الفلسطينيون، فإنَّ دخول الكنيست ليس نزهة، وخصوصاً مع الصبغة اليمينية الحالية، والتناقضات السياسية الكامنة في مثل هذه الحلبة. أين أنت من كل هذا وهل ترافقك تخوفات؟
ــ تخوفني ربما تلك المواجهة المباشرة مع مؤسسة صهيونية، ومع خطاب صهيوني عنصري. ويثقل صدري اضطراري إلى أنْ أشرح وأناقش وأطرح ما يعدّ بديهيات سياسية وإنسانية وأخلاقية بالنسبة إلي. سيُتعبني بالتأكيد كما يُتعب أعضاء «التجمع الوطني الديموقراطي»، اضطرارنا كل يوم إلى سماع كم نحن «متطرّفون» و«عنصريون»، وكم أنّ الإسرائيليين «ضحايا». لكن جزءاً من نضالنا لا يكمن فقط في قناعاتنا الذاتية في هذا النضال بل هو أيضاً في مواجهة الآخر بهذا النضال، وحشره في الزاوية.

كيف ترين العمل البرلماني في ظل الواقع السياسي المعقد نوعاً ما؟
ــ العمل البرلماني جزء من العمل الحزبي والسياسي العام، وهو مسار نضالي بحد ذاته. فكما نناضل ضدّ سياسات الدولة خارج الكنيست، نناضل ضدّ هذه السياسات أيضاً من داخل الكنيست، وكما نطالب بحقوقنا من خارج الكنيست نحن نطالب بحقوقنا من داخله. إنَّ أحد عناصر قوة التجمع تكمن ليس فقط في عدم التنكر لقضايا التمييز اليومية اللاحقة بالفلسطينيين، من مصادرة الأراضي وهدم المساكن والفقر والبطالة، بل في منح هذا النضال بعداً قومياً كفلسطينيين بقوا في وطنهم ويتشبثون بحقوقهم. إهمال التيار القومي لقضايا الناس كان سيفسح المجال أمام تيارات أخرى ليست قومية وأيضاً صهيونية، لكي تتفاعل مع قضايا الناس، وذلك يمنحها منفذاً للدخول لوعي الناس وقناعاتهم. لذلك نحن نرى في التعامل مع قضايا الناس اليومية عن طريق البرلمان حصانة قومية.
بالتالي نحن ندخل البرلمان الإسرائيلي بكامل وعينا وهويتنا كفلسطينيين، ولنا دور وموقف من كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية العامة، من الاحتلال والمستوطنات والمفاوضات واتفاقيات التسوية وغيرها. ويرتكز النقد الموجه للتيار القومي على أنه ينشغل كثيراً بالقضية الفلسطينية العامة ويهمل قضايا الفلسطينيين اليومية، وعلى ذلك كان عزمي بشارة يقول إن «الأخلاق لا تحتاج إلى وقت»، بمعنى أن مواقفنا الوطنية القومية في مواجهة محاولات تصفية القضية الفلسطينية، هي واجب أخلاقي لا يكلفنا الكثير من الوقت.

كيف تقوّمين المعركة الانتخابية ونتائجها للتجمع وباقي الأحزاب العربية؟
ــ زيادة التجمع لأكثر من 10 آلاف صوت (عن نتائج الانتخابات السابقة)، هو إنجاز كبير للتجمع والحركة الوطنية وردّ على الهجمة ضدّ التجمع والتحريض ضدّ مؤسس هذا الحزب، الدكتور عزمي بشارة. النتيجة تقول إنَّ شعبنا جاهز لاحتضان مشروع قومي تنويري، وأنّ المطلوب هو فقط إرادة سياسية ومشروع سياسي يتجاوب مع جاهزية شعبنا للطرحين القومي والديموقراطي العصري. والردّ الأول والتلقائي للناخب العربي على ذلك سيكون كنس الأحزاب الصهيونية تماماً.
علينا أن نحذّر من خطاب سياسي يتخذ من الخوف من (رئيس حزب إسرائيل بيتنا اليميني المتطرف أفيغدور) ليبرمان أو غيره وسيلة لتمرير مساومات على خطابنا القومي الحقوقي.
طرح التجمع برفض تعريف الدولة اليهودية، هو الطرح الوحيد الكفيل بإخراج ليبرمان من دائرة الشرعية السياسية والأخلاقية، قبول العربي بدولة اليهود هو عملياً منفذ لكل من يطالب العربي بالولاء لهذه الدولة. ولكن رفض فكرة الدولة اليهودية يسدّ الطريق على كل من يطالبنا بالولاء لها.
مع ذلك علينا ألا نخطئ ونعدّ ليبرمان وحده الفاشي. ليبرمان فقط حدّد العقاب لعدم الولاء (سحب المواطنة). جميع الأحزاب ومؤسسات الدولة وسياساتها تطالب العرب بالولاء. فقط مشروع التجمع يُسكت ليس فقط ليبرمان، بل كل المطلب الصهيوني المتمثّل في المساومة على هويتنا وولاءاتنا الطبيعية، التاريخية الإنسانية والقيمة.

التجمع مرّ في أزمة، إثر الملاحقة السياسية لبشارة، وثمّة من راهن على استمراره في أعقاب التحديات التي واجهها قبل الانتخابات وخلالها؟
ــ التجمع الوطني الديموقراطي هو حزب راسخ في نفوس الناس وعقولهم، وهذا ما دعا الناس للتصويت له، حتى مع غياب عزمي بشارة القسري. التجمع الوطني هو مشروع قومي، يجيب على الفكرة القومية لدى شعب يولد وهويته ولغته وتاريخه محاصر، ويعيش تحت طائلة التشويه والتحريض والسلب، وهو في الوقت الذي حصّن وحمى وعبّر عن هويتنا وانتماءاتنا القومية. فعل ذلك من دون خوف أو مساومة ومن دون إدارة ظهره لمطالب الحياة اليومية البسيطة والمعقّدة للإنسان الفلسطيني، وقد دمج التجمع بين القومي والمدني بعصرية وبقيم وفكر ديموقراطية.


بدأت إسرائيل التحريض على التجمع وعلى عزمي بشارة منذ سنوات طويلة، رأى البعض أنه بخروج عزمي سينتهي التجمع، ولم يعرف هؤلاء أنه بنى مشروعاً وطنياً قوياً ومهيباً تماماً كقوة عزمي بشارة نفسه وهيبته. قيمة بشارة هي في كونه نموذجاً يتمناه كل شعب مناضل، ونحن نربّي أجيالاً فلسطينية كاملة عليه


النائبة الأولى عن حزب عربي

حنين زعبي، هي من أوائل المنضمين إلى حزب «التجمع الوطني الديموقراطي»، الذي أسسّه المفكر، عزمي بشارة، منتصف تسعينيات القرن الماضي. وأصبحت بعد انخراطها في الحزب من القياديات في اتحاد النساء التقدّمي، وفي اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب.
وقدّ أقرّ التجمع، في مؤتمره الأخير، تحصين مكان متقدّم للمرأة في المقاعد الثلاثة الأولى. وفي الانتخابات التمهيدية الأخيرة التي سبقت الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، فازت زعبي بالمكان الثالث. وقد حصل الحزب على ثلاثة مقاعد، لتكون المرأة العربية الأولى التي تدخل الكنيست ضمن حزب عربي.
وكان هناك نساء عربيات (ناديا الحلو عام 1996 وحسنية جبارة في انتخابات عام 2006) داخل الكنيست الإسرائيلي، لكنَّهما دخلتا ضمن قوائم لأحزاب صهيونية لا ضمن أحزاب عربية، هما ميريتس (يسار) وحزب العمل (يسار وسط).
ولدت زعبي في مدينة الناصرة قبل 39 عاماً وتنتمي إلى إحدى كبريات العائلات، تتحدث عن عائلتها وتقول «نشأت في أسرة تؤمن بالديموقراطية، كل النساء من حولي كن عاملات، وكان يجري التشديد على النجاح في التعليم. ولذلك عندما قرّرت الترشح لم ألقَ تشجيعاً في البدء. كانوا متهيّبين قراري. كانوا يفضلون أن أنهي الدكتوراه، ويخافون علي من الأعباء والمسؤوليات في أجواء مشحونة، ووسط سياسي يهيمن عليه الرجال»، لذا فإن إحدى أكثر القضايا التي تؤرّقها هي «تأمين الاستقلالية الاقتصادية للمرأة العربية».
أنهت حنين دراستها الثانوية في مدرسة المطران الإكليريكية في المدينة. وحصلت على إجازتها الأولى في علم النفس والفلسفة من جامعة حيفا. ونالت رسالة الماجيستر في الصحافة، وكان بحثها عن موضوع الإعلام والديموقراطية، وقناة «الجزيرة» القطرية. كما درّست موضوع الصحافة والإعلام وأسّست منهاج تعليم موضوع الصحافة في كلية الإعلام في عبلين، وحاضرت في كليتي عبلين و«أورانيم». وكانت تعدّ رسالة الدكتوراه حين قرّرت الترشح للكنيست. وفي السنوات الأخيرة، أدارت زعبي مركزاً للإعلام للمجتمع العربي داخل إسرائيل (ما بين عامي 2003 و 2008).