الجلسات سرّية جداً... ولا خلاف بين الكتل النيابية
رشا أبو زكي
تستمر بعثة المفوّضية الأوروبية في لبنان في منتدياتها الاقتصادية الاجتماعية في بيروت، التي تسعى إلى صياغة خطط تتوافق عليها جميع القوى السياسية، لتصبح في ما بعد مرتكزاً للسياسات الاقتصادية والاجتماعية في لبنان. إلا أن جمع ممثلي الأحزاب الممثّلة في مجلس النواب، إضافة إلى ممثلي القطاعات الاقتصادية على طاولة النقاش «غير شكل» هذه المرة. إذ إنها، وبعكس المنتديات الثلاثة التي عقدت سابقاً، بدأت المفوضية فعاليات «منتدى الزراعة» أمس ليستمر ثلاثة أيام بسرية مطلقة، خوفاً من تسريبات إعلامية بعدما أصبحت هذه المنتديات محط أنظار اللبنانيين نتيجة وعود أطلقها ممثّلو الكتل في مجلس النواب وأجمعوا عليها، إلا أنها بقيت خارج إطار التنفيذ، وكان أبرزها توصيات نتجت من المنتدى الثاني الذي تناول «السياسات الاجتماعية المتّبعة في لبنان»، حيث جرى التوافق بين جميع الأحزاب الممثلة في المجلس النيابي والمشاركة في المنتدى على بندين، هما «تأمين تغطية صحية شاملة لجميع اللبنانيين، بتمويل عبر الموازنة لا عبر الاشتراكات. وإيجاد نظام ترسملي ـــــ تكافلي لضمان الشيخوخة يضم كذلك جميع اللبنانيين»... إلا أن هذين البندين لم يطبّقا، لا بل يجري العمل حالياً على تطبيق خطة تتناقض
معهما!
على أي حال، يحمل المنتدى الزراعي الرقم 4، بعد المنتدى الأول الذي عقدته المفوضية في أيار 2007 تحت عنوان التنمية الاقتصادية والاجتماعية. والثاني الذي عقد في نيسان الماضي، وتناول السياسات الاجتماعية المتّبعة في لبنان. والثالث الذي عقد في تشرين الأول 2008 حول «تنمية المؤسسات والصناعات الصغيرة والمتوسطة».
وفي تفاصيل ما دار في منتدى الزراعة أمس، أشارت مصادر «الأخبار» إلى أن النقاشات كانت هادئة على غير عادة، «لا بل سادها توافق كبير على ضرورة دعم القطاع الزراعي بين جميع الكتل السياسية حتى تلك التي تدعو إلى عدم التعويل على هذا القطاع»، موضحةً أن السبب يعود إلى عدم وجود من يدافع عن السياسات التي تتبعها الحكومات المتعاقبة في ما يتعلق بإهمال القطاع الزراعي.
وتلفت مصادر أخرى إلى أن الطرح الأساسي في الجلسة كان يدور حول كيفية حماية القطاع الزراعي وتطويره، إضافة إلى تشجيع التسليف الزراعي والريّ والتسويق وسلامة الإنتاج وحماية الإنتاج الوطني، وتمّ التطرق إلى قانون الصندوق الوطني للضمان الزراعي من الكوارث الطبيعية، الذي توقف في مجلس النواب. وقد توجّه رئيس جمعية المزارعين أنطوان حويك إلى ممثلي «المعارضة» في المنتدى، طالباً منهم أن يعرفوا السبب من رئيس مجلس النواب نبيه بري، كذلك طلب حويك من ممثلي الموالاة أن يسألوا رئيس الحكومة فؤاد السنيورة عن السبب الذي يطرحه في ما يتعلق بمنع إنشاء المصرف الوطني للإنماء الزراعي، وبعدم الموافقة على اقتراح قانون إنشاء السجل الزراعي وغرف زراعية مستقلة، وعن تبريرات القوى السياسية جميعها في عدم التجاوب مع مطالب تنظيم القطاع الزراعي.
وقد حصل بعض التشنج في الجلسة نتيجة هذه الأسئلة، وخصوصاً بعدما وصل الحديث إلى موضوع امتناع وزراء الزراعة عن تقديم خطة زراعية رسمية في مجلس الوزراء، وعدم وجود رقابة على المستوردات، وعدم تنظيم الاستيراد وفرض شروط خاصة عليه، ومنع تنفيذ قانون الحدّ من الإغراق... إلا أن ردود الفعل على هذه الأسئلة جاءت في السياق نفسه، بحيث كان التبرير بأن «هناك مشكلة في ما يتعلق بتطبيق القانون في لبنان، والبلد كله يسير في هذا الاتجاه»!
وتطرق المحور الثاني من الجلسة إلى موضوع الأمن الغذائي، والتسهيلات والتدخلات الحكومية اللازمة في القطاع، والخطة العشرية لإنشاء السدود، وإقرار قانون سلامة الغذاء...
وكان من أبرز النقاط التي أجمعت عليها القوى السياسية والاقتصادية في كلماتها، إقرار الخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية، وإنجاز عمليات الضمّ والفرز وتسجيل الملكيات، وزيادة مساحات الأراضي الزراعية المرويّة، وتطوير وزارة الزراعة والمؤسسات العامّة المعنيّة بالزراعة وزيادة موازنة وزارة الزراعة، وتحسين نوعية المنتجات، وإطلاق صندوق تأمين زراعي ضد المخاطر الطبيعية، وربط الزراعة بمشاريع التصنيع الغذائي، واستبدال الزراعات المدعومة بزراعات أكثر تنافسية وأكثر تناسباً مع الحاجات الغذائية المحلية.