التجار يطالبون بحقوقهم... وهيئة الإغاثة تؤكد صرفهارشا أبو زكي
منذ فترة طويلة لم تعبث الانفجارات بحياة اللبنانيين، ولم يخترق دويّها الآذان والأجساد، إلا أن أكثر من 13 انفجاراً طال الأسواق التجارية اللبنانية من عام 2005 حتى نهاية عام 2008، ولا يزال صدى الخسائر الاقتصادية يتردد مع كل كلام عن نمو حركة التجارة. فالتعويضات التي كان من المفترض أن يحصل عليها أصحاب المؤسسات المتضررة لا تزال مجتزأة، ولم تغط الخسائر الكبيرة التي حلّت بمورد رزقهم، وخصوصاً أن الانفجارات كانت تصيب في معظم الأحيان المتاجر الصغيرة.
تقول الهيئة العليا للإغاثة في تقرير مرفوع إلى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة إن كلفة الانفجارات التي تعرّض لها لبنان منذ محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة عام 2004 بلغت نحو 77 مليار ليرة... وعند تفصيل هذه الأكلاف يتبيّن أن عدد الانفجارات التي طالت حصراً الأسواق التجارية، وصل إلى 13 انفجاراً، وتظهر تقارير الهيئة العليا للإغاثة أن قيمة الخسائر التي نتجت من هذه الانفجارات وصلت إلى حوالى 21 ملياراً و762 مليون ليرة، دفع منها 9771 مليار ليرة، ليبقى 11 ملياراً و991 مليون ليرة، فكيف توزعت هذه التعويضات؟ ولماذا لم يصرف الجزء الأكبر منها
للمتضررين؟

سلفات وبقايا تعويضات

تشير الهيئة العليا للإغاثة إلى أنها كلّفت باﻟﺘﻌﻭﻴﺽ ﻋﻤﺎ ﺘﺴﺒب به 27 ﺍﻨﻔﺠﺎﺭاً ﻭ9 ﺃﻋﻤﺎل ﺸﻐﺏ، وﺒﻨﺎﺀً ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ خصّصﺕ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﺔ سلفتي ﺨﺯﻴﻨﺔ ﻟﻠﻬﻴﺌﺔ ﻜل ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻤﻨﻬﺎ ﺒﻘﻴﻤﺔ ﻋﺸﺭﺓ ﻤﻠﻴﺎﺭﺍﺕ ﻟﻴﺭﺓ، ﻜما ﺃﻗﺭ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﻭﺯﺭﺍﺀ ﺴﻠﻔﺔ ﺨﺯﻴﻨﺔ ﺜﺎﻟﺜﺔ ﺒﻘﻴﻤﺔ ﻋﺸﺭﻴﻥ ﻤﻠﻴﺎﺭ ﻟﻴﺭﺓ ﻟﺒﻨﺎﻨﻴﺔ، ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ 25 حزيران من عام 2007، فخصّصت ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺩﻓﻌﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻠﻔﺔ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﺔ 13،5 مليار ﻟﻴﺭﺓ ﻟﺒﻨﺎﻨﻴﺔ ﻟﻠﺼﺭﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻤﺎل ﺍﻹﻏﺎﺜﺔ ﺍﻟﻤﺘﻨﻭﻋﺔ. ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺩﻓﻌﺔ ﺍﻟﺭﺍﺒﻌﺔ ﻤﻥ ﺃﺼل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻠﻔﺔ ﻭﺍﻟﺒﺎﻟﻐﺔ 2،5 ﻤﻠﻴﺎﺭ ﻟﻴﺭﺓ ﻟﺒﻨﺎﻨﻴﺔ ﻓﻘﺩ ﺨُﺼّﺼت ﻟﺘﻐﻁﻴﺔ ﻨﻔﻘﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺔ ﻟﻠﻤﺘﻀﺭﺭﻴﻥ ﻤﻥ ﺍلاﻨﻔﺠﺎﺭﺍﺕ ﻭﺃﻋﻤﺎل ﺍﻟﺸﻐﺏ. ﻜﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﺎل ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺩﻓﻌﺔ ﺍﻟﺨﺎﻤﺴﺔ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﺔ مليارين و693 مليون ليرة.
ويشير رئيس الهيئة العليا للإغاثة يحيى رعد في حديث مع «الأخبار» إلى أن الحكومة السابقة قررت صرف 50 في المئة من الخسائر تعويضات لأصحاب المؤسسات المتضررة من الانفجارات، وبالتالي قامت فرق الجيش اللبناني بالمسوحات اللازمة في هذا الإطار، ويشدد على أن جميع المؤسسات التي قدمت طلبات لتعويضها الخسائر قد حصلت على ما أقرته الحكومة من تعويض، وقرار دفع الـ50 في المئة الباقية من التعويضات لا يمكن أن تتخذه الهيئة بل يتطلب قراراً من مجلس الوزراء.
إلا أن النظر في تفاصيل التعويضات يبيّن وجود فروقات في احتساب نسبة التعويض بحيث كان هنالك تفاوت بين منطقة وأخرى، فقد انخفضت القيمة في بعض المناطق إلى 18% من الخسائر، وارتفعت في مناطق أخرى إلى أكثر من 90%! إذ إن انفجار الكسليك خلّف خسائر بقيمة 3 مليارات و505 ملايين ليرة، دفع منها مليار و300 مليون ليرة (37%). فيما خسائر انفجار سد البوشرية وصلت إلى 794 مليون ليرة ودفع منها 556،4 مليون ليرة (70%)، وفي انفجار برمانا قُدرت الخسائر بمليار و992،5 مليون ليرة دفع منها مليار و96 مليون ليرة (55%)!
كما دفعت تعويضات للمؤسسات المتضررة من انفجار الزلقا بقيمة 442 مليون ليرة، فيما كانت الخسائر مليارين و95 مليون ليرة (21%). وفي انفجار الأشرفية كانت الخسائر ملياراً و604 ملايين ليرة دفع منها مليار و480 مليون ليرة (92%). وفي انفجار عاليه وصلت الخسائر إلى مليار و55 مليون ليرة دفع منها 671 مليوناً (63%). أما انفجار ذوق مصبح فوصلت خسائره إلى 756 مليون ليرة دفع منها 408 ملايين ليرة (53%).

في أدارج الهيئة

أما التعويض اللافت فكان في انفجار جونيه الذي حدث في أيار من عام 2005 وترك خسائر بقيمة 6 مليارات و240 مليون ليرة، بحسب الهيئة العليا، ولم يدفع منها سوى مليار و159 مليون ليرة (18%).
ويشير رئيس جمعية تجار جونيه جاك حكيم لـ«الأخبار» إلى أن 90 في المئة من ملفات طلبات التعويض التي تقدمت بها المؤسسات المتضررة، لا تزال غافية في أدارج الهيئة العليا للإغاثة، لافتاً إلى أنه في كل مرة يراجع فيها التجار الهيئة العليا للإغاثة تكون الإجابة بأن تجار جونية حصلوا على مساعدات من صندوق الهيئات الاقتصادية، ويوضح أن هذه المساعدات لا تغطي الخسائر التي مني بها التجار.
ويلفت إلى وجود نية لدى جمعية التجار للدعوة إلى جمعية عامة تحدد آلية التحرك للحصول على التعويضات الباقية... ويستدرك «لكن الأحداث الأمنية والتجاذبات السياسية تكبّلنا، ففي هذا البلد بيروح العاشق وبيجي المشتاق».
إلا أن رعد يرفض الكلام عن وجود تعويضات لم تدفع، لافتاً إلى أن قيمة الخسائر للمؤسسات المتضررة في جونية والبالغة 6 مليارات و240 مليون ليرة تتضمن أيضاً الاعتداء الذي طال إذاعة «صوت المحبة»، موضحاً أن هذا الاعتداء خلّف خسائر تتجاوز الـ4 مليارات ليرة، بحيث لا يبقى للمؤسسات التجارية أكثر من ملياري ليرة «التي دفعت للمتضررين»، أما أضرار «صوت المحبة» فقد تكفّل بها مجلس الإنماء والإعمار، الذي أنفق أكثر من 4 مليارات ليرة على إعادة تجهيز الإذاعة.
ويستغرب رئيس جمعية تجار عاليه سمير الشهيب، أن تتضمن تقارير الهيئة العليا للإغاثة وجود تعويضات لم تدفع للمؤسسات المتضررة في عاليه بقيمة 384 مليون ليرة، ويلفت إلى وجود حوالى 4 طلبات تعويض في طور إعادة النظر، إلا أنها لا تتضمن هذا الرقم الباقي، ويقول «يبدو أن هناك متضررين لم يستفيدوا من التعويضات»!


49 في المئة

هي نسبة التعويضات التي حصلت عليها المؤسسات في الانفجار الأول الذي أصاب سوق نيو جديدة نسبة إلى خسائرها، فيما بلغت نسبة التعويضات في انفجار الجعيتاوي 87 في المئة نسبة إلى خسائرها، البالغة ملياراً و507 ملايين ليرة


أحداث الشغب