محاولة أخرى يبذلها هذه المرة وزير المال محمد شطح من أجل إقناع اللبنانيين بأن الكهرباء هي المسؤولة عن تنامي المديونية العامّة وبلوغها المستوى القياسي التاريخي. بعبارة أخرى، يحاول إقناعهم بأنهم هم المسؤولون عن هذه المديونية، لأن الحكومات المتعاقبة اضطرت إلى صرف مبالغ طائلة على دعم هذا القطاع المنهار تماماً.فقد ورد في تقرير الوزير شطح إلى مجلس الوزراء، المرفق مع مشروع موازنة عام 2009، أن تحويلات الخزينة العامة إلى مؤسسة كهرباء لبنان بين عامي 1982 و 2008 بلغت 25431 مليار ليرة (أي ما يعادل 16.8 مليار دولار بأسعار اليوم)، وهذه التحويلات تمثّل نسبة 40% من الدين العام الصافي الذي قدّر بحوالى 64711 مليار ليرة (ما يعادل 42.9 مليار دولار) في نهاية عام 2008.
لقد اضطر شطح إلى العودة 26 سنة إلى الوراء لتضخيم الرقم، متفوّقاً بذلك على الرئيس فؤاد السنيورة ووزير المال الأسبق جهاد أزعور اللذين سبقاه في المحاولة، ولكن بتواضع أقل... كما اضطر إلى احتساب الرقم قياساً إلى الدين العام الصافي، لا قياساً إلى الدين العام الإجمالي، بهدف تكبير النسبة، إذ إن الدين العام الإجمالي قُدّر بحوالى 71047 مليار ليرة (ما يعادل 47.1 مليار دولار).
لقد تطلب الاعتراف الرسمي بوجود أزمة في النموذج القائم وقتاً طويلاً. فكم يلزم لكي يبدأ الاعتراف بأن المديونية العامّة هي نتيجة لهذه الأزمة وأسبابها تكمن في السياسة النقدية والفساد المستشري وطغيان الريع على الاقتصاد.
(الأخبار)