مجلس شورى الدولة يردّ طلب وقف التنفيذ أسقط مجلس شورى الدولة ذرائع أصحاب العمل الذين امتنعوا حتى الآن عن تسديد زيادة الأجور إلى عمّالهم، فقد ردّ الطلب الذي تقدّمت به جمعية الصناعيين لوقف تنفيذ مرسوم الزيادة الصادر عن مجلس الوزراء، ما يعني أن تنفيذه بات واجباً ويحق للأجراء غير المستفيدين من الزيادة حتى الآن اللجوء إلى وزارة العمل أو القضاء المختص
ردّ مجلس شورى الدولة طلب جمعية الصناعيين وقف تنفيذ المرسوم الرقم 500 الذي يتضمن تعيين الحد الأدنى الرسمي لأجور المستخدمين والعمال في القطاع الخاص وإعطاء زيادة غلاء معيشة بقيمة 200 ألف ليرة، وجاء في القرار الإعدادي الصادر عن المجلس في 14 كانون الثاني 2009، إن هذا المرسوم هو من المراسيم التنظيمية التي نصت المادة 77 من نظام مجلس شورى الدولة على عدم جواز وقف تنفيذها، إذ تشير إلى أنه «يعود لمجلس شورى الدولة تقرير وقف التنفيذ بناءً على طلب صريح من المستدعي إذا تبيّن من ملف الدعوى أن التنفيذ قد يلحق بالمستدعي ضرراً بالغاً، وإن المراجعة ترتكز على أسباب جدية مهمة، إلا أنه لا يجوز وقف التنفيذ إذا كانت المراجعة ترمي إلى إبطال مرسوم تنظيمي أو إبطال قرار يتعلق بحفظ النظام أو الأمن أو السلامة العامة أو الصحة العامة». واستناداً إلى الآراء القانونية، فإن قرار مجلس شورى الدولة يعني أن كل مؤسسات القطاع الخاص باتت ملزمة بتنفيذ مضمون المرسوم فوراً، إذ إنه أسقط الذريعة التي يتذرّع بها بعض أصحاب العمل لعدم دفع الزيادة بحجة انتظار نتيجة الطعن بهذا المرسوم ودعوى إبطال مفاعيله.

مطالعة جمعية الصناعيين

وكانت جمعيّة الصناعيين قد تقدمت في 24 تشرين الثاني 2008 بدعوى إلى مجلس شورى الدولة طالبت فيها بإبطال المرسوم الرقم 500، لأنه يستند إلى المرسوم الرقم 63 الذي لم ينشر، أي إنه بات منعدم الوجود، وبالتالي يستوجب إبطاله لأنه يستند إلى المرسوم الرقم 8733 تاريخ 8/7/1996 الذي بُني بالتسلسل على المرسوم الرقم 63 فما بُني على باطل هو باطل.
كما تضمنت دعوى الجمعية إبطال المرسوم للأسباب الآتية:
ــ يكرّس القضاء الإداري حق المبادرة الاقتصادية كما كرستها الفقرة «و» من مقدمة الدستور، فيما المرسوم 500 ألزم أرباب العمل دفع 200 ألف ليرة تضاف إلى الأجر الشهري بلا سقف، مما يثقلهم بعبء يعطّل حق المبادرة وحرية التجارة والصناعة، ويخالف الاتفاقيات الدولية والعربية المنبثقة عن مؤتمر العمل الدولي التي تجيز للحكومات التدخل فقط وبعد استشارة العمال وأرباب العمل بشأن الحد الأدنى للأجور. إذ إن الاتفاقية العربية الرقم 15 التي حددت مفهوم الأجر وتحديد الحد الأدنى له، لم تتطرق إلى غير ذلك.
ــ كما حددت اتفاقية مؤتمر العمل الدولي 131 العناصر التي تؤخذ بالاعتبار لتحديد المستويات الدنيا للأجور، ولا سيما لجهة العوامل الاقتصادية ومتطلبات التنمية الاقتصادية ومستوى الإنتاج، ويتبين بحسب نص المادتين 45 و46 من قانون العمل، أنه لم يجرِ التطرق إلى غير الحد الأدنى للأجر فتكون الدولة قد خالفت الدستور والمعاهدات الدولية عبر التدخل بتحديد ما يفوق الحد الأدنى.
ــ لم يستند المرسوم المطعون فيه إلى أي دراسة صادرة عن لجنة المؤشر، ولم يُستمع إلى العمال وأرباب العمل ولم يحدد نسبة غلاء المعيشة فأتى مناقضاً لأحكام قانون العمل والقانون رقم 36/67 والاتفاقيات العربية والدولية، فيما زيادة الرواتب ليست آلية تُعطى للأجير المنتج وغير المنتج بل تركها القانون خاضعة لقاعدة العرض والطلب ولعوامل الكفاءة... فالزيادة العشوائية لم تستند إلى قاعدة أو دراسة اقتصادية فأعطيت لأي أجير مهما بلغ راتبه، علماً بأنه لا يجوز التدخل في العلاقة بين رب العمل والأجير وإلا فهذا يمثّّل تعدياً على حق التعاقد الحر.
ــ إن المرسوم 500 مستوجب الإبطال لعدم جواز إعطائه مفعولاً رجعياً بحيث يعمل به ابتداءً من أول أيار 2008، مما يخالف مبدأ عدم رجعية الأعمال الإدارية.
ــ تجاوز المرسوم 500 حدود التفويض المعطى للحكومة، فالقانون 36/67 أعطى الحكومة حق تحديد الحد الأدنى للأجر ونسبة غلاء المعيشة، ولكنه أوجب على لجنة المؤشر وضع الدراسات وجداول تقلّبات الأسعار مرّة كل سنتين، وهو أمر غير حاصل في المرسوم 500 الذي اكتفى بالإشارة إلى دراسات وجداول أسعار من دون تحديد مصيرها.
ــ بالنسبة إلى وقف تنفيذ المرسوم 500 فقد حاولت الجمعية إظهار تأثيره السلبي عليها لتكون أسباباً جديّة توجب الوقف، فقد أشارت إلى أنه يحمّلها عبء رفع الأجور دون أية دراسة مما يرهق ميزانيتها فيما مدخولها محصور ولا يمكنها تسديد المبالغ الناجمة عن زيادة الأجور.

ردّ الدولة

وقد ردّت الدولة على ما تضمنته دعوى الجمعية، فتقدمت في 12 كانون الأول 2008 بلائحة تضمنت الآتي:
ــ المراجعة مستوجبة الرد شكلاً لعدم اختصاص مجلس شورى الدولة.
ــ المرسوم المطعون فيه هو مرسوم تنظيمي يتعلق بالسلامة الاجتماعية للمستفيدين منه مما يقتضي رد طلب وقف التنفيذ سنداً للمادة 77 من نظام مجلس شورى الدولة.
ــ يستوفي المرسوم المطعون فيه المعاملات الجوهرية والأصول القانونية واستند إلى المادة 6 من القانون الرقم 36/67 التي أعطت الحكومة حق تحديد الحد الأدنى الرسمي للأجور ونسبة غلاء المعيشة كلما دعت الحاجة وبناءً على الدراسات وجداول تقلبات الأسعار وكلفة المعيشة، علماً بأن آخر مرسوم لتعيين الحد الأدنى وزيادة غلاء المعيشة هو المرسوم رقم 8733 تاريخ 8/7/1996، أي انقضى أكثر من 12 سنة، كما أن جمعية الصناعيين على علم بالاجتماعات التي حصلت في وزارة العمل مع ممثلي أطراف الإنتاج والتي ظهر فيها فرق كبير بين طروحاتها وطروحات الاتحاد العمالي العام، وقد جاء تدخل الحكومة دون الحل الوسط كما أن المرسوم عرض على مجلس شورى الدولة، ولو كان غير مستوفٍ للأصول الجوهرية لكان الرأي بعدم الموافقة عليه.
ـ إن المرسوم 500 لم يستند إلى المرسوم الرقم 63 تاريخ 20/12/1988 الذي تثير المستدعية عدم نشره، كما أن ما أفادت به الجمعية من مخالفة لاتفاقيات العمل الدولية والعربية لا يقع موقعه الصحيح لأن لجنة مؤشر الغلاء التي يتمثل فيها أطراف الإنتاج الثلاثة اجتمعت مرات عدّة، علماً بأن اتفاقية العمل الدولية 126 تركت الحرية للأعضاء لتقرير أنظمة تحديد الحد الأدنى للأجور ووسائل تطبيقها.
(الأخبار)


200 ألف ليرة

هي قيمة زيادة غلاء المعيشة الأخيرة المحددة بالمرسوم الرقم 500 الصادر في 14 تشرين الأول 2008، فتضاف هذه الزيادة إلى أساس الأجور. وبحسب المادة الرابعة من المرسوم تطبّق الزيادة على جميع أصحاب العمل والأجراء الخاضعين لأحكام قانون العمل


تطبيق الزيادة