لا تسير الأمور التنظيمية لحزب الرئيس العراقي جلال الطالباني، «الاتحاد الوطني الكردستاني»، على ما يرام أبداً. فموجة الانشقاقات الداخلية آخذة في التوسّع، حتى إنها وصلت إلى نائب رئيسه، نائب رئيس إقليم كردستان، كوسرت رسول
بغداد ــ زيد الزبيدي
لعلّ من أهم أسباب الانشقاقات داخل «الاتحاد الوطني الكردستاني» عدم وجود وحدة فكرية، إضافةً إلى تذبذب المواقف، والتحوّلات الدراماتيكية من الفكر الاشتراكي، إلى تبني الأيديولوجيات الرأسمالية، وصولاً إلى «التحرير من خلال الاحتلال». ومعروف أن الرئيس جلال الطالباني، كان من معارضي وجود فرع للحزب الشيوعي في المناطق الكردية، معتبراً أن حزبه، هو «الممثل الوحيد» للفكر الاشتراكي في تلك المناطق، التي طرده منها مصطفى البرزاني في ما بعد.
والمفارقة، أن أهم أسباب انشقاق الطالباني عن حزب البرزاني في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، اتهامه القيادة آنذاك بالتفرّد في اتخاذ القرارات، والاعتماد على الأقارب والعشيرة، وعدم مراعاة الديموقراطية داخل التنظيم. واليوم، تطفو إلى السطح الأسباب نفسها تقريباً، يطرحها معارضو الطالباني، ومنهم القادة الخمسة الذين قدموا استقالاتهم من الحزب الأسبوع الماضي، وهم نائب رئيس الحزب، نائب رئيس إقليم كردستان، كوسرت رسول، وأعضاء المكتب السياسي عثمان حاجي محمود، وجلال جوهر، وعمر سيد علي، ومصطفى سيد قادر.
ورسول، هو ثاني نائب للطالباني يقدم استقالته، إذ سبقه نوشيروان مصطفى في أواخر عام 2006، بعد سلسلة انتقادات وجّهها إلى القيادة، واستقطب الرجل الكثير من كوادر الحزب، إلى درجة أنه كاد يطيح الطالباني آنذاك.
وكانت تهمة التقرّب من مصطفى، كافية بالنسبة إلى الطالباني لطرد عدد من أعضاء المكتب السياسي في تشرين الأول الماضي، حين أسس هؤلاء «تيار التغيير والديموقراطية».
إلا أن الاستقالة الجديدة لمجموعة من «الحرس القديم»، تثير التساؤل عن «الصحوة المتأخرة» لهؤلاء المستقيلين، ومدى علاقتها باستئثار النائب الآخر لرئيس الاتحاد، برهم صالح، «بالحظوة» التي دفعت رسول إلى المطالبة بالفصل بين قيادة الحزب، وتولي مسؤوليات في الحكومة المركزية.
وكان الطالباني قد تنازل أخيراً عن مسؤولياته التنظيمية لمساعدَيه، صالح ورسول، ما يعني أن مطالبة الأخير، كانت موجّهة إلى صالح، الذي يشغل منصب نائب رئيس الوزراء العراقي، الذي ترجّح بعض الأوساط السياسية، أن يحل محل الطالباني في قيادة الحزب.
ولعلّ حساسية ما أقدم عليه رسول ومجموعته، تكمن في قرب موعد انتخابات إقليم كردستان، حيث قررت قيادتا الطالباني ورئيس الإقليم مسعود البرزاني، والتكوينات المرتبطة بهما، خوضها بقائمة موحدة، في مقابل أربعة تكوينات أخرى شكّلت تحالفاً جديداً، هي: «الاتحاد الإسلامي»، و«الحزب الاشتراكي»، و«التجمع الإسلامي»، و«حزب الكادحين». إلا أن الأهم من هذا التحالف الجديد، تسريبات عن عزم نوشيروان مصطفى دخول انتخابات 19 أيار المقبل بقائمة كاملة، ما يمثّل تهديداً للاتحاد الوطني، وللقائمة المشتركة، ما دعا إلى تحرك من كوادر الاتحاد الكردستاني، ومنهم كوسرت رسول، إلى احتواء نوشيروان، وربما التحالف معه، لمواجهة نفوذ برهم صالح ومجموعته.
وفي السياق، كشف مصدر مسؤول في الاتحاد أنّ 11 من قادته، علّقوا عضويتهم وأعلنوا تأييدهم لـ «مجموعة الخمسة»، بانتظار رد الطالباني على مطالبهم. غير أنّ وكالة «يو بي آي» نقلت عن مصدر مقرب من «الاتحاد الوطني»، نفيه الأنباء التي تحدثت عن سفر الطالباني إلى السليمانية للاجتماع بالقادة المذكورين، واصفاً هذه الأنباء بأنها «غير صحيحة»، ومؤكداً أنّ «المشكلة في طريقها إلى الاحتواء».