الانتخابات الإسرائيلية المحلية عزّزت الرؤية اليمينية في المدن الكبرى، فيما العائلية هيمنت على الانتخابات لدى فلسطينيي 48، وإن بقيت الأحزاب حاضرة في بعض المدن
حيفا ــ فراس خطيب
أفرزت الانتخابات البلدية في إسرائيل وجوهاً جديدة على الساحة المحلية، لكنَّها بالتأكيد لم تفرض انقلاباً، بقدر ما عزّزت «المستقلين»، ومنحت «اليمينيين» متسعاً أكبر في القدس المحتلة وعكا وتل أبيب.
وكانت الانتخابات البلدية في القدس المحتلة محط أنظار الإعلام والسياسيين. ويتعاطى الإسرائيليون مع القدس المحتلة على أنَّها «عاصمة الدولة العبرية»، ويهبونها اهتماماً واسعاً. وبعد فترة من حكم المتدينين، أعادت انتخابات أول من أمس «التفويض للعلمانيين»، كما قالت وسائل الإعلام العبرية. وفاز المرشح نير باركات برئاسة البلدية بفارق كبير عن خصمه اليميني المتشدد مئير بروش. لكن في حقيقة الأمر، فإن باركات، الذي يحمل آراءً يمينية، لم يطرح برنامجاً متناقضاً مع المتدينين، ووعد بأن «تبقى القدس العاصمة الموحدة لإسرائيل»، و«الحفاظ على الأماكن الدينية»، من دون «التنازل» عن المنطقة الشرقية التي يسكنها الفلسطينيون.
وشغل باركات في عام 2006 مديراً للمقر الانتخابي للحزب الحاكم «كديما»، لكنه سعى إلى استقطاب الأحزاب الأخرى، ولم يرفع شعار «كديما». ويعارض باركات أي «ترتيب جديد» في القدس المحتلة، ويرفض أي «تقسيم» أو «تغيير» في مبناها. وقد شارك جمعية «إلعاد» الاستيطانية، التي تعمل على تهويد القدس، في إحدى الجولات التي تجريها في المدينة المحتلة.
ولد باركات (49 عاماً) في القدس المحتلة وخدم في سلاح المظليين في الجيش الإسرائيلي. دخل من بعدها عالم الأعمال في شركات الحواسيب وفي عام 2003 قرّر خوض الانتخابات لبلدية القدس.
وكان باركات رئيساً للمعارضة في المجلس البلدي في عهد أوري لوبيليانسكي، وفاز أول من أمس بنسبة 52 في المئة من أصوات الناخبين، في مقابل 42 لبروش. وقد حصل المرشح الثالث أركادي غايدماك على نسبة 3 في المئة من الأصوات وتكبد خسارة كبيرة، بعدما عوّل على أصوات المقدسيين الذين قاطعوا الانتخابات الإسرائيلية.
اليمينيون في عكا أيضاً
وفي مدينة عكا المختلطة، التي شهدت مواجهات واعتداءات على سكانها الفلسطينيين، فاز رئيس البلدية الحالي شمعون لينكري بولاية لخمس سنوات إضافية، بعدما حاز غالبية 65 في المئة من الأصوات. وقد عزّز لينكري مكانته بعد المواجهات الأخيرة. وكان قد صرّح أثناء الاعتداءات على فلسطيني المدينة أن «عكا ستبقى لنا (لليهود) للأبد»، وهو معروف لدعمه للمواقف اليمينية. وإلى جانب فوز لينكري، انخفض تمثيل فلسطينيي 48 في بلدية عكا من خمسة أعضاء في السابق إلى ثلاثة أعضاء، بعدما ذهب الكثير من أصواتهم إلى قوائم موسمية لم تعبر نسبة الحسم في ظل ارتفاع نسبة المصوتين اليهود بعد أحداث عكا.
وفي حيفا، حصد رئيس البلدية، يونا ياهف، من حزب «كديما»، ثمار حرب لبنان الثانية في نتائج الانتخابات. وقد فاز برئاسة البلدية، بعدما سوّق «مسيرة الترميم في المدينة».
كما فازت الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة بمقعدين في بلدية حيفا بعدما دعمت ياهف، الذي فاز بفارق بسيط على خصمه القائد المتقاعد في الشرطة، يعكوف بورفسكي، بينما فاز تحالف «عرب حيفا» بقيادة التجمع الوطني الديموقراطي بمقعدٍ واحد فقط، داعماً المرشح العربي لرئاسة البلدية وليد خميس. ولم يعبر حزب «ميرتس» بقيادة الياس مطانس نسبة الحسم.

القرى العربية: نسبة تصويت مرتفعة

كانت نسبة التصويت في القرى العربية كبيرة جداً. وكان غياب الأحزاب على ساحات المجالس المحلية حاضراً أيضاً، ما عدا في بعض القرى والمدن. وقد خاض فلسطينيو 48 الانتخابات في أكثر من 75 مجلساً محلياً وبلدياً، حيث تنافس 241 مرشحاً، من دون أن تكون بينهم امرأة واحدة. ولم تحسم الانتخابات في 12 مجلساً محلياً، ومن المتوقع أجراء جولة ثانية فيها بعد أسبوعين.
وقال المحاضر في جامعة حيفا، سمير يزبك، في حديث لوكالة «فرانس برس»، «لقد كانت العائلة تتنافس على المكانة الاجتماعية قبل عام 48، ولكن للأسف، وبالرغم من كل ما حصل للفلسطينيين منذ النكبة، إلا أن التركيبة لم تتغير حيث نجد في قرية لا يتجاوز عدد سكانها ثلاثة آلاف شخص، عشرة أشخاص مرشحين لرئاسة البلدية».
لكن هذا لا يتنافى مع وجود فاعلية للأحزاب في مناطق عديدة، منها الناصرة، حيث فاز مرشح الجبهة الديموقراطية، رامز جرايسي، برئاسة البلدية بعد حصوله على نسبة 53 في المئة من الأصوات، وفوزه على منافسه من القائمة العربية الموحدة أحمد زعبي الذي كان مدعوماً من الحركة الإسلامية. واستطاع أهالي شفاعمرو إطاحة رئيس البلدية، عرسان ياسين، المقرب من السلطة.