أفشلت إسرائيل الوساطة المصرية لتثبيت التهدئة في قطاع غزة، بعدما صادق المجلس الوزاري المصغّر، أمس، على اقتراح رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، «شاليط أولاً»، الأمر الذي رفضته «حماس»، التي توقعت تصعيداً إسرائيلياً، بعدما أبلغتها مصر فشل مفاوضات التهدئة
القاهرة، غزة ــ الأخبار
صادق المجلس الوزاري المصغر، خلال اجتماعه أمس، على اقتراح رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، عدم رفع الحصار المفروض على غزة إلى حين موافقة «حماس» على الإفراج عن الجندي الأسير جلعاد شاليط. وجاء في القرار أن تحرير شاليط «يحتل مقدّمة الأولويات الإسرائيلية، إضافة إلى أن قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم ستُحدّدها الجهات المخولة في أسرع وقت ممكن». كما أوضح أن إسرائيل «لن تجري أي مفاوضات مع حماس أو أي منظمة إرهابية أخرى للتوصل إلى تفاهمات أو تسويات على وقف إطلاق النار».
وأوضح المجلس أن «إسرائيل ستواصل جهودها الإنسانية مع السلطة الفلسطينية والجهات الدولية لتأمين الحاجات الأساسية للسكان في غزة، والسماح بنشاط جزئي فقط للمعابر الحدودية». وحددت سياستها الأمنية من خلال «الرد بقوة على استمرار العمليات الإرهابية ضدها من القطاع»، محملة «حماس المسؤولية عن كل ما يجري».
ولاحتواء الخيبة المصرية، أعرب المجلس عن «تقديره للجهود المصرية لتثبيت وقف النار، واستعداداتها للتوسط من أجل إعادة شاليط»، وأكد أن «التنسيق مع المصريين في هذه القضايا سيتواصل».
ورأى أولمرت، خلال الاجتماع الحكومي، أن «القرار الإسرائيلي لا يمثّل تجديداً أو تغييراً جوهرياً». وقرأ مقطعاً من الوثيقة التي نقلها له عاموس جلعاد، وكانت أساساً للتهدئة الأولى، وتشير إلى أنه «من دون حل قضية شاليط، من غير الممكن المحافظة على التهدئة». وأشار إلى أننا «نظلم أنفسنا إذا لم نعترف بأننا لم نحقق أهدافنا في التهدئة الأولى».
بدوره، قال المتحدث باسم أولمرت، مارك ريغيف، إن «مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر بحث عدد السجناء الذين ترغب إسرائيل في مبادلتهم»، موضحاً أن «الوزراء يتفهمون تماماً الثمن الذي يحتاج إليه إطلاق سراح شاليط»، مضيفاً أن «جلعاد سيعود إلى القاهرة خلال فترة قصيرة». وأشار إلى أن إسرائيل «غير مهتمة بأي وقف رسمي لإطلاق النار».
أما وزير الدفاع، إيهود باراك، فشرح نظريته الداعية إلى استمرار المسار مع المصريين، قائلاً إنه «من الممكن التوصل إلى تسوية عبر المصريين تسمح بتحرير شاليط بعد فتح جزء من المعابر». وعندما سأله وزير المالية، روني بار أون، عن كيفية إحضار شاليط، أجاب باراك أن «ذلك يتطلب إصراراً وشجاعة وحكمة»، إلا أن معظم الوزراء لم يقبلوا موقفه.
في المقابل، رفضت «حماس» قرارات الحكومة الإسرائيلية، وقال المتحدث باسمها، فوزي برهوم، إن «القرارات الصهيونية هذه تعتبر فرض شروط جديدة في اللحظات الأخيرة، وهذا يتناقض كلياً مع المواقف الفلسطينية والمصرية»، مضيفاً أن هذه القرارات «هي تعطيل متعمد للجهود المصرية وتهرب من الاحتلال لاستحقاقات التهدئة».
بدورها، قالت مصادر مصرية مطلعة إن «التعقيدات التي تحيط بصفقة تبادل الأسرى قد تشهد انفراجة». ورغم تعثر المفاوضات غير المباشرة التي تقودها مصر، أشارت المصادر أيضاً إلى وجود «اتفاق مبدئي على إمكان إعلان هدنة لوقف إطلاق النار في القطاع».
وحاولت مصادر مصرية وفلسطينية التحدث بإيجابية، قائلة إن الجهود المصرية «لم تنهر، وقد تعلن الأسبوع المقبل بعد التغلب عمّا وصفته بصعوبات اللحظات الأخيرة». وقالت إن «وفداً من حماس سيعود في وقت لاحق إلى القاهرة».
غير أن مسؤولاً رفيع المستوى في «حماس» قال لـ«الأخبار» إن مصر أبلغت الحركة بفشل جهود التهدئة، مشيراً إلى أن الحركة تتوقّع تصعيداً إسرائيلياً. ولهذه الغاية ستبقي وفدها في القاهرة خشية استهدافه لدى عودته.
وفي ما يتعلق بمفاوضات صفقة شاليط، كشفت مصادر مصريّة عن أن «حماس اقترحت الإفراج عن ألف أسير فلسطيني، بينهم معظم القيادات الفلسطينية، مقابل إطلاق سراح شاليط»، لافتة إلى أن «إسرائيل تحفظت على قائمة حماس قبل أن يقترح المفاوض المصري تقسيم القائمة مناصفة بين الطرفين على أن يكون لكل منهما الحق في الاعتراض على الأسماء التي يقدمها الطرف الآخر».
وتابعت المصادر أن «إسرائيل تتمسك بحقها في اختيار 50 ممن سيفرج عنهم مقابل 450 فقط تقترحهم حماس»، موضحة أن الاحتلال «يرفض إطلاق سراح من يصنفه في خانة من ارتكبوا عمليات إرهابية ضدها».
في السياق، كشف مصدر عربي مطلع أن «الرئيس الفلسطيني محمود عباس، سبق أن تدخل وطلب من حكومة أولمرت عدم الموافقة على كل من وردت أسماؤهم في قائمة حماس، ومنحه في المقابل الفرصة كي يُطلق سراحهم عبر بوابته»، مؤكداً أن «أبو مازن يخشى تزايد شعبية حماس في الداخل الفلسطيني إن هي تمكنت من الحصول على كل أسراها».
ميدانياً، قال سكان فلسطينيون ومسؤولون أمنيون من «حماس» إن «طائرات حربية إسرائيلية هاجمت مواقع في جنوب القطاع، وتسببت ببعض الأضرار المادية».


عاموس جلعاد غاضب

ذكرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، أمس، أن «مسؤول ملف التفاوض مع مصر بشأن التهدئة، عاموس جلعاد (الصورة)، وجه انتقادات حادة ضدّ رئيس الوزراء، إيهود أولمرت، بسبب طريقة إدارته للمفاوضات مع القاهرة»، متهماً إياه بـ«إهانة المصريين». ونقلت الصحيفة عن جلعاد قوله في حديث مع أحد مقربيه «لقد سبق أن أهنّاهم. هذا جنون. مصر هي الحليف شبه الأخير لنا في المنطقة». ورأى أن قرار أولمرت المستجد «يمسّ بالأمن القومي الإسرائيلي»، متسائلاً «من سيؤمن البضاعة بدلاً من المصريين؟ قطر انتقلت إلى الطرف الآخر، إلى إيران، وتركيا تتأرجح. انظروا ماذا يحصل في الأردن. ألا نفهم أننا نحتاج إلى العلاقات مع هذه الدول أكثر من أي شيء آخر؟». واتهم جلعاد أولمرت وحاشيته بأنهم «يتصرفون وكأن الرئيس المصري حسني مبارك يعمل عندنا»، موضحاً أن الأخير «يتصرف بنزاهة وشجاعة. لكنه من المحظور المس بعلاقات العمل والثقة التي بيننا». وركز جلعاد انتقاده على موقف أولمرت بخصوص الجندي الإسرائيلي الأسير، جلعاد شاليط، وقال «نقلنا 70 اسماً إلى المصريين ومن ثم اختفينا. هل هكذا يريدون استعادة شاليط. إذا قرروا غداً تحرير سجناء فلسطينيين فإننا سنحصل على شاليط في اليوم نفسه». وتابع «لقد نجحنا الآن في خلق علاقة بين المعابر وجلعاد. فضلاً عن ذلك، لا نفعل شيئاً. فجأة، قلبوا الترتيب رأساً على عقب. لا أفهم هذا. إلى أين يؤدي هذا، إلى إهانة المصريين؟ دفعهم للخروج من كل القصة؟». وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إن أولمرت استدعى «وزير الدفاع، إيهود باراك، وجلعاد إلى اجتماع خاص ووبّخهما».
(الأخبار)