واشنطن وبغداد ولندن، عواصم شغلتها الاتفاقيات الهادفة إلى شرعنة احتلال العراق في اليومين الماضيين. حتّى «الائتلاف العراقي الموحّد» الحاكم يريد تعديلها ومعه ديموقراطيّو الكونغرس وطبعاً الصدريّون الذين رفعوا الصوت عالياً
بغداد، واشنطن ــ الأخبار
انضمّ «الائتلاف العراقي الموحّد»، الذي يضمّ «المجلس الإسلامي الأعلى» وحزب رئيس الوزراء نوري المالكي «الدعوة الإسلامية»، إلى معارضي الاتفاقية الأميركية ـــ العراقية التي عُرضت مسوّدتها النهائية على الكونغرس، في انتظار قرار الكتل السياسية العراقية في رفضها أو إحالتها إلى الحكومة والبرلمان للتصويت عليها.
في هذا الوقت، وبالتزامن مع تظاهرة حاشدة نظّمها التيار الصدري للتعبير عن رفض المعاهدة، انطلقت مفاوضات الحكومتين العراقية والبريطانية للتوصل إلى اتفاقية مشابهة تحدّد الوضعية القانونية للقوات البريطانية التي ستبقى في بلاد الرافدين بعد نهاية العام الجاري. وكشفت مسوّدة الاتفاقية التي أطلع البيت الأبيض لجنتي القوات المسلحة في مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين على نصّها، أن التواريخ المحددة للانسحاب (نهاية 2011) «قابلة للتعديل بموجب اتفاقيات ثنائية»، ويمكن تقديمها أو تأخيرها تبعاً لـ«الظروف».
وأثار الشقّ القانوني والقضائي من المسوّدة تحفظات المسؤولين الأميركيين الديموقراطيين، ممثّلين برئيس لجنة القوات المسلحة فى مجلس الشيوخ كارل ليفين، لجهة إخضاع العاملين في الشركات الأمنية الأميركية والمقاولين للقانون العراقي في القضايا الجرمية. ولا يشمل هذا التدبير العسكريين الأميركيين إلا في حالات الجنح المتعمدة.
وبموجب الاتفاق، فإن أي عسكري أميركي بما في ذلك العاملون في وزارة الدفاع الأميركية يوقَف على أيدي السلطات العراقية يسلّم إلى السلطات الأميركية ولو ثبت تورّطه في مخالفات متعمّدة خلال قيامه بمهمة عسكرية.
ويعزو مطّلعون هذا الاستثناء إلى قلق أعضاء في الكونغرس الأميركي ممّا يسمّونه «المستوى البدائي للنظام القضائي العراقي»، مشيرين إلى أن الاتفاق ما زال قابلاً للتعديل.
وفي بغداد، رأى «الائتلاف العراقي» أن 7 من بنود الاتفاقية «تحتاج إلى تعديل»، لافتاً إلى أن ذلك يتطلب مزيداً من الوقت للنقاش والحوار، لكنه لم ينكر وجود «نقاط إيجابية» لم يحددها في مسوّدة الاتفاقية. ويرى مراقبون في هذا الموقف محاولة لكسب الوقت إلى حين الانتخابات الرئاسية الأميركية، وانتظار ما ستفرزه من متغيرات على الأرض العراقية ولا سيما في حالة فوز المرشح الديموقراطي باراك أوباما.
وكان رئيس الكتلة البرلمانية لـ«المجلس الأعلى الإسلامي العراقي»، الشيخ جلال الدين الصغير، قد أعلن في وقت سابق أمس وجود «7 فقرات في الاتفاقية بحاجة إلى تعديلات». وأوضح الصغير أن هذه النقاط السبع «التي تتعلق بطبيعة الحرص على السيادة الكاملة للعراق»، متّصلة بالولاية القضائية والسجون والمعتقلات وبطبيعة البريد الأميركي وطبيعة رقابة الحكومة العراقية عليه، منوّهاً بأنه سيقدم خلال اليومين المقبلين ورقة بالتعديلات المقترحة.
وكانت ساحة المستنصرية في العاصمة العراقية قد شهدت أول من أمس تظاهرة نظمها التيار الصدري لرفض الاحتلال والاتفاقية الأمنية، لم ترقَ إلى وصفها بالمليونية، غير أنها كانت حاشدة، حتّى إنّ الجيش الأميركي قدّر المشاركين فيها بـ150 ألف متظاهر.
وحذّر السيد مقتدى الصدر، في كلمة أُلقيت نيابة عنه، النواب العراقيين من مغبة توقيع الاتفاقية لأنها «لن تعطي السيادة ولن تنهي الاحتلال». وقال «الاتفاقية بين أيديكم ومصير العراق وسُمعته بين أيديكم، فإيّاكم والتصويت لها، بل عليكم التصويت ضدّها مهما كانت». وتابع الصدر «يأتي الآن دور البرلمان بعدما تخلت الحكومة عن مسؤولياتها وأحالت إليكم الاتفاقية. التوقيع عليها سيكون وصمة عار في جبين العراق وحكوماته عبر مرّ السنين كما كانت كامب ديفيد وسايكس بيكو وغيرها من الاتفاقيات المشؤومة التي ختمت جبين الإنسانية».
وتميّزت التظاهرة بحضور عن ممثلي الأكراد الشيعة (الفيليين) إضافة إلى وفد مسيحي يتقدمه رجال دين وآخر من سنّة البلاد المناهضين للاحتلال.
في هذا الوقت، كشف المالكي عن بدء المفاوضات بين حكومته ونظيرتها البريطانية، للتوصل إلى اتفاق أمني شبيه بذلك الذي يناقش مع واشنطن.
وشدد المالكي، خلال استقباله وزير الدفاع البريطاني ديس براون، على ضرورة «التوصل إلى اتفاق بين بغداد ولندن قبل نهاية التفويض الدولي في 31 كانون الأول المقبل». ونقل بيان صادر عن مكتبه قوله «إذا تمّت الموافقة من جانب المؤسسات العراقية على الاتفاقية مع الولايات المتحدة، فإن ذلك سيسهّل عقد اتفاقية مع بريطانيا حول مستقبل قواتها في العراق».
على صعيد آخر، وصل وزير خارجية البحرين خالد بن حمد الخليفة إلى بغداد حيث التقى الرئيس جلال الطالباني الذي قبل دعوته لزيارة المنامة. ودعا الخليفة جميع الدول إلى إلغاء ديونها المترتبة عن حكومة بغداد وذلك بعد يومين من وصول سفير بلاده صلاح علي المالكي إلى بغداد.


أبرز بنود مسودة الاتفاقية

ـ «للولايات المتحدة الحقّ الأوّلي بممارسة الولاية القضائية على قواتها والعنصر المدني في مخالفات تقع ضمن القواعد المتفق عليها، وأثناء حالة الواجب خارج القواعد العسكرية».
ـ «للعراق الحقّ الأوّلي بممارسة الولاية القضائية على أفراد القوات والعنصر المدني بشأن الجنايات الجسيمة والمتعمّدة التي ترتكب خارج القواعد وخارج حالة الواجب».
ـ «للعراق الحقّ بممارسة الولاية القضائية على المتعاقدين مع الولايات المتحدة ومستخدميهم».
ـ «تنسحب القوات الأميركية المقاتلة من المدن والقرى والقصبات بتاريخ لا يتعدّى حزيران 2009، بينما تنسحب جميع القوات بتاريخ لا يتعدّى 30 كانون الأول 2011».
ـ «تتمركز القوات المنسحبة في المنشآت والمساحات المتفق عليها، وتقع خارج المدن والقرى والقصبات التي سوف تحددها اللجنة المشتركة، لتنسيق العمليات العسكرية، قبل التاريخ المحدد».
ـ «تطلب حكومة العراق المساعدة المؤقتة من قوات الولايات المتحدة بغرض مساندتها في جهودها من أجل الحفاظ على الأمن، والاستقرار في العراق، بما في ذلك التعاون في القيام بعمليات ضد تنظيم القاعدة، ومجموعات إرهابية أخرى والمجموعات الخارجة عن القانون، بما في ذلك فلول النظام السابق».
ـ «لا يجوز للقوات الاميركية توقيف أيّ شخص إلا بموجب قرار يصدر عن القضاء العراقي».
ـ «في حال قيام القوات الأميركية بتوقيف أشخاص أو القبض عليهم، كما هو مرخّص به في الاتفاق، يجب تسليم الأشخاص إلى السلطات العراقية خلال 24 ساعة من توقيفهم».
(أ ف ب)