حذرت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، أمس، من «هرولة إيران نحو القنبلة النووية»، في ظل عدم كفاية الضغط الدولي لردعها عن ذلك، وسط سعيها إلى تحويل محور المقاومة الذي تتزعمه إلى القوة المهيمنة تدريجاً في الشرق الأوسط
محمد بدير
قدّم رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، العميد يوسي بايدتس، عرضاً استخبارياً أمام الحكومة الإسرائيلية قال فيه إن إيران تمكّنت حتى الآن من تخصيب كمية من اليورانيوم تكفي لثلث أو نصف قنبلة نووية.
وأوضح بايدتس أن «إيران تركّز جهدها في مجال تخصيب اليورانيوم وتطوّر أجهزة الطرد المركزي في (منشأة) كاشان»، مشيراً إلى أن الخبراء الإيرانيين يخصّبون وفقاً لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية 60 غراماً من غاز سداسي الفلوريد في الساعة، «ما يعني أنهم تمكّنوا حتى الآن من مراكمة ثلث إلى نصف كمية المادة المنشطرة المطلوبة لـ(صناعة) القنبلة الأولى». وأضاف «إيران تسيطر على تكنولوجيا التخصيب، وبذلك فإنها تعدو نحو القنبلة النووية».
ورأى الجنرال الإسرائيلي أن «الضغط الدولي غير كافٍ» وأن «محور وكالة الطاقة في مقابل إيران لا يؤدي إلى نتائج، فيما لم يُتوصّل بعد إلى جولة رابعة من العقوبات داخل مجلس الأمن»، محذراً من «تنامي ثقة الإيرانيين بأنفسهم» في ضوء «اعتقادهم بأن المجتمع الدولي ليس قوياً كفاية لوقفهم».
وشدد بايدتس على أن «الوقت يلعب لمصلحة الإيرانيين، سواء على مستوى المجتمع الدولي المتصدّع، أو على مستوى القدرة لإنتاج مواد منشطرة». وإذ أقرّ بـ«تأثير معيّن للعقوبات على إيران»، استبعد أن يكون هذا التأثير «ذا وزن حاسم».
وقال الرجل الثاني في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية إن إيران تواصل تهريب السلاح إلى حزب الله، وإنها تعزز علاقتها بسوريا، وتعزز «المنظمات الإرهابية الفلسطينية»، وذلك «في محاولة لوضع نفسها على رأس معكسر المقاومة المتطرفة في المنطقة التي ستتحول تدريجاً إلى القوة المهيمنة في الشرق الأوسط».
وتطرق بايدتس إلى سوريا، فرأى أنها «تسير في اتجاهين متناقضين: التقرّب إلى الغرب وتعميق دورها في المحور الراديكالي». وأشار إلى أن زيارة الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، إلى دمشق والقمة الرباعة التي عقدت فيها قبل نحو أسبوعين ساعدتا على جعل سوريا لاعبة في المنطقة «من دون أي ثمن حتى الآن». وأضاف: «السوريون مستعدون لمواصلة الاتصالات مع إسرائيل، وهم يخشون من أن تصل القناة التركية إلى نهايتها في ضوء التطورات السياسية الأخيرة في إسرائيل»، ذاكراً أنهم «أرسلوا تحذيراً إلى (زعيمة حزب «كديما» تسيبي) ليفني بأنها سوف تُفحص وفقاً لاستعدادها للاستجابة لمطالب السلام مع سوريا».
وبحسب بايدتس، فإن سوريا «تنقل الأسلحة والذخيرة إلى لبنان، وتعمّق علاقتها بطهران، وتتسلّح بدفاعات جوية وأسلحة مضادة للدروع من خلال مساعدة روسية وإيرانية. وهي تحاول استغلال أحداث جورجيا لأجل الحصول على منظومات تسليحية متطورة».
وفي ما يتعلق بحزب الله، رأى بايدتس أنه «يوحي بأنه لا ينوي شنّ حرب، ويحاول استهداف طائرات إسرائيلية، ويواصل استغلال فترة التهدئة من أجل زيادة قوته كمّاً ونوعاً ومن أجل الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل، وسط (عمليات) مكثّفة لنقل أسلحة إلى لبنان».
وعرّج بايدتس على الوضع في قطاع غزة، فأشار إلى احتمال تضعضع التهدئة. وقال إن «المنظمات الإرهابية الفلسطينية، بما فيها حماس، مشغولة بإعداد عمليات، والمنظمات الصغيرة تدحرج عملياتها باتجاه سيناء».
إلى ذلك، رأى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، موشيه يعلون، أن المواجهة العسكرية مع إيران حتمية، داعياً المجتمع الدولي إلى التعامل مع الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، مثلما تعامل في الماضي مع زعيم ألمانيا النازية، أدولف هتلر.
وقال يعلون، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية، «لا يزال ممكناً وقف إيران بالوسائل السياسية والاقتصادية، وإذا لم يتم ذلك، فلا مفر من مواجهة عسكرية».
ووصف يعلون فترة ترؤس خليفته دان حالوتس لرئاسة أركان الجيش الإسرائيلي بأنها «مأساة». ورأى أن نتائج حرب لبنان الثانية مشابهة لنتائج حرب تشرين الأول عام 1973 لجهة أن الفشل فيها «مرتبط بالأشخاص لا بالدولة». وأضاف أن الحرب الأخيرة على لبنان لم تحقق شيئاً، «وكان على إسرائيل أن تفكر في كيفية إنهاء الحرب في 12 تموز (أي في يوم شنّها)، وهو أمر لم يحدث للأسف. ومما لا شك فيه أن القرار 1701 تآكل بصورة تتعارض مع المصالح الإسرائيلية، وحزب الله يواصل تسلّحه ولا تجري معاقبة الإيرانيين والسوريين».