strong>الاحتلال يعاقب المزارعين بالاعتقال كلما تصدّوا لاعتداءات المستوطنينتعدّدت الاعتداءات، والهدف واحد والنتيجة واحدة. هجمات بالجملة على المزارعين في موسم قطف الزيتون، والنتيجة حرق عشرات الدونمات الزراعية وسرقة محاصيل وتدخّل جيش الاحتلال لمصلحة المستوطنين واعتقال العديد من أصحاب الأرض الذين تصدّوا للممارسات المتطرفة

رام الله ــ أحمد شاكر
تميّزت الاعتداءات هذا العام على مزارعي الزيتون في الضفة الغربية بتغطية إعلامية واسعة أحرجت إسرائيل، لكنها لم تقدم شيئاً للمزارعين الذين تحوّل جنيهم لمحصولهم إلى «حرقة قلب» نتيجة الممارسات الاستفزازية التي تتصاعد حدّتها. وأضحى الدفاع عن المحصول والأرض «جريمة» في نظر جيش الاحتلال الإسرائيلي تستحق الاعتقال، كما حصل مع المزارع الخمسيني محمد أبو هيكل.
ولم تكتف قوات الاحتلال بضرب أبو هيكل وإهانته أمام أهله، بل اعتقلته لأنه تصدى لقطعان المستوطنين عند اقتحامهم أرضه وسرقتهم لثمار الزيتون الذي قطفه بعناء كبير. زوجة أبو هيكل أدمعت وهي تروي تفاصيل هجوم المستوطنين. قالت «إن عدداً من المستوطنين اقتحموا الأرض وسرقوا الزيتون، واعتدوا علينا بالضرب والإهانة، وبعد قدوم زوجي والأهالي حصل اشتباك مع المستوطنين، وبعدها قدمت قوات معززة من الشرطة وجيش الاحتلال، واعتدت على المواطنين». وأشارت إلى أن جنود الاحتلال اقتادوا زوجها وابنيه إلى جهة مجهولة، وبعد ساعات أفرجت عن نجليها واحتجزت والدهما.
مدينة الخليل ليست وحيدة في مواجهة اعتداءات قطعان المستوطنين، إذ إن مدينة نابلس شمال الضفة نالت نصيبها من الهجمات. وتنوعت اعتداءات المستوطنين والجيش الإسرائيلي، فمنهم من يقوم بحرق مساحات من الأراضي المزروعة، ومنهم من يهاجم المزارعين ويستولي على منازلهم وأملاكهم ويعتدي عليهم بالضرب وإطلاق الرصاص في العديد من الحالات.
ونفذت مجموعات من مستوطني مستوطنة «يتسهار» المقامة على أراضي قرى جنوب نابلس، وعشرات من المستوطنين الآخرين خلال الأيام القليلة الماضية سلسلة اعتداءات أحرقوا خلالها أكثر من 300 دونم من الحقول المزروعة بأشجار الزيتون المملوكة لمواطنين من بورين وعصيرة القبلية وحوارة.
وقال سكان من القرى التي أقيمت عليها مستوطنة «يتسهار» إن اعتداءات شبه يومية يتعرضون لها من المستوطنين الذين ينتشرون في البساتين الزراعية بأعداد كبيرة. فالحاج يوسف قادوس (75 عاماً) من أبناء القرية يقول إن «المستوطنين أحرقوا 18 دونماً من أرض مزروعة بأكثر من 300 شجرة زيتون. وإن هذه هي المرة الثانية التي تحرق فيها أرضي».
وأضاف الحاج قادوس «إن جنود الاحتلال منعوا سيارات الإطفاء والدفاع المدني الفلسطينية من إخماد النيران إلا بعد أكثر من ساعتين من إشعال المستوطنين لها، هذا الأمر أدى إلى التهام النيران للمزروعات بالكامل».
من جهته، قال الحاج إبراهيم عبد الحق، وهو في السبعينيات من العمر من قرية نعلين غرب مدينة رام الله، إن أرضه ليست مبيعة ويملك الأوراق الثبوتية والخرائط التي تثبت ملكيته لها. وتابع «لا أحد فينا فرّط أو باع متراً واحداً من أرضي، صادروها بالقوة، أقاموا سابقاً بؤرة استيطانية، والآن يحاولون مصادرتها لمصلحة بناء الجدار العنصري».
ومنذ أشهر، يشارك عبد الحق أبناء قريته في التظاهرات ـــ شبه اليومية ـــ ضدّ أعمال المصادرة والنهب للأرض، حيث تقوم الجرافات تحت حراسة الجيش الإسرائيلي بأعمال حفر وخلع لأشجار الزيتون. وكان قد أصيب بحروق متوسطة بعد إصابته بقنبلة صوت أطلقها جنود الاحتلال تجاه مسيرة سلمية مندّدة ببناء الجدار والمستوطنات الإسرائيلية.
ويجلس عبد الحق في ظّل شجرة زيتون في الجبل المقابل لأرضه، ويقول: «لا أستطيع الوصول إلى أرضي لقطف ثمار شجرة الزيتون هذا العام، والجيش أعلن أنها منطقة عسكرية مغلقة. وكلما نقترب من الأرض يبدأ بإطلاق الغاز المسيّل للدموع وقنابل الصوت والغاز». وأضاف أن «المحاكم الإسرائيلية ترجئ بتّ القضية، لم يبق شيء لنا. صادروها وسلبوها، حتى أشجار الزيتون الرومي التي زرعها أجدادنا قلعوها ونقلوها إلى داخل الأراضي التي احتلت عام 1948».
وتوقّع وزير الزراعة في الحكومة المقالة في غزة محمد الآغا أن يبلغ الإنتاج في الضفة الغربية هذا العام 103700 طن من الزيتون، و19000 طن من زيت الزيتون، أما في قطاع غزة فتوقع أن يبلغ الإنتاج 12300 طن من الزيتون، و1450 طناً من زيت الزيتون. وقال إن هناك وعوداً إسرائيلية بنقل محصول الزيتون إلى غزة من الضفة الغربية، لعصره وتغطية العجز الموجود في القطاع من زيت الزيتون.
ونبه الآغا إلى محاولات استغلال التجار الإسرائيليين لبعض التجار والمزارعين الفلسطينيين، ومحاولة ابتزازهم لشراء زيت الزيتون منهم بأسعار بخسة لبيعها في الأسواق الإسرائيلية والخارج بأسعار مرتفعة.