شركات شحن عالميّة تحوّل خطّ ملاحتها إلى رأس الرجاء الصالحأزمة القرصنة البحرية استفحلت مع اختطاف السفينة السعودية «الأغلى». هذا ما استدعى «غيرة» معظم الدول التي باتت تشعر بخطر الملاحة في القرن الأفريقي، ومعها متشددون راعهم اختطاف «السفينة الإسلامية»
فيما أرسلت قوات البحرية التابعة لدول أجنبية سفناً حربية إلى المياه الصومالية من أجل إنقاذ القرن الأفريقي من عمليات القرصنة المستشرية، تبحث شركات الشحن عن طرق بديلة، فيما أُحضرت أعداد متزايدة من الميليشيات إلى مرفأ هرارديري الصومالي، مقر القراصنة.
وذكرت وكالة «رويترز» أن هناك 14 سفينة حربية في خليج عدن وقرب الصومال، في محاولة لإحباط هجمات قراصنة. وقالت إن هذه السفن مؤلّفة من 8 للأميركيين و4 لحلف شمالي الأطلسي وواحدة لماليزيا والاتحاد الأوروبي وروسيا والهند.
وفي السياق، قال محمد أوالي، أحد السكان المحليين في هرارديري، إن «بعض القراصنة هم داخل المدينة، وآخرون يتحصّنون في قرية مجاورة، ويمكن استدعاؤهم إذا لزم الأمر».
وقال متحدث باسم الإسلاميين، شيخ عبد الرحيم عيسى آدو، لوكالة «رويترز»، إن «السعودية بلد مسلم، وخطف إحدى سفنها جريمة أكبر من (خطف) السفن الأخرى». وأضاف: «هرارديري تحت سيطرتنا، وسنفعل شيئاً بشأن هذه السفينة».
لكنّ رجالاً من الميليشيات المحلية الإسلامية ومقاتلي «حركة الشباب» المتشددة، الذين قدموا إلى هرارديري من أجل ملاحقة القراصنة، واجهوا تشكيكاً في نيات تحركهم، إذ رأى بعض السكان أن هذا التحرك يهدف إلى حصولهم على حصة من الفدية، التي طالب بها خاطفو السفينة السعودية «سيريوس ستار»، في حال دفعها. وذكر مسؤول إسلامي في هرارديري، في مكالمة هاتفية مع وكالة «فرانس برس»، أنه «توجد عربتان مسلحتان تعودان لحركة الشباب. وقد وصلوا إلى مدينة هرارديري، إلا أنهم لا ينوون مهاجمة السفينة من هنا».
غير أن عدداً من الخبراء أبلغوا «فرانس برس» أن الخاطفين فخخوا سفينة «أم في فينا» الأوكرانية، التي سيطروا عليها في أيلول الماضي، وكانت تحمل دبابات وغيرها من العتاد العسكري.
من جهته، أعرب وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، عن رفضه للتفاوض مع القراصنة، واصفاً القرصنة البحرية بأنها «شر ينبغي القضاء عليه تماماً مثل الإرهاب».
وقال الفيصل، إثر لقاء مع نظيره النروجي يوناس غاهر ستويري في أوسلو: «هذا شر ينبغي القضاء عليه تماماً مثل الإرهاب. إن المفاوضات ودفع الفديات من شأنها تشجيع القرصنة، ولا تحل المشكلة». وأضاف الفيصل، في مؤتمر صحافي: «ليس في مستوى الحكومة. ونحن لا نعرف إن كان أصحاب الناقلة يفعلون ذلك ونحن لا نشجّعهم على ذلك». وكرر التأكيد أن بلاده على استعداد للمشاركة في قوة بحرية دولية في مواجهة القرصنة.
وأوضح وزير خارجية النروج أن بلاده على استعداد أيضاً للإسهام في هذه القوة، لكن ليس قبل دخول فرقاطات جديدة الخدمة «في 2009 أو 2010».
وفي السياق، رأى الخبير فيليكس ماكيفسكي، الذي كان موظفاً في أجهزة الاستخبارات السوفياتية السابقة (كي جي بي)، أن الأجهزة الروسية الخاصة تملك الوسائل لمكافحة القرصنة البحرية على السواحل الصومالية «إذا ما توافرت إرادة سياسية لبلوغ هذا الهدف».
وبخصوص التقارير عن الفدية البالغة 25 مليون دولار، التي قيل إن الخاطفين طلبوها لقاء الإفراج عن السفينة السعودية، لم تستطع البحرية الأميركية أو الشركة المسؤولة عن تشغيل الناقلة العملاقة، تأكيدها.
وقال المتحدث باسم الأسطول الأميركي الخامس، الذي يتخذ من البحرين مقراً له، الملازم ناتان كريستنسن، لـ«رويترز»: «قرأت التقرير، لكن ليس بوسعي تأكيد أي شيء عن هذا بصورة مستقلة».
ومن جهته، قال متحدث باسم شركة «فيلا إنترناشونال»، وهي شركة شحن تابعة لشركة «أرامكو» تتخذ من دبي مقراً، إنه لا معلومات جديدة لديه، وأحجم عن التعليق على التقارير.
من جهة ثانية، قالت شركة نقل بحري إيرانية إن القراصنة الصوماليين الذين خطفوا سفينة استأجرتها الشركة وترفع علم هونغ كونغ، قدّموا مطالبهم للإفراج عن السفينة، لكن الشركة لم تكشف عن هذه المطالب.
وقال مسؤول في الشركة: «نحن على اتصال بالسفينة. تمكنّا من الاتصال بالسفينة أمس (الخميس) وكل أفراد طاقم السفينة بصحة جيدة، ونبحث الأمر مع القراصنة».
في غضون ذلك، قررت شركات شحن عالمية الابتعاد عن المياه الصومالية وتحويل سفنها إلى رأس الرجاء الصالح رغم ارتفاع تكلفة ذلك والتأخير الذي ينجم عنه.
وأمرت شركة «أي بي مولر ـــــ مايرسك» الدنماركية بعض سفنها باتخاذ المسار الجديد.
وقال دبلوماسيون في صنعاء إن السفن عادة ما تسلك ممرات بحرية بالقرب من اليمن لتجنب الاقتراب من مراكز القراصنة في الصومال أو الإقليمين المنشقين عنه، وهما أرض الصومال وبلاد بنط.
إلى ذلك، قالت الشرطة الصومالية إنها نصبت كميناً وقتلت 17 من مقاتلي حركة الشباب المتمردة، خلال محاولة هجوم على مسؤول في مقديشو.
(أ ف ب، رويترز، أ ب)