أكثر من 8 أسباب لأزمة المازوت نوقشت في «لجنة الأشغال» محمد وهبة
تبيّن المعلومات التي تجمّعت من أكثر من مصدر أن هناك أكثر من سبب موضوعي لأزمة فقدان المازوت، وبحسب معطيات استقتها «الأخبار» من وزارة الطاقة ومنشآت النفط ومصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، هناك مجموعة عناصر أسهمت في إحداث الأزمة، منها ما يتصل بتوقعات انخفاض الأسعار وعدم تخزين المادة من جانب المواطنين والمصانع بالتزامن مع سوء تقدير للطلب وتطوره وعدم القدرة على تلبيته لأسباب موضوعية وإدارية ومالية في البدء، ثم تحول الأمر في مرحلة لاحقة إلى حركة تخزين للتجار الذين امتنعوا عن البيع بالسعر الرسمي، فضلاً عن مخاوف من توسّع العدوان الإسرائيلي على غزّة إلى لبنان... وهذه جميعها كانت محط تساؤلات عدد من نواب القوى السياسية المختلفة الذين استغلوا الأزمة للتسويق
الانتخابي.

ثمانية أسباب

بحسب المعلومات فإن المدير العام لمنشآت النفط سركيس حليس اضطر إلى تكرار شرح تفاصيل الأزمة لكثير من النواب الذي اتصلوا به مستفسرين، وأبلغهم أن حوال 240 مليون ليتر مازوت جرى توزيعها منذ أول كانون الأول 2008 حتى اليوم.
لكن في الاجتماع الأخير الذي عقدته لجنة الأشغال العامة والطاقة والمياه بحضور وزارتي الطاقة والاقتصاد والتجارة وإدارة منشآت النفط ومصلحة حماية المستهلك، تفيد المناقشات التي جرت بشأن أسباب الأزمة أن المسار الزمني لها كان كالآتي:
ــ استمر سعر المازوت بالانخفاض والتراجع أسبوعياً ما دفع المواطنين إلى انتظار بدء سريان قرار دعم المازوت ليستفيدوا من الاثنين معاً، ولا سيما أن الطقس كان يسمح بفترة الانتظار هذه، وفجأة بعد بدء الدعم وانخفاض سعر صفيحة المازوت إلى 15 ألف ليرة، انفجر الطلب يومها، وخصوصاً في المناطق الجبليّة لتخزين المازوت للتدفئة.
ــ كانت هناك بعض الصعوبات لدى منشآت إدارة النفط في تمويل شراء الكميات اللازمة لضخها في السوق المحليّة بسبب عدم تسديد الدولة لكلفة دعم المازوت في عام 2007، وبدأ قرار الدعم في 15 كانون الأول الماضي ولم تحوّل الحكومة هذه الأموال إلا بعد أربعة أيام على بدء الدعم في 2008، مما دفع وزارة الطاقة إلى تحويل باخرة مازوت من احتياط مؤسسة كهرباء لبنان إلى منشآت النفط.
ــ بسبب التوقعات بانخفاض الأسعار، لم تخزّن شركات النفط كميات كبيرة من المازوت حتى لا تتحمل خسائر مادية جراء الشراء بسعر مرتفع وعدم تصريفه أو الاضطرار إلى بيعه بسعر منخفض لاحقاً، وحين بدأ الدعم، ارتفع عدد الشركات التي كانت تخزّن المازوت من 12 شركة إلى أكثر من 100 شركة.
ــ أدى انخفاض سعر المازوت محلياً في مقابل استقراره في السوق السورية على 16 ألف ليرة، إلى توقف عمليات التهريب باتجاه لبنان، علماً بأن حصة الأسواق منها لا تقلّ عمّا بين 4 و7 ملايين ليتر يومياً كما تبين نتائج الأزمة، وبالتالي كان هناك سوء تقدير للطلب الجديد فارتفع النقص في السوق بحجم الكميّات نفسها التي كانت تهرب إلى لبنان.
ــ حصرت شركات النفط، مبيعاتها، بالمؤسسات الصناعية والسياحيّة التي لم تخزن المازوت في الفترة السابقة لأن كلفته في توليد الطاقة من مولداتها كانت أعلى من كلفة استعمال التيار الرسمي، كما كان لديها مخاوف من توسع العدوان الإسرائيلي على غزّة إلى لبنان، وبالتالي حُرم صغار المستهلكين وفي غالبيتهم من سكان المناطق الجبلية في عكار والبقاع والهرمل... تأمين احتياجاتهم للتدفئة.
ــ امتنعت شركات توزيع المحروقات عن توزيع المازوت لبعض المحطات في المناطق الجبليّة «معاقبةً» لها لأنها لم تكن تشتري منها بل كانت تبيع المازوت المهرّب من سوريا، كما أن تسليم المازوت انحصر بالمناطق الساحلية بأسعار مرتفعة تراوح بين 16 ألف ليرة و18 ألفاً.
ــ تقول مصادر مطلعة إن أصحاب صهاريج النقل كانوا يلبّون طلبات المازوت الأقرب إليهم جغرافياً لأنها تحقق لهم ربحاً أكبر، وكان على المحطات والمؤسسات البعيدة عن خزانات المازوت أن تنتظر إشباع الطلب الصناعي الذي كان يعتمد سابقاً على المازوت المهرّب. وفي المقابل، عملت وزارة الطاقة ومنشآت النفط على تأمين كميات مخصصة للمناطق الجبليّة والنائية، ولكن ليس لديها قدرة الضغط على كل الشركات لتجبرها على توزيع المازوت توزيعاً عادلاً على المناطق.
ــ في الأيام العشرة الأخيرة انخفض سعر صفيحة المازوت الأحمر إلى 13 ألف ليرة فيما لا يزال السعر في سوريا 16 ألف ليرة، وبالتالي سمح هذا الأمر للمهربين باستئناف نشاطهم وعمليات التهريب المعاكسة من لبنان إلى سوريا والاستفادة من الفارق في السعر بقيمة 3 آلاف ليرة على كل صفيحة، لكن هذا الأمر بقي محدوداً جداً، حتى إنه يكاد لا يكون واقعياً لأن كلفة التهريب تجعل السعر متقاربا في البلدين.

اتهامات سياسية

وعلى هامش هذه الأسباب كانت ثمة معطيات إضافية غير مؤكدة ويجري تداولها بين السياسيين، إذ يؤيد بعضهم ما يُشاع عن أداء مصلحة حماية المستهلك دوراً لمصلحة نواب الأكثرية النيابية لمساعدتهم في حملاتهم الانتخابية، وذلك عبر إغفال مراقبة محطّات البنزين عمداً، مما سيسمح لهؤلاء النواب باتهام وزير الطاقة والمياه ألان طابوريان بافتعال الأزمة وتوزيع المازوت على «محاسيبه»... وهكذا تجري تعبئة القواعد الانتخابية.
لكن مصلحة حماية المستهلك تؤكد أنها لم تتبلغ بحالات غش تقوم بها المحطات، وأنّها طلبت من منشآت النفط تسمية المحطات التي تقوم بهذا الأمر وتقديم لوائح تتضمن المحطات والشركات والكميات التي تحصل عليها يومياً. ويقول المتابعون إن شركات النفط تمتنع عن بيع كميات كبيرة من المازوت المخزّن لديها مطالبة بالسماح لها باستيراد المازوت أو حصر تسلّمه وتوزيعه بحوالى 12 شركة لديها قدرة تخزينية كبيرة وقد استثمر فيها مبلغ 300 مليون دولار.


500 ليتر مازوت

هي كمية الحد الأدنى التي يمكن أن تخزّنها العائلة الواحدة للتدفئة، وإذا احتسبنا هذا الأمر على 550 ألف عائلة، على الأقل، تعيش في المناطق الجبليّة يبلغ حجم استهلاكها السنوي 275 مليون ليتر مازوت في الحد الأدنى


السوق تسير نحو الإشباع