كشفت إسرائيل والأردن أمس عن زيارة سريّة أجراها رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت، ووزير الدفاع إيهود باراك، لعمّان «بناءً على استدعاء» من الملك عبد الله الثاني، الذي «حذرهما» من أن شن هجوم عسكري على غزة سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة.وقال مصدر سياسي أردني إن الملك عبد الله «استدعى على وجه السرعة أولمرت وباراك لإجراء محادثات سرية في عمّان يوم الثلاثاء». وأضاف المصدر المطلع على المحادثات، لـ«رويترز»، أن «ملك الأردن حذّر إسرائيل من أي تصعيد في العمليات العسكرية، وقال: إن هذه الإجراءات لن تجلب لإسرائيل الأمن الذي تسعى إليه».
ونقل المصدر أيضاً عن الملك عبد الله قوله إن «أي عمل إسرائيلي من جانب واحد سيثير التوتر في المنطقة، وإن مفتاح الاستقرار في المنطقة هو تحقيق سلام فلسطيني ـــــ إسرائيلي».
وفي وقت سابق، قال مصدر سياسي إسرائيلي إن الملك الأردني طلب من أولمرت وباراك الامتناع عن القيام بعملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة. وأضاف المصدر أن أولمرت امتنع عن الالتزام بذلك، قائلاً إن إسرائيل «لا تستطيع أن تتحلى بضبط النفس طويلاً، وإنها قد تغزو غزة إذا استمر الفلسطينيون في إطلاق الصواريخ عليها». لكن باراك أكد للأردن اهتمام إسرائيل باستمرار التهدئة التي توسطت فيها مصر.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، من دون أن تكشف عن مصادرها، إن الملك الأردني أبلغ الزعيمين الإسرائيليين أنه يخشى من أن يؤدي الغزو الإسرائيلي لغزة إلى وقوع خسائر كبيرة في الأرواح، ما قد يهدد حكمه.
كذلك، اجتمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع الملك عبد الله، أمس، في منتجع العقبة على البحر الأحمر، بعدما دعاه عبد الله الثاني لإجراء محادثات في إطار تكثيف النشاط الدبلوماسي لتجنب مزيد من إراقة الدماء في غزة.
ووفقاً لبيان صادر عن الديوان الملكي الأردني، حذر عباس والملك عبد الله الثاني من «مغبة الإجراءات الأحادية التي تقوم بها إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة». وأكدا أن «تضييق الخناق على الفلسطينيين وزيادة معاناتهم لن يؤديا إلا إلى زيادة التوتر»، داعيَين إسرائيل إلى «اتخاذ خطوات فورية لوقف معاناة الشعب الفلسطيني، وفتح معابر غزة والسماح بدخول المساعدات للقطاع».
وقال عبد الله الثاني، وفق البيان، إن «السلام مع الفلسطينيين هو أيضاً مدخل السلام الإقليمي الشامل، انسجاماً مع المبادرة العربية التي أطلقها العرب بالإجماع عام 2002». وأشار إلى أن «أي خطوات تصعيدية من إسرائيل ستؤدي إلى تفاقم التوتر، وأن السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار هو إنهاء الصراع على أساس حل الدولتين الذي يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة على التراب الوطني الفلسطيني».
وفي السياق، قال رئيس لجنة الدفاع والشؤون الخارجية في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، تساحي هانغبي، إن «الأردن يجب أن يؤخذ في الاعتبار» في كل قرار يتعلق بالفلسطينيين. وأضاف أن «الأردنيين حساسون جداً حيال أي تطور في الوضع، وهذا ينعكس عليهم بسرعة كبيرة نظراً للتركيبة السكانية لبلدهم التي تضم عدداً كبيراً جداً من الفلسطينيين». وتابع أن «استمرار التهدئة من مصلحة الأردنيين، وبالتأكيد من مصلحة المحافظة على علاقات جيدة مع الأردن».
ميدانياً في غزة، أنهى قائد فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي، العميد موشيه تامير، مهامه في منصبه، وتولى بدلاً منه العميد أيال أيزنبرغ. وفي هذا الإطار، تباهى تامير بأن قوات الاحتلال قتلت في عهده ما يقارب 1000 مقاوم فلسطيني، وأحبطت مئات المحاولات لتنفيذ عمليات. لكنه أضاف أن «الأيام الصعبة ما زالت ماثلة أمامنا».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، أ ب)