بغداد ــ زيد الزبيديالصراع المستجدّ بين «المجلس الأعلى الإسلامي» وحليفه حزب «الدعوة الإسلامية» كشف عن المزيد من هشاشة «الائتلاف الموحد» الحاكم منذ 2006، الذي نشأ على أساس طائفي، ثمّ أخذ يتشتت بتشتت المصالح، ومحورها الآن «مجالس الإسناد» العشائرية الشيعية.
وقد اتّضح عدم وجود خلاف بين التنظيمين على إنشائها، بل على الجهة التي تقوم بذلك. هل هي الحكومة المركزية التي يرأسها نوري المالكي (الدعوة)، أم الحكومات المحلية التي يسيطر «المجلس الأعلى» على معظمها في الوسط والجنوب العراقيين؟
ويرى كثيرون أنّ فكرة نقل تجارب «مجالس الصحوة» السنّية إلى الواقع الشيعي سببها الفعلي أنّ حزب «الدعوة» فقد الكثير من رصيده الشعبي. وكان «الدعوة» يعتمد إلى حدّ كبير على دعم التيار الصدري، غير أنّ خروج هذا الأخير من التحالف الحاكم سهّل ضربه لاحقاً على يد المالكي نفسه بتشجيع من منافسه «المجلس الأعلى».
أمام هذا الواقع، يرى عدد من متابعي الشأن الشيعي في العراق أنّ المالكي حاول التعويض عن نقص شعبية حزبه وفقدانه حليفه الجماهيري (التيار الصدري) من خلال العودة إلى «عشائرية ثورة العشرين» والعودة بالمجتمع العراقي إلى الخلف، عبر تعزيز الأطر العشائرية واستمالتها، وخصوصاً في جنوب البلاد.
وتتصاعد في الفترة الأخيرة اتهامات واضحة من «المجلس الأعلى» لـ«الدعوة» بأنّه يقف خلف إنشاء المجالس العشائرية لأغراض حزبية انتخابية، «مستفيداً من أموال الدولة»، بينما يقوم هو بإنشاء هذه المجالس «بأمواله الخاصّة» غير معروفة المصدر. غير أنّ «الدعوة» ينفي علاقته بإنشاء المجالس، ويؤكد أنها ستكون «بإشراف حكومي، لا حزبي».
وفي السياق، برز ما قاله أخيراً القيادي في حزب المالكي، النائب علي الأديب، عن أنّ «مجالس الإسناد تابعة للحكومة لا لحزب، وبالرغم من أن رئيس الوزراء الأمين العام لحزب الدعوة، إلا أننا لا نستطيع أن نربط إجراءات الحكومة بهذا الحزب».
وأوضح الأديب أنّ «مجالس الإسناد غير مسلّحة، وتعمل على مساعدة الحكومة وتقديم المعلومات لها، وتهيئة متطوعين للشرطة الوطنية والشرطة المحلية، وبالتالي يكونون مسلّحين ضمن جهاز الشرطة، ويعملون ضمن ضوابط الحكومة».
وأشار الأديب إلى أنّ «اعتراض المجلس الأعلى الإسلامي على مجالس الإسناد سببه الوجود المكثّف للمجلس في موضوع تحشيد العشائر»، لافتاً إلى «خشية المجلس من أن تقوم الحكومة بأخذ هذا الحشد لمصلحة الأجهزة الوظيفية».
بدورها، وصفت «منظمة بدر» مجالس الإسناد بأنها «المشكلة المستقبلية» التي تنتظر العراق، على حد تعبير القيادي في المنظمة ضياء الدين الفياض، الذي قال «إذا كان القصد من إنشاء مجالس الإسناد دعم الحكومة المحلية، فيجب أن يكون ذلك بموافقة الحكومة المحلية»، معرباً عن تخوّفه من «حدوث مشاكل، في حال إنشاء مثل هذه المجالس دون إرادة الحكومات المحلية».
وتبدو الصورة واضحة بنظر الأحزاب السنّية العربية، التي تحدّث باسمها النائب عن جبهة «التوافق»، ظافر العاني، الذي رأى أنّ «الغاية من إنشاء مجالس الإسناد هي شراء (حزب الدعوة) ولاءات شيوخ العشائر بالمال ضدّ الطرف الآخر (المجلس الأعلى)».