30% من مشتركي الكهرباء يستأثرون بـ70% من الطاقة الموزّعةمحمد وهبة

1- ما هي الأسباب التي دفعت مجلس الوزراء إلى استثناء بيروت من التقنين مجدّداً، علماً بأن الذريعة كانت أن بيروت تدفع أكثر من غيرها، فهل صحيح أن مالية كهرباء لبنان كانت ستتأثر لو وُزّعت الكهرباء بعدالة على المناطق؟

كان نواب المناطق يطالبونني بمساواة المناطق ببيروت في عدد ساعات التغذية بالكهرباء، فأدرجنا الموضوع في البيان الوزاري، وعندما بدأ التنفيذ تعرّض مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان لضغوط منعت وضع جدول جديد للتقنين، ثم بدأت الحملة ضدي فقررت رفع الموضوع إلى مجلس الوزراء، ورددنا على الذرائع المقدّمة لاستثناء بيروت، ولا سيما الجانب الأمني الذي طرحه النائب جان أوغاسبيان، لأن الضرورات الأمنية موجودة في طرابلس وتنسحب على كل لبنان.
وإذا افترضنا أن أي منطقة تحصل على 24 ساعة تغذية بالتيار، فبالتالي تحصل على دعم أكثر بكثير من منطقة لا تحصل إلا على 12 ساعة تغذية، لأن سكان المناطق المنخفضة التغذية يعتمدون على المولدات الخاصة لتغطية حاجاتهم، بينما مَن لديه كهرباء على مدار الساعة لا يدفع كل الكلفة الإضافية، لأن الدولة تدعم 80 في المئة من فاتورة الكهرباء للمواطن عبر تغطية عجز مؤسسة الكهرباء، علماً بأن نسبة الجباية تبلغ 95 في المئة في كل لبنان، ولدينا نسبة 15 في المئة هدر فني، وقد ارتفعت نسبة الهدر غير الفني «سرقة الكهرباء» بسبب الأوضاع الأمنية أخيراً إلى 25.5 في المئة بينما كانت 17.5 في المئة، كما تمثّل نسبة الديون المتهالكة (المشكوك في تحصيلها) في بيروت وجبل لبنان 55 في المئة من مجمل هذا النوع من الدين لأنهم يستهلكون كهرباء أكثر، في مقابل 45 في المئة لبقية المناطق. وهذه الأرقام غير مؤثرة لأن قيمتها لا تتجاوز 20 مليون دولار، بل المشكلة الأساسية في العجز البالغ 1.5 مليار دولار.

2- هل جرى إجهاض الإجراءات التي يمكن القيام بها لتحسين التغذية بالتيار الكهربائي بعدما فشل موضوع استجرار الغاز من مصر؟

تشغيل المعامل على الغاز لا يزيد من كمية الكهرباء المنتجة إلّا بشكل بسيط، لكنه يخفّف كلفة إنتاج الكهرباء لأنه أوفر من الفيول والديزل أويل، وكانت مصر تعتزم إعطاءنا أقل من نصف الكمية المتفق عليها، وقد قالوا إن هناك أسباباً تقنية تحتم تأجيل استجرار الغاز حتى مطلع السنة. لكن لا نعرف لماذا خفضت الكمية. أما بالنسبة إلى زيادة كميات الكهرباء، فإنّه يمكن إنشاء معامل إنتاج جديدة أو استجرار الطاقة من الخارج. وبالنسبة إلى الخيار الثاني لم نتفق مع مصر بعد على كلفة الكيلوات ساعة، وإذا اتفقنا على الأسعار في الاجتماع المقبل في مصر، يمكننا تحسين التغذية بالتيار بشكل كبير، وسنحصل على أكثر من 150 ميغاوات، ففي الاجتماعات الأخيرة الخاصة بالربط السداسي تجاوبت الأردن وسوريا لتوريد الكميات الفائضة عنهما إلى لبنان، وبالتالي ستبلغ الكمية 450 ميغاوات، مما يحسّن قدرتنا بما بين 30 و35 في المئة علماً بأننا ننتج في أوقات الذروة في الصيف 1500 ميغاوات، لكن الأردن وسوريا قد تحتاجان إلى كميات في أوقات الذروة صيفاً.
وكانت لدينا مشكلة واحدة تتمثل في أن محطة كسارة لا تستوعب إلا 250 ميغاوات لكن تبيّن أنه يمكن استجرار الكميات التي لا يمكن محطة كسارة نقلها، عبر الشبكة الداخلية لسوريا باتجاهنا في محطتي عنجر والشمال.

3- استجرار الطاقة من مصر سيرفع حجم الإنفاق العام على الكهرباء، فهل تعتقدون أن هناك عرقلة مقصودة؟، المعروف أن التقنين في السابق كان «قسرياً» حتى تتحكّم وزارة المال في إنفاق الخزينة؟

نخشى أن يتحول الأمر إلى ما يشبه موضوع الغاز الذي ننتظره منذ سنوات ولم يأتِ بعد، فالأمر مرتبط أيضاً بالسعر الذي سنحصل عليه لقاء الكهرباء، إذا كان يساوي السعر المحليّ، أي زيادة في ساعات التغذية بأسعار مرتفعة كتلك التي تدفعها مؤسسة كهرباء لبنان، فستصبح العملية حسابية، لأنها سترتبط بزيادة الدعم وبالعجز المتوقع، وفي هذه الحالة يجب الحصول على موافقة مجلس الوزراء، أما إذا حصلنا على أسعار أقل وفق الأكلاف المعروفة في إنتاج الطاقة على الغاز، (مصر ستمدّنا بكهرباء منتجة على الغاز) فيجب أن لا يزيد العجز، لأن الكهرباء الإضافية التي ستوزّع على المشتركين ستجري فوترتها وقبضها بشكل عادي.


4- هل يرتبط هذا الأمر بإعادة النظر بالتعرفة؟

ندرس وضع ثلاثة أنواع من التعرفة للكهرباء: تعرفة اجتماعية للذين يحتاجون إلى الدعم، تعرفة للصناعيين مدعومة أيضاً، تعرفة تتدرج صعوداً لتساوي سعر الكلفة لأصحاب الاستهلاك الأكبر وللدولة، فالدراسة التي أجريناها تهدف إلى تحديد السعر وفقاً لقاعدة «من يستهلك كثيراً ليس بحاجة إلى الدعم»، فمَن يستهلك كهرباء أكثر يدفع أكثر بشكل يخفّف من قيمة الدعم، علماً بأن هناك 700 ألف مشترك في الكهرباء يستهلكون 30 في المئة من مجمل الطاقة الكهربائية. وليس ذنب الصناعة إذا لم تؤمّن لها الدولة آليات التخفيف من كلفة الإنتاج لتعزيز قدرتها التنافسية الخارجية.

5- هل يمكن الاستحصال على موافقة سياسية على تعديل التعرفة على أبواب الانتخابات؟

لمَ لا، إذا كان الدعم يغطي 70 في المئة من المواطنين.


6- هل توافق على أن هناك تدميراً منهجياً لقطاع الكهرباء على مدى 10 سنوات لتبرير خصخصته وبيعه؟

لا شك في أن هناك خطة محكمة لتدمير القطاع، وتكفي الإشارة إلى ما تواجهه المؤسسة على الصعيد المالي، إذ يجري حجز أموالها لتسديد ثمن المحروقات ولا يُسمح لها باستخدام أي مبلغ للصيانة أو التطوير أو تمويل إنشاء معامل جديدة، فمثلاً تضمّنت دراسة «E7» إنفاق 40 مليون دولار لتركيب فلاتر وإجراء صيانة على معمل الذوق، بهدف خفض استهلاك الفيول لأن المولدات الحالية تستهلك 10 في المئة إضافية، وبالتالي يمكن تعويض هذه الكلفة في خلال سنة ونصف سنة، عدا عن كلفة التلوث التي لا نعرفها، ولكن المبلغ لم يتوافر!

7- هناك من يسوّق لمشروع خصخصة القطاع وكأنه الحل السحري لأزمة الكهرباء وكلفتها ومشكلة إنشاء المعامل الجديدة؟ هل أنت مع هذا الحل؟

لست ضد الخصخصة بالمطلق، ولا سيما إذا كانت ستؤدّي إلى إنشاء سوق حرة يتنافس فيها أكبر عدد ممكن من منتجي الكهرباء ليقدموا أرخص سعر للمستهلك... ولكن لديّ تحفظات على طريقة الخصخصة المطروحة في مجال الكهرباء في لبنان، فالمطروح أن ترتبط الدولة مع القطاع الخاص بعقود لإنشاء معامل إنتاج جديدة، وعليها أن تضمن شراء إنتاج الطاقة الكهربائية من هذه المعامل لمدة لا تقل عن 25 سنة، أي إن الدولة مجبرة على الشراء من أصحاب هذه العقود حتى ولو توفّر لها مصادر أخرى أرخص. كذلك معظم الدراسات التي بين أيدينا تثبت أن القطاع الخاص سيطالب بضمانات وأرباح على استثماراته بما لا يقل عن 20 في المئة، وهذا لا ينطبق على استثمارات القطاع العام، إذ لا وجود لمبدأ الربح التجاري، وهناك قدرة على الحصول على تمويلات بأكلاف أقل... لذلك أقترح قيام شراكة بين الدولة التي تمول إنشاء معامل إنتاج جديدة والقطاع الخاص الذي يتولى صيانتها وتشغيلها وإدارتها، ومن الضروري أيضاً، تشركة مؤسسة كهرباء لبنان لتصبح شبيهة بالميدل إيست ليكون لديها مرونة أكبر.


كلفة إضافية باهظة