بعدما حلّقوا بعيداً في المواقف التي أطلقوها خلال حملاتهم الانتخابية، سيكون مرشحو «كديما» على موعد مع العودة إلى الواقع لمواجهته مع انتهاء عملية الاقتراع
هآرتس ـ ألوف بن
ليس علينا إيلاء أهمية كبيرة للطرح المختلف للمرشحين الرائدين لقيادة حزب «كديما»، الوزيرين تسيبي ليفني وشاؤول موفاز. فقد كان مريحاً لكليهما أن يعرضا الخلافات في الرأي بينهما، كما لو أن تسيبي ليفني ستقود نحو السلام مع الفلسطينيين، بينما شاؤول موفاز سيقود «كديما» نحو «ليكود» رقم اثنين.
بعد الساعة العاشرة مساءً، لن يكون لهذه الفوارق مغزى. من يفوز في الانتخابات التمهيدية وينجح في تأليف حكومة سيضطر الى التصدي للواقع السياسي، للأسرة الدولية، وليس للمنتسبين ومقاولي الأصوات.
مشكلة موفاز هي انعدام الثقة الدولية. ذلك أن ليفني معروفة ومقبولة في العالم بفضل منصبها كوزيرة الخارجية. الرئيس جورج بوش يعرفها ويدعوها «زيفي». أما موفاز فيعرفونه أساساً بشخصيته العنيفة في وسائل الإعلام، وهو سيكون مطالباً بأن يبدي قدراً أكبر من المرونة في مواقفه السياسية كي يُقبل في بلاط زعماء القوى العظمى والدول العربية. لنفترض أن رئيس الحكومة موفاز سيدعى إلى البيت الأبيض. فهل يجرؤ على أن يقول لبوش إن مسيرة أنابوليس مع الفلسطينيين كانت هراء؟ وإنه محظور الحديث في «مسائل اللباب»، وإنه يجب العودة الى الجمود واقتراح «سلام اقتصادي» في المناطق الفلسطينية؟ وإن كل جهود بوش ورايس كانت لا داعي لها؟ لنراه يعرض مواقف كهذه في الغرفة البيضاوية. معقول أكثر أن يكون ثمن بطاقته إلى واشنطن التزاماً علنياً بمحادثات أدارها اولمرت مع ابو مازن، وتذكر ايام فك الارتباط من غزة.
ليفني يمكنها أن تظهر تصلباً أكثر من موفاز في المجال السياسي، بسبب مواقفها العلنية المعتدلة والمحادثات التي أدارتها مع أبو علاء. مشكلتها توجد في الجانب الأمني. فهي ستكون مطالبة في أن تثبت بأنها ليست «عصفورة» وأن تقود أمة في الحرب، من دون أن تبدو كدمية بيد وزير الدفاع إيهود باراك. وعلى بوابتها يقبع خطر الانجرار الى مغامرة أمنية، تبدو جيدة في المداولات التمهيدية وتنتهي بكارثة. ستضطر ليفني أن تتذكر كل يوم من جديد كارثة حرب لبنان الثانية وأن تحذر من الخطط العملياتية المغرية ومن الضغط الجماهيري. سيحتاج المرشحان لصورتهما على الكرسي العالي لرئيس الوزراء كي يتغلبا على الشكوك القائمة تجاههما بين الجمهور. يسألون عن ليفني ــــ هل هي ناضجة لهذه المسؤولية؟ وعن موفاز ــــ هل فضلاً عن تجربته العسكرية لديه حلول لمشاكل الدولة؟ من سيفوز سيتعين عليه أن يتدفأ بضعة أشهر في موقف الزعامة الوطنية قبل أن يتمكن من أن يتنافس في الانتخابات وأن يفعل هذا دون أن يخرب صورته النقية من الفساد. المعنى هو أنه ابتداءً من العاشرة ودقيقة هذا المساء، ستبدأ لعبة القمار السياسي بين رئيس «كديما» الجديد وزعماء «شاس». أوراق الطرفين إشكالية: للوهلة الاولى، يكفي لـ«كديما» أن يوقّع على شيك كبير لـ«شاس» فيتمتع بائتلاف مريح هو استمرار للائتلاف القائم. ولكن استجابة سهلة أكثر مما ينبغي لمطالب إيلي يشاي المالية ستغضب الناخبين العلمانيين الذين يصوّتون لـ«كديما» ولا سيما اذا ما فازت ليفني المتجهة نحو هذا الجمهور.
«شاس» تمسك ظاهرياً بالمفتاح لتأليف حكومة بديلة، لكن يحوم فوقها تهديد من أنه إذا بالغت في مطالبها فستواجه ائتلافاً من ستين عضو كنيست مع حركة «ميرتس»، وهو ما سيجرّ حركة «شاس» الى الانتخابات من موقع المعارضة، ومن دون إنجازات لناخبيها.


لنفترض أن رئيس الحكومة موفاز سيدعى إلى البيت الأبيض. فهل يجرؤ على أن يقول لبوش إن مسيرة أنابوليس مع الفلسطينيين كانت هراء؟ وإنه محظور الحديث في «مسائل اللباب»؟ وإن كل جهود بوش ورايس كانت لا داعي لها؟ لنراه يعرض مواقف كهذه في الغرفة البيضاوية