طالبت مجلس الأمن بـ«تحميل المعتدي المسؤوليّة» حفاظاً على «استقرار» المنطقةدمشق، بغداد ــ الأخبار
نفى وزير الخارجية السوري وليد المعلم أمس الادعاء الأميركي بأن الغارة والإنزال الأميركيين استهدفا كبير مهرّبي المقاتلين الأجانب إلى العراق ويُدعى «أبو غدية». وقال لوكالة «رويترز» في لندن، إن الإدارة الأميركية «تتسم بالجهل ولن أضيع وقتي معها» جازماً بأن «هذا الادعاء غير صحيح وأنفيه بشكل قاطع».
وعن الخطوات الإضافية التي تنوي بلاده اتخاذها رداً على العدوان، ربط المعلم أي خطوة إضافية بالردود والإيضاحات التي ستتلقاها دمشق من واشنطن وبغداد، «وعلى أساسها نقرر خطواتنا المقبلة».
غير أن الخطوات الملموسة رداً على الاعتداء جاءت من دمشق، حيث قرر مجلس الوزراء السوري إغلاق كل من المدرسة والمركز الثقافي الأميركيين في دمشق، «وطلب من وزيري التربية والثقافة اتخاذ الإجراءات اللازمة للتنفيذ بالتنسيق مع الجهات المعنية».
ورغم انتقال حكومة بغداد من موقع تبرير الاعتداء الأميركي، إلى موقع رفض استعمال أراضي العراق «للاعتداء على أراضي دول الجوار»، قرّر مجلس الوزراء السوري تأجيل موعد اجتماع اللجنة العليا السورية ـــ العراقية الذي كان مقرراً انعقاده في بغداد 12 و13تشرين الثاني المقبل، وذلك في إطار «استنكاره واستغرابه الشديدين لما صدر على لسان المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ وتبريره غير المقبول وغير المسؤول لهذا العدوان».
أما الإجراء السوري الثالث، فعبّرت عنه رسالة من دمشق إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئاسة مجلس الأمن الدولي أبرز ما جاء فيها طلب بالتحقيق الدولي والعراقي «في أهداف هذا العدوان وخلفياته»، ومطالبة الحكومة العراقية «بتحمل مسؤولياتها لمنع تكرار استخدام أراضيها قاعدة لشن هذه الاعتداءات بشكل يتناقض مع ميثاق الجامعة العربية وميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي». وأضافت دمشق أنها «تتوقع من مجلس الأمن ومن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تحمل مسؤولياتهم لمنع تكرار هذا الانتهاك الخطير وتحميل المعتدي مسؤولية قتل المواطنين السوريين الأبرياء حفاظاً على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط».
وكان الدباغ أعلن بعد اجتماع لحكومته في بغداد أمس أن الحكومة العراقية «تجدد مطالبتها بإيقاف عمل المنظمات التي تتخذ من الأراضي السورية منطلقاً أو ممراً لتدريب الإرهابيين الذين يستهدفون العراق وشعبه وتسليحهم»، رافضاً في الوقت نفسه «قيام الطائرات الأميركية بضرب مواقع داخل الأراضي السورية، باعتبار ذلك جزءاً من سياسة الحكومة والدستور الدائم الذي لا يسمح بأن تكون أراضي العراق مقراً أو ممراً للاعتداء على دول الجوار». وكشف الدباغ عن أن حكومته «بدأت بالتحقيق في الحادث، داعية القوات الأميركية إلى عدم تكرار مثل هذه الأعمال».
كما أعرب البرلمان العراقي، في بيان، عن «قلقه» حيال الهجوم «المؤسف»، طالباً من «الحكومة إطلاعه وإطلاع الجانب السوري على نتائج التحقيق». كما دعا واشنطن إلى «تغليب لغة الحوار مع الشقيقة سوريا وفق ضوابط الشرعية الدولية والابتعاد عن أجواء التوتر».
بدوره، أشار نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى أنّ العدوان الأميركي على سوريا «يُعدّ عمل قرصنة ويتناقض مع القانون الدولي ودور سوريا في الحفاظ على أمن العراق واستقراره وتعاونها مع الحكومة العراقية لدعم الاستقرار والمصالحة الوطنية وإنهاء الاحتلال الأميركي».
وكان يوم أمس حافلاً بالمواقف المنددة بالجريمة الأميركية، في ظل صمت سعودي لافت. وأبرز ما ورد في هذا الإطار كان من القاهرة، حيث وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية حسام زكي غارة البوكمال بأنها «خرق جسيم لسيادة سوريا على أراضيها». ودعا زكي «جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي أعمال أو إجراءات أو تحركات من شأنها زعزعة الاستقرار في الإقليم أو أي من دوله والالتزام بمبادئ حسن الجوار، وخاصة في ظل الظروف المتوترة التي تشهدها المنطقة».
وكان موقف المتحدث باسم الحكومة الأردنية ناصر جودة مشابهاًَ، إذ رأى أن «هذا الهجوم يمثّل خرقاً لسيادة سوريا على أراضيها».
ونقلت وكالة «مهر» الإيرانية عن وزير الدفاع الإيراني العميد مصطفى محمد نجار توصيفه للغارة والإنزال الأميركيين بأنهما «دليل إضافي على نزعة واشنطن العدوانية»، رابطاً بين الجريمة و«الضغوط التي يمارسها الأميركيون المحتلون للعراق ضد الحكومة العراقية للتوقيع على الاتفاقية الأمنية».
في هذا الوقت، ادّعت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أنّ الهجوم الأميركي «نُسّق بين الاستخبارات العسكرية السورية ووكالة الاستخبارات الأميركية». وبحسب محلل الشؤون الاستخباراتية والاستراتيجية في الصحيفة، رونين برغمان، فإنه استقى هذه المعلومات من «مصدرين أميركيين لهما علاقة بالموضوع، وأحدهما تولى منصباً رفيعاً في وزارة الدفاع الأميركية في الماضي القريب». ونقلت «يديعوت» عن مصدر استخباري أوروبي قوله إن «منظومة الدفاع الجوي السوري التقطت المروحيات الأميركية، لكن عندما طلبت قوات الدفاع الجوي من قيادة سلاح الجو في دمشق إذناً بإطلاق النار جاءهم رد قاطع بعدم القيام بذلك».