أجرى الحوار حسام كنفاني

• لسنا متهالكين على التهدئة
• لا أحد يستطيع الإعمار من دون التنسيق مع «حماس»
• لا نريد بدائل لمنظّمة التحرير

يحمل القيادي في حركة «حماس»، الدكتور محمود الزهار، مجموعة ملفّات في جعبته، وهو ينتقل من القاهرة إلى دمشق، التي وصل منها إلى بيروت، أول من أمس، في زيارة سريعة. التهدئة مع إسرائيل، صفقة إطلاق الأسرى، المصالحة الفلسطينيّة، وإعادة إعمار غزّة، ملفات كان له رأي فيها في الحوار الآتي:

كيف تنظر إلى تطورات مفاوضات التهدئة بعد الشرط الإسرائيلي بربطها بصفقة شاليط؟
ـــــ المفاوضات في مصر كانت تسير بإيجابية. واستطعنا خلالها تفكيك بؤر التوتّر التي نشأت مع القاهرة خلال العدوان على قطاع غزّة. كذلك تمكنّا من أن نتوصل إلى جدول كامل للتهدئة، يتضمن وقف كل أشكال العدوان، وفتح كل المعابر. لكن الاتفاق تعثّر بعد الربط الإسرائيلي الأخير. مصر الآن منزعجة من القرار الإسرائيلي، وتدرك خطورته. والموقف اليوم هو الانتظار.

هل يتضمن الجدول قضيّة تهريب الأسلحة التي تشغل المجتمع الدولي؟
ـــــ من حقنا أن نتسلّح بكل وسيلة من الوسائل. فعندما يكون عدوّنا مسلّحاً بقنابل نووية وهذه الترسانة التي استخدمها في قطاع غزةّ، من المفروض بكل المعايير أن يكون لديك ترسانة تردّ عنك الأذى.

هل تخشون من تصعيد إسرائيلي بعد تعثّر التهدئة.
ـــــ التصعيد موجود طوال الوقت، لكن لدينا قوّة للرد. الجانب الإسرائيلي في أزمة حقيقية في شأن تأليف الائتلاف الحاكم. وفي هذه الفترة الضبابية تكون كل الاحتمالات مفتوحة.
وفي هذه الفترة بدأوا إخراج الأشياء من قبورها لاستثمارها في الداخل الإسرائيلي، عبر وضع شروط جديدة لم تكن مطروحة من قبل، منها ربط صفقة الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط بالتهدئة. في كل الأحوال نحن لسنا متهالكين على التهدئة، وصفقة الأسرى لها استحقاقاتها الخاصة.

ما هي تطورات صفقة الأسرى، ولا سيما أن أجواءً إيجابية سادت في الفترة الأخيرة، مع الحديث عن قائمة أسماء إسرائيلية قدمت لكم؟
ـــــ أولاً لا قائمة أسماء جديدة، ومطالب إسرائيل تتمحور حول أسماء هي في الأساس جزء من الصفقة. ولا نستطيع أن نقول إن هناك أجواءً إيجابيّة بالصفقة. ومن دون الالتزام بمطالبنا لن تكون هناك صفقة. فالإسرائيليون يناورون باستمرار لتفادي إطلاق أسماء كبيرة، وهم يريدون إبعاد بعض الأسماء عن الضفة الغربيّة.

جرى الحديث عن أربعة أسماء، بينها الأمين العام للجبهة الشعبية، أحمد سعدات، تريد إسرائيل إبعادهم إلى سوريا. وقيل إن «حماس» لا تمانع.
ـــــ لا نريد أن نتسرّع بالأسماء. فموضوع إبعاد أسرى عن الضفة الغربية قيد الدراسة من الحركة، وأي قرار قد يتّخذ في هذا الشأن يجب أن يكون بالتشاور وبموافقة أصحاب الشأن أنفسهم.

ملف آخر يجري الحديث في شأنه في القاهرة، وهو ملف إعادة الإعمار في قطاع غزة. هل من تقدّم في الشأن؟
ـــــ إعادة الإعمار ملف أساسي في القاهرة، والتهدئة والحكومة الفلسطينية الجديدة والحوار الوطني هي حلقات من مسلسل إعادة الإعمار. لكن هذا الجهد يجب أن يكون مترافقاً مع التهدئة، فلا يمكن المضي قدماً في الإعمار في ظل العدوان. وهنا أيضاً انقضّت إسرائيل على جهد مصر بعد فرضها معادلة جديدة للتهدئة.
وضمن اتفاق التهدئة كان من المفترض أن تُدخل مصر كرافانات إلى قطاع غزّة لإيواء الناس الذين تهدمت منازلهم جراء العدوان، على أن يلي ذلك بدء دخول مواد إزالة الركام وآثار الدمار. ومع تعثّر اتفاق التهدئة علينا الانتظار.

ماذا عن مؤتمر إعادة الإعمار المقرّر في شرم الشيخ الشهر المقبل، هل أنتم مدعوون؟
ـــــ هناك أكثر من مؤتمر إعادة إعمار، فإضافة إلى مؤتمر شرم الشيخ في 2 آذار، هناك مؤتمر في الدوحة أيضاً. أما بالنسبة إلى مؤتمر شرم الشيخ، فنحن لن نحضره، بسبب مشاركة أميركا والدول الأوروبية التي تفرض شروطها في العلاقة مع «حماس». أما بالنسبة إلى مؤتمر الدوحة، فنحن سنحضر المؤتمر الذي نُدعى إليه. وفي المحصّلة لا أحد يستطيع إعمار أي شيء من دون التنسيق مع «حماس».

ماذا عن الحوار مع حركة «فتح» وملف المصالحة الفلسطينية؟
ـــــ الحوار بدأناه بطلب من مصر عبر لقاءات مع مسؤولين من «فتح» كانوا هناك. وطلبنا من القاهرة في وقت لاحق أن تطلب من أبو مازن أن يرسل السيد أحمد قريع. وبالفعل وصل قريع ونبيل شعث وتمّ اللقاء. وتوصلنا إلى آلية لتفكيك حال التوتر في ما يسمى ملف المعتقلين السياسيين، لكنهم طلبوا وقتاً لمشاورة المجلس المركزي والمجلس الثوري لحركة «فتح»، ولم يأتنا رد إلى الآن. ثم جاء تأجيل الحوار الذي كان مقرّراً في 22 شباط الجاري كنتيجة لتوقف مفاوضات التهدئة.

ما هي الآليات؟
ـــــ اتفقنا مع أحمد قريع ونبيل شعث على تأليف لجنة من «حماس» و«فتح» و«الجهاد الإسلامي» ومنظمات حقوق الإنسان، لتقرّر ما إذا كان هناك معتقل سياسي سواء في الضفة الغربية لدى السلطة أو في قطاع غزة لدى الأجهزة الأمنية.

هل تأخر الرد «الفتحاوي» برأيك مرتبط بخلافات داخل الحركة، ولا سيما أن بعض الأنباء تحدثت عن انقسامات داخل «فتح»؟
ـــــ صدرت بعض التصريحات عن بعض المسؤولين في حركة «فتح» والسلطة الفلسطينية تشير إلى الحذر في التعاطي مع الملف. ونحن لسنا جزءاً من خلافات «فتح».
على كل الأحوال نحن طلبنا من مصر أن تستمر في جهودها وتتواصل مع أبو مازن، لأنه لا بد من خلق أجواء تشي بأن هناك نيات جديدة. والذهاب إلى القاهرة من دون أجواء مناسبة سيفشل الحوار. وهذا الفشل ستكون له تداعيات وانعكاسات خطيرة.

ألا تعتقد أن الفشل يتربص بالحوار في ملفات أكبر من قضية المعتقلين السياسيين، وفي مقدمتها منظمة التحرير وما طرحه رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، خالد مشعل، عن المنظمة البديلة؟
ـــــ منظمة التحرير ملف من ملفات المفاوضات، وما طرحه أبو الوليد (مشعل) أصلاً موجود على الأرض وتقوم به «فتح» في الضفة الغربية. فهي أنشأت «هيئة العمل الوطني»، وهناك «تجمع للمقاومة».
القضية تم تضخيمها، فما طُرح ليس بديلاً لمنظمة التحرير، بل هو تجمّع للمقاومة، وهو قائم أساساً في الداخل والخارج. نحن لا نريد بدائل للمنظمة، لكن نريد أن تُفعَّل المنظمة وأن ندخلها، لا بشروط «فتح»، بل بشروطنا، وأهمها أخذ حجمنا في الشارع الفلسطيني في الاعتبار.

ألا يتطلب إحداث خرق في ملف المصالحة تقديم تنازلات من الطرفين؟
ـــــ لسنا من أصحاب التنازلات. «حماس» من الممكن أن تقدّم تسهيلات منضبطة، لكن لا تنازلات تفرّط بحق الوطن والمواطن. ولو كنا نريد تقديم تنازلات لكنا قدمناها للدول الكبرى، لا لحركة «فتح».

في ملف منظمة التحرير مثلاً، هل أنتم مستعدون لدخول المنظمة من دون تعديل ميثاقها؟
ـــــ في ملف منظمة التحرير، السؤال هو: هل نبدأ بالميثاق أم بتشكيلة المنظمة؟ من المفترض أن تكون البداية في التشكيلة عبر تأسيس مجلس وطني جديد هو يحدّد شكل الميثاق. وإذا تشكّلت في المرحلة اللاحقة الغالبية وكانت مع بيع فلسطين، فهي تتحمّل المسؤولية.

هل أنتم مستعدون لدخول المنظمة إذا أقرّت الغالبية في مرحلة لاحقة الميثاق الحالي؟
ـــــ هذا سؤال افتراضي أفضّل عدم الإجابة عنه. لكن عندما يتألف مجلس وطني جديد سنحترم رأي الغالبية.

ماذا عن ملف الأجهزة الأمنية في ظل إصرار «فتح» على اقتصار الإصلاح على الأجهزة في قطاع غزّة؟
ـــــ هذا الملف مرتبط بتأليف الحكومة بعد الحوار والمصالحة، ومن سيكون وزير الداخلية، الذي يجب أن يُشرك الفصائل في رسم سياسة الأجهزة الأمنيّة.
أما الكلام على اقتصار الإصلاح على قطاع غزة، فمن حق كل طرف أن يحلم كما يشاء. الواقع في الضفة الغربية مخزٍ، وهناك جنرالات أميركيون يشرفون على الاعتقالات، وهذا ما لن نقبل به.

جمعيات حقوق الإنسان أثارت أخيراً معلومات عن تصفيات تمّت في قطاع غزّة أثناء العدوان، ما هو ردكم؟
ـــــ جمعيات حقوق الإنسان تجيز للعميل القيام بأفعاله كما هي الحال في أوروبا وأميركا. لكننا في حالة الحرب خرج العملاء من السجون بعد تدمير الاحتلال لها ليقوموا بأعمالهم ضد الفلسطينيين. وفي غياب الوزارات والمحاكم والجامعات يصبح تنفيذ الحكم مسموحاً في الميدان، وتم التعامل مع حالات من هذا النوع. لكن نحن لا نقوم بهذه الأعمال في وقت السلم.

تزايد الحديث في الآونة الأخيرة عن تباينات داخل «حماس» وخلافات في شأن التهدئة، ولا سيما بين «حماس» الداخل والخارج، ما هو تعليقك؟
ـــــ هناك فرق بين الأمنيات والواقع. هناك تباينات، لكن هل وصل الأمر إلى حد الانشقاقات وخلافات؟ لكل فريق اهتماماته، لكن يحسمها قرار المؤسسة. هل هناك طرف اسمه الداخل وآخر اسمه الخارج. مثلاً الصراع داخل «فتح» معروف وله رموزه، لكن ما هي رموز خلافات حركة «حماس»؟
والإعلام الإسرائيلي يحاول أن يرسّخ مفهوم الانقسام. وحديثه الأخير عن رغبة القيادات في غزة بإنجاز اتفاق التهدئة هو محاولة للإساءة إلى الذين كانوا تحت النار. هذه معلومات لها ظلال سياسيّة.

أخيراً، هل هناك اتصالات جديدة بين «حماس» وأميركا أو أوروبا؟
ـــــ هناك أشخاص يأتون من أوروبا، حتى خلال فترة حكم جورج بوش. والمسؤولون الأوروبيون يأتون للاستماع وهم يخضعون للضغوط الأميركية، والآن سنرى إلى أين ستؤدي الضغوط الأميركية. أما زيارة السيناتور جون كيري إلى غزّة، فهو لم يلتق أحداً من «حماس»، لكن مجرّد وصوله إلى القطاع يحمل إشارات معينة، ولا سيما أن الأميركيين كانوا يرفضون زيارة غزةّ، باعتبارها محتلة من «حماس».



نحن نحرص على أن تكون علاقاتنا مع كل الدول العربية جيدة. أما العلاقة مع القاهرة بعد التوتر الذي شابها خلال العدوان، فنحن نعمل على تفادي كل ما يؤدي إلى ضرر العلاقات. وقد تمّ خلال اللقاءات مع المسؤولين المصريين خلال الأيام والأسابيع الماضية تفكيك عناصر التوتر