المحروقات تراجعت 43.4% محلياً و74% عالمياً
يُظهر مؤشر الأسعار الذي تنفّذه جمعية المستهلك في لبنان أن الانخفاض المحلي لأسعار السلع الاستهلاكية الأساسية في الفصل الرابع من عام 2008 كان أقل بكثير من الانخفاض العالمي، إذ سجّل المؤشر انخفاضاً نسبته 5.3 في المئة واستحوذت المحروقات على أكبر تراجع بنسبة 34.4 في المئة في مقابل 74 في المئة عالمياً، فيما انخفضت أسعار الفواكه بنسبة 253.5 في المئة، واللحوم بنسبة 12.1 في المئة والأجبان والألبان 6.7 في المئة والمواد المنزلية والشخصية 4.1 في المئة.
وتأتي هذه النتيجة بعدما رصدت الجمعية حركة الأسعار قياساً على قدرة المواطن الشرائية، وذلك عبر أسعار 152 سلعة وخدمة أساسية تتابعها منذ حزيران 2006، وجالت فرقها على 88 متجراً في منطقة تمتد من برمانا إلى الحدث، إذ قال بيان للجمعية إن المستهلكين يسألون منذ أكثر من أربعة أشهر عن موعد انخفاض الأسعار في لبنان بعد تراجع سعر النفط واليورو وأسعار الحبوب والأعلاف عالمياً، لكن غالباً ما كانت الإجابة تفيد بأن التجار اشتروا بضائعهم بأسعار مرتفعة، وسرعان ما ستنخفض بمرور الوقت. وهذه الإجابات كانت تأتي على المستوى الرسمي ومن القطاع الخاص، مؤكدة أن هناك انخفاضات هائلة تصل في بعض القطاعات إلى 40 و50 في المئة أحياناً «لكن من الواضح أن المستهلكين لا علم لهم عن أية بلاد يتحدث هؤلاء لأن ما يلمسونه يومياً هو شيء آخر».
وتقول الجمعية إن الانخفاض الأساسي طال المحروقات بمعدل 34.5 في المئة، بينما انخفضت عالمياً حوالى 74 في المئة، والسبب هو هرولة الحكومة إلى الاستفادة من هذه الانخفاضات لتوفير ضرائب غير مباشرة للخزينة، ومواصلة إصرارها على سياسة تدفيع المستهلكين ثمن سياساتها الاقتصادية القاتلة التي تعتمد على الضريبة المضافة وعلى قطاع الخلوي لتوفير 80 في المئة من مداخيل الخزينة، فيما لم تعد الضرائب المباشرة على الثروات والأعمال توفر أكثر من 7 في المئة من المداخيل.
وتشير الجمعية إلى أن تحديد سقف صفيحة البنزين والمازوت يمنع استفادة المستهلك في لبنان من الانخفاضات العالمية، وهو إجراء غير عادل وغير قانوني، لكونه لم يصدر بقانون عن مجلس النواب ولا يحق للحكومة أن تختبئ وراء الحق بتحديد الأسعار لوضع ضرائب جديدة غير مباشرة ووفق آليات عشوائية أصبحت فيها الرسوم تمثّل أكثر من 60 في المئة من سعر صفيحة البنزين مثلاً.
لذلك تدعو الجمعية، الحكومة، إلى الالتزام بالرسوم القانونية المقررة، ولا سيما في فصل الشتاء. وما يزيد الطين بلة هو معاناة المستهلكين من اختفاء المازوت تهريباً وتخزيناً ورفع أسعاره في السوق السوداء كما حصل في السنة الماضية عندما حققت بعض المحطات أرباحاً خياليّة تحت سمع الإدارات ونظرها ليتحول الدعم، وكما كل دعم تعلنه الدولة، إلى جيوب قلّة قليلة من المستفيدين.
ويتبين وفق بيانات المؤشر أن الانخفاضات الأخرى من الألبان والأجبان بلغت 6.7 في المئة والمواد المنزلية والشخصية 4.1 في المئة واللحوم 12.1 في المئة، علماً بأن الطازجة منها لم تنخفض، بل زادت أحياناً. إما اذا استثنينا انخفاض المحروقات النسبي فسنحصل على ارتفاع في المعدل العام بدلاً من الانخفاض على عكس ادعاءات البعض.
لذلك فإن تدخل الحكومة ووزارة الاقتصاد، عبر تطبيق قرار نسب الأرباح، أصبح ضرورياً لأنه لا يمكن الاعتماد على المنافسة لخفض الأسعار في بلد يعيش 70 في المئة من اقتصاده على الاحتكارات في ظل غياب قانون يرعى المنافسة ويحارب الاحتكار.