صدقت الحكومة الإسرائيلية، أمس، على إطلاق سراح 250 أسيراً فلسطينياً كبادرة حسن نية حيال الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، لمناسبة عيد الأضحى، وسط معارضة بعض الوزراء، في وقت تتّجه فيه إسرائيل إلى إطلاق نواب «حماس» ووزرائها
محمد بدير
أقرّت الحكومة الإسرائيلية، أمس، إطلاق 250 أسيراً فلسطينياً، بناءً على وعد إيهود أولمرت لمحمود عباس خلال القمة الأخيرة بينهما. إلا أن القرار لم يمرّ من دون اعتراضات، إذ ربط رئيس حزب «شاس»، وزير التجارة والصناعة إيلي يشاي، بين رفضه للقرار وبين الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط، معتبراً أن «الإفراج المتكرر عن المعتقلين (الفلسطينيين) يضعف فرص إنهاء المفاوضات بشأن الإفراج عنه»، مضيفاً «هذه البادرة خطيرة للغاية وغريبة ومشكوك فيها».
كما صوّت ضد القرار كل من وزير المواصلات شاؤول موفاز، ووزير تطوير النقب والجليل يعقوب إدري، التابعين لحزب «كديما»، فيما امتنع الوزير العمالي عامي أيلون عن الإدلاء بصوته، معتبراً أن القرار «قد يؤدي إلى نتائج معكوسة ويعزز حكم حماس».
من جهتها، حذرت وزيرة الخارجية، رئيسة حزب «كديما» تسيبي ليفني، من إساءة تفسير الخطوة الإسرائيلية، داعية إلى موازنتها «عبر الاستهداف المنهجي لحماس ولمظاهر الإرهاب، وإلا فإن المعادلة ستبدو غير متوازنة وستوجد صورة خاطئة للخطوة ولنيّات إسرائيل».
وأعرب والد الجندي شاليط عن معارضته لقرار الحكومة، ووصفه بأنه «مستغرب». ورأى عضو الكنيست عن حزب «الليكود»، يوفال شطاينتس، أن «إطلاق سراح المخربين بمناسبة عيد الأضحى يعني أن العيد للفلسطينيين ونحن الأضحية».
ودافع وزير البيئة الإسرائيلي، جدعون عيزرا، عن القرار، باعتبار أن هدفه مساعدة عباس على «الفوز بتعاون السكان»، مشيراً إلى أن أبو مازن «قام في الشهور القليلة الماضية بجهود لم نشهدها من قبل لمحاولة وقف الإرهاب»، في إشارة إلى الاعتقالات في الضفة الغربية.
وقال المتحدث باسم أولمرت، مارك ريغيف، إن «هذا إجراء لبناء الثقة»، مشيراً إلى أن إسرائيل ستفرج عن سجناء من حركة «فتح» التي يتزعمها عباس وجماعات أخرى غير إسلامية.
ورحب كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات بقرار الحكومة الإسرائيلية. وقال إن «إطلاق سراح السجناء يمثل أولوية وطنية لكل عائلة فلسطينية». وأوضح أن إسرائيل لم تبلغ الفلسطينيين بعد ما إذا كانت ستبحث الإفراج عن سجناء بارزين من حركة «فتح»، مثل مروان البرغوثي.
كما رحبت حركة «حماس» بالقرار الإسرائيلي، معلنة في الوقت نفسه رفضها إطلاق سراحهم في إطار «استحقاق التنسيق الأمني والتطبيع» بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل. وأكد المتحدث باسم «حماس»، فوزي برهوم، أن حركته «ستعمل كل ما تستطيع لإجبار الاحتلال على إطلاق سراح أكبر عدد من أسرانا من سجون الاحتلال من دون استثناء ومن كل الفصائل الفلسطينية».
من جهة ثانية، أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن اجتماعاً أمنياً عقد في مكتب رئيس الوزراء في أعقاب الجلسة الحكومية صباحاً تناول توسيع الجهود لإطلاق شاليط. وأشارت التقارير إلى أن الاجتماع شهد نقل الرسائل التي أرسلتها «حماس» إلى إسرائيل في أعقاب زيارة رئيس الدائرة السياسية الأمنية في وزارة الدفاع، عاموس جلعاد، إلى مصر الأسبوع الماضي.
وذكرت صحيفة «هآرتس» أن الاجتماع غايته فحص إمكانات إنجاز الصفقة قبل الانتخابات العامة الإسرائيلية في 10 شباط المقبل. وأشارت إلى أن وزير الدفاع إيهود بارك ورئيس الأركان غابي أشكينازي، يمارسان ضغوطاً كبيرة لإتمام صفقة التبادل، فيما يعارض رئيس «الشاباك»، يوفال ديسكين، الصفقة بالثمن الذي تريده «حماس»، معتبراً أنها ستقود إلى موجة إرهاب جديدة.
وفي السياق، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن إسرائيل تتخلى بالتدريج عن جزء من «أوراق المساومة» التي تملكها، وتحديداً ما يخص نواب «حماس» الذين اعتقلتهم قبل أكثر من سنتين. ولفتت إلى إمكان إطلاق سراح العشرات من النواب وبعض الوزراء في حكومة «حماس»، ممن اعتقلوا في الضفة الغربية خلال السنة المقبلة، حتى لو لم تتبلور في هذه الفترة صفقة تبادل أسرى بين «حماس» وإسرائيل.
ونقلت «هآرتس» عن مصدر أمني مطلع قوله إنه «من اللحظة التي اتضح فيها أنه لن تنتج هذه المحاكمات الكثير فإن كل مسؤولي الجهاز ممن كانوا ضالعين في قرار الاعتقالات ولوائح الاتهام أخذوا مسافة، انطلاقاً من أنه لن يكون هنا أي إنجازات». ويبدو، بحسب الصحيفة، أن النهج المعتمد الآن هو بلورة صفقات قضائية خفيفة نسبياً والتخلص من القضية.